على خط المواجهة في شرق أوكرانيا، يشكّ الجنود المنهكون من المعارك في أن العقوبات الأميركية ضد موسكو وطلب كييف مساعدة حلف شمال الأطلسي، سيردعان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
في تصدٍّ لأكبر انتشار للقوات الروسية على الحدود الأوكرانية منذ عام 2014، طلب الرئيس فولوديمير زيلينسكي المزيد من المساعدة الملموسة من الغرب، لكن عدداً كبيراً من الجنود الأوكرانيين يقولون إنهم يعرفون أنهم لوحدهم.
الاعتماد على النفس
وقال الجندي تاراس ميكيتسيه (52 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية في قرية زايتسيفي الواقعة إلى الشمال من دونيتسك معقل الانفصاليين، "علينا أن نعتمد فقط على أنفسنا".
وتدعم روسيا الانفصاليين الذين أقاموا "جمهوريتين شعبيتين" في شرق أوكرانيا.
وأضاف ميكيتسيه، واضعاً خوذة ومرتدياً سترة واقية من الرصاص، "فيما ننتظر إرسال الدعم إلينا، بوتين لن ينتظر".
وأبدى يوري، وهو رقيب يبلغ من العمر 29 سنة ومقره قرب بلدة شيستيا في منطقة لوغانسك المجاورة، رأياً مماثلاً، قائلاً إنه لا يتوقع وجود جنود غربيين هنا قريباً.
وتساءل "أي بلد أجنبي سيرسل شعبه إلى الموت؟".
وأضاف يوري الذي رفض ذكر اسمه الأخير، أن الرئيس الروسي لن يستسلم.
وقال "يمكن للعقوبات والمفاوضات أن تكبح جماح روسيا قليلاً، لكن عموماً هذه المفاوضات بالنسبة إلى بوتين تشبه ذرّ الرمل في وجه الريح".
عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن "دعمه الثابت" لزيلينسكي وفرضت واشنطن هذا الأسبوع عقوبات جديدة على موسكو بسبب تدخلها في الانتخابات الرئاسية الأميركية ونشاطات عدائية أخرى.
وبعد محادثات في باريس، أمس الجمعة، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، دعا الزعيم الأوكراني إلى قمة رباعية مع بوتين واستئناف اتفاق وقف إطلاق النار الذي انهار بسبب اشتباكات متجددة بين قوات كييف والانفصاليين.
خط المواجهة
تحت سماء الربيع الرمادية، يمكن سماع أصوات العصافير على خط المواجهة لكن هذا الهدوء لا يخفي تصاعد التوتر والاشتباكات اليومية.
قتل حوالى 30 جندياً من القوات الأوكرانية منذ بداية العام مقارنة بـ50 العام الماضي. وكان معظمهم ضحايا طلقات القناصة.
وقال يوري (43 سنة)، من أحد الخنادق قرب زايتسيفي، إن "جندياً قتل وأصيب اثنان آخران من كتيبتنا هذا الأسبوع" في انفجار.
وأضاف يوري، الذي رفض أيضاً الكشف عن اسمه الأخير، أن الانفجار نجم عن لغم أرضي روسي الصنع.
تبرير عملية عسكرية
ويتّهم الجيش الأوكراني موسكو بالسعي لإثارة موقف من شأنه أن يبرر عملية عسكرية.
وقال فيكتور غانوشاك، نائب قائد العملية العسكرية الأوكرانية في الشرق، من بلدة أفديفكا الواقعة على مسافة حوالى ستة كيلومترات شمال دونيتسك، إن "مهمة العدو هي إحداث أكبر عدد ممكن من الخسائر وإثارة رد عسكري".
ونفت روسيا إرسال أسلحة وجنود عبر الحدود، وهي تقول إن تحركات قواتها لا تشكّل تهديداً لأحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقتل أكثر من 13 ألف شخص في النزاع الذي اندلع بعدما أطاحت انتفاضة شعبية في كييف رئيساً يدعمه الكرملين وتحرّكت موسكو وضمت شبه جزيرة القرم عام 2014.
وحاول بعض الجنود الأوكرانيين تفسير استعراض القوة الروسية، فيما وصفه آخرون بأنه "مجرد مناورات".
وقال الرقيب يوري "لو كان اعتداء، لتمّ بهدوء أكبر من دون ضجة كبيرة".
وأشار ميكيتسيه إلى أن ما تخطط له روسيا غير واضح. وتساءل "هل يستعدون لهجوم أم أنها تدريبات عسكرية؟".
وتابع "مهمتنا هي منعهم من المضي أبعد من ذلك. لدينا ما يكفي من الرجال والعتاد".
على مدى السنوات السبع الماضية، عززت أوكرانيا قواتها بفضل المساعدة الغربية، ويقول جنود كييف المتمرسون في القتال إنهم جاهزون في حال تكرار موسكو عدوانها الذي حصل عام 2014.
وأكد غانوشاك "نحن مستعدون لأي سيناريو. هذه أرضنا وسندافع عنها".