يتمثل خطر فشل الحكومة في السيطرة على سلالة "دلتا" من فيروس كورونا، في إغلاق جديد. وسيكون هذا أمراً رهيباً من الناحية الاقتصادية، لذا فإن قرارها بتأخير رفع القيود المتبقية بسبب الجائحة هو القرار الصحيح.
ومن ناحية أخرى، يعني التأخير أربعة أسابيع أيضاً أن التاريخ الجديد لإعادة فتح المدارس يتزامن مع الوقت الذي ستغلق فيه المدارس أبوابها في عطلة الصيف، الأمر الذي ينشئ مساحة إضافية صغيرة لالتقاط الأنفاس من خلال إزالة مصدر محتمل لانتشار المرض، على افتراض عدم حصول مزيد من التأخير.
في المقابل، يبدو مدهشاً ذلك القرار الموازي بالمضي قدماً في قيود كورونا، من دون معالجة التكاليف الاقتصادية.
واستطراداً، سيبدو ذلك كأنه ضربة موجهة بقوة ثقيلة إلى أجزاء مهمة من الاقتصاد. إذ ستترك من دون مساعدة، تلك الشركات التي أنفقت المال على الإمدادات استناداً إلى توقعها رفع القيود. وصار مفروضاً على الشركات أن تجمد (مرة أخرى)، الاستمرار في الخطط (المتعلقة بعودتها إلى العمل).
وبذا، يُعتبر سماح الحكومة بنشوء هذا الوضع أمراً أكثر من سيّئ، خصوصاً أنها تتمتع بالفعل بسجل لا تُحسد عليه في هذا الصدد.
ولعل مخاوفها في شأن الاقتراض مفهومة، لكن دفع أجزاء كبيرة من شركات المملكة المتحدة إلى حالة من الجمود يشكل آخر ما ينبغي لها أن تفعله في معالجة هذا الأمر.
إذ يتلخص السبيل إلى التعامل مع الدين في التعافي والنمو. وبذا، يتساءل المرء لماذا يبدو هذا المفهوم صعب الإدراك لدى وزير المالية ريتشي سوناك. ومع انتهاء قمة مجموعة الدول السبع للتو، برز تناقض واضح ونادر مع جرأة إدارة بايدن على الضفة الأخرى المحيط الأطلسي (إشارة إلى برنامجها الضخم في الدعم).
وفي ذلك الملمح، يتمثل أفضل ما يحدث في أن برنامج الحكومة بشأن الاحتفاظ بالوظائف، يشكل إحدى أفضل سياساتها. إذ إنه مكسب لا لبس فيه ضمن حزمة الدعم الاقتصادي التي وُزعت على دفعات.
وإلى حد كبير، عمل ذلك البرنامج على منع أزمة صحية عامة من التحول إلى أزمة وظائف كاملة النطاق، مع كل العواقب الخبيثة التي قد تترتب على الأخيرة (الديون، والكساد، والإدمان، والتفكك الأسري، والجريمة، وما إلى ذلك).
وهناك من الحجج ما قد يكفي لأن يرفق برنامج الاحتفاظ بالوظائف مع طرح اللقاحات، ضمن القائمة القصيرة للغاية لـ"الإجراءات التي أجادتها الحكومة أثناء الجائحة".
في المقابل، يتمثل الفارق بين الإجراءين في أن الحكومة نالت من الفضل عن الإجراء الأخير قدراً أعظم كثيراً مما تستحقه، إذا أخذنا في الاعتبار أن الإنجاز الحقيقي حققه علماء وجيش من العاملين في هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، وقد عملوا بما يتجاوز مجرد نداء الواجب من أجل تلقيح الناس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من زاوية مغايرة، يشكل برنامج الإجازات المدفوعة أمراً مختلفاً. صحيح أن وزير المال ريشي سوناك استفاد من خبرة جهات كـ"مؤتمر الاتحادات المهنية" و"الاتحاد البريطاني للصناعات"، كي يساعدوه في وضع ذلك البرنامج. لكن إنجاز سوناك ووزارة المالية يبقى كبيراً. في نهاية المطاف، لقد قاما بخطوة ذكية بأن استمعا إلى آراء مختلفة قبل أن يضعا برنامج الإجازات المدفوعة، بوتيرة سريعة إلى حد مذهل.
وفي مقابل ذلك، من غير القابل للتصديق أن الحكومة تبدو الآن على استعداد تام لتلطيخ إنجازها، الأمر الذي يجعل قطاع الضيافة في بريطانيا وقطاعاتها الثقافية معرضة في شكل خاص، إلى خطر شديد.
في ذلك الصدد، يشهد الشهر المقبل "الوقف التدريجي" لبرنامج الاحتفاظ بالوظائف، وسيضطر أصحاب العمل إلى البدء في المساهمة في أجور الموظفين الموضوعين في إجازات مدفوعة.
وإضافة إلى دفع اشتراكات التأمين الوطني ومدفوعات المعاشات التقاعدية للموظفين الموضوعين في إجازات مدفوعة، كما يفعلون الآن، سيتعين عليهم (أصحاب العمل) أن يشرعوا في المساهمة بنسبة 10 في المئة من الأجور، لكن ذلك سيجري في وقت قد تكون فيه عوائدهم متقلصة بشدة نتيجة تمديد العمل بقيود كورونا.
ومثلاً، تعاني دور السينما، من الأمر نفسه بسبب التباعد الاجتماعي. ويجعل ذلك الأمر إقامة حفلات الأداء الحي من أي نوع، شيئاً غير عملي على الإطلاق.
ونتيجة لتلك الأمور، سيخسر الناس أعمالاً ووظائف.
وكخلاصة، يتمثل أفضل ما يحدث ضمن ذلك المسار في توضح أن الحكومة قد سببت هذه الفوضى في المقام الأول من خلال تراخيها بشأن ما يتعلق بحدود بريطانيا.
واستطراداً، فمن المحتم أن يدفع الاقتصاد والشركات والعمال البريطانيون، ثمن أخطائها في الحكم. إنها طريقة تصرف مخزية، لكن من المؤسف أن هذا ليس بالأمر غير المعتاد على الإطلاق مع هذه الحكومة.
© The Independent