قال صندوق النقد الدولي، إن العالم يمكن أن "ينهي الوباء" في منتصف عام 2022 من خلال تطعيم 60 في المئة من السكان بتكلفة 50 مليار دولار أميركي، حيث تعهدت الدول الغنية والشركات المصنعة للقاحات بمعالجة عدم المساواة الذي يقوض الاستجابة العالمية لفيروس كورونا. وأَضاف في تقريره الصادر في قمة الصحة الافتراضية لمجموعة العشرين يوم الجمعة 21 مايو (أيار)، أن البلدان التي لديها إمدادات كافية من اللقاحات يمكن أن تتبرع بمليار جرعة في عام 2021، حتى مع الاستمرار في إعطاء الأولوية لتحصين سكانها ضد "كوفيد-19".
وإلى جانب التمويل المسبق، ستؤدي تبرعات اللقاح بحسب تقديرات الصندوق إلى إنهاء الوباء بشكل أسرع، وإنقاذ ملايين الأرواح وتحقيق فوائد اقتصادية تبلغ حوالى تسعة تريليونات دولار من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2025.
سيكون قد فات الأوان
من جانب آخر حذر صندوق النقد الدولي من أنه "في غياب الإجراءات العاجلة، قد يتعين على عديد من الاقتصادات الناشئة والنامية الانتظار حتى نهاية عام 2022 أو ما بعده للسيطرة على الوباء". وأضاف، "سيكون عند ذلك قد فات الأوان ليس فقط بالنسبة لتلك البلدان ولكن أيضاً للعالم".
الرقم البالغ 50 مليار دولار أميركي ضئيل مقارنة مع مبلغ 16 تريليون دولار أميركي، الذي يقدر صندوق النقد الدولي أن البلدان قد أنفقتها بالفعل على دعم الأسر والشركات أثناء الوباء، لكن بعض خبراء الصحة يقولون إن أكبر العوائق التي تحول دون حملات التطعيم لا تتمثل في التمويل، ولكن اللوجستيات والسياسات الوطنية.
تم إطلاق صندوق النقد الدولي لاقتراحه في الوقت الذي أبلغت فيه أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، خلال الاجتماع الافتراضي، أن الاتحاد الأوروبي سيتبرع بما لا يقل عن 100 مليون لقاح للدول الفقيرة بحلول نهاية العام، بما في ذلك 30 مليون جرعة من كل من ألمانيا وفرنسا.
في حين أن بعض البلدان بدأت في الاحتفال بانخفاض معدلات الإصابة وحملات التطعيم الناجحة والعودة إلى بعض مظاهر الحياة الطبيعية، فإن حالات عدوى "كوفيد" العالمية في الوقت الحاضر هي في بعض أعلى المستويات منذ بداية الوباء.
وقال رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراجي الذي استضاف الاجتماع الافتراضي، "بينما نستعد للوباء المقبل، يجب أن تكون أولويتنا هي ضمان التغلب على الوباء الحالي معاً". وأضاف، "يجب علينا تطعيم العالم، والقيام بذلك بسرعة".
ضرورة تطعيم 40 في المئة من سكان العالم بنهاية 2021
كما تعهدت شركتا "فايزر" و"بيونتيك" بتزويد الدول الفقيرة بمليار جرعة بأسعار مخفضة في عام 2021، ومليار جرعة أخرى في عام 2022. في وقت أصبحت اللقاحات التي حققتها الشركات الدعامة الأساسية لحملات التطعيم في أوروبا والولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحتى الآن، تم إعطاء حوالى 1.6 مليار لقاح في جميع أنحاء العالم من بين سكان العالم البالغ عددهم نحو ثمانية مليارات، وفقاً لبيانات "فايننشال تايمز". لكن حملات التطعيم لا تزال تتعطل بسبب الصعوبات العملية والسياسية.
وعلى الرغم من أن بريطانيا قد لقحت 60 في المئة من البالغين بجرعة واحدة على الأقل من لقاح "كوفيد"، إلا أن معظم البلدان الأفريقية قامت بتحصين أقل من واحد في المئة من سكانها. وقال صندوق النقد الدولي، إن العالم يجب أن يهدف إلى تطعيم 40 في المئة من جميع سكان البلدان بحلول نهاية عام 2021، وما لا يقل عن 60 في المئة بحلول منتصف عام 2022.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، للقمة الافتراضية، "لا يتطلب الاقتراح التزامات فحسب، بل يتطلب تمويلاً مقدماً وتبرعات لقاحات مقدمة واستثمارات احترازية" معرضة للخطر. وأضافت، "من الضروري أن يتوفر التمويل اللازم على الفور".
ويذكر أنه تم تقييد التصنيع هذا العام بسبب نقص المواد الرئيسة، وتعطل العرض بسبب ضوابط التصدير في كبار المنتجين مثل الهند. في حين أثار احتمال أن يقوض الفيروس المتحول فعالية اللقطات الحالية، مخاوف من أن الوباء قد يستمر، حتى إذا تم التغلب على مشكلات التصنيع والإمداد.
منع انتشار المتحورات الجديدة من "كوفيد"
ولمنع انتشار المتحورات الجديدة من الفيروس الأكثر ضراوة من "سارس- كوفيد- 2"، حدد صندوق النقد الدولي أيضاً الحاجة إلى الاستثمار في النشر الواسع لمبادرات الاختبار والتتبع كإجراءات احترازية.
وقال صندوق النقد الدولي، إن الإجراءات المقترحة يمكن تمويلها من خلال منح 35 مليار دولار من الدول المانحة و15 مليار دولار من الحكومات الوطنية. ستشمل التبرعات البالغة 35 مليار دولار زيادة قدرها أربعة مليارات دولار في التمويل المسبق لمبادرة "كوفاكس" الدولية لزيادة تغطية التطعيم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل من الهدف الحالي البالغ 20 في المئة إلى 30 في المئة بحلول نهاية هذا العام.
وأشار التقرير إلى أن القدرة على إنتاج اللقاح أصبحت بالفعل أقل قيداً على التطعيم مما كان يُخشى في السابق. وتوقع صندوق النقد الدولي "بشكل متحفظ" "إنتاج وإعطاء ما لا يقل عن ستة مليارات جرعة لقاح في جميع أنحاء العالم بحلول نهاية عام 2021 .
وقال توماس بوليكي، الزميل البارز في المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية، إن اقتراح صندوق النقد الدولي كان "مفيداً لحث الناس على التفكير في ما هو مطلوب"، لكنه حذر من أن المال "ليس بديلاً عن القيادة السياسية". وأضاف، "لم يكن التحدي هو التمويل، بل كان عدم استعداد القادة في جميع أنحاء العالم للانخراط في هذه الإجراءات قبل تلبية احتياجات اللقاحات المحلية. سيستغرق الأمر أكثر من المال لإخراجنا من هذا الأمر".