ترتبط الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة وإيران باتفاق مؤقت على مراقبة الأنشطة النووية الإيرانية، ينتهي أجله الخميس، 24 يونيو (حزيران). ويقول دبلوماسيون إنه إذا لم يُمدد، فستدخل المفاوضات الرامية إلى إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مرحلة الأزمة.
وتم التوصل إلى هذا الاتفاق المؤقت في 21 فبراير (شباط) الماضي، على أن يظل سارياً ثلاثة أشهر، ثم اتفق الطرفان على تمديده شهراً في 24 مايو (أيار).
وقالت الوكالة الدولية إن مهلته تنتهي اليوم الخميس، لكنها لم تحدد ساعة بعينها. وتجري الوكالة مباحثات مع إيران لتمديد العمل به مرة أخرى. وفي ما يلي، إطار عام لما يشمله الاتفاق.
كيف تم التوصل إليه؟
سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران وست قوى عالمية عام 2018، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية الأميركية التي رفعت عقب إبرام الاتفاق، على طهران.
وفي فبراير، أعلنت إيران أنها ألغت بعض تدابير التفتيش والمراقبة السارية بموجب الاتفاق النووي. وشمل ذلك إنهاء التنفيذ المؤقت للبروتوكول الإضافي المبرم بين الوكالة الدولية وبعض الدول الأعضاء، والذي يمكّن الوكالة من تنفيذ عمليات تفتيش سريعة بناءً على إخطارات قصيرة لمواقع غير معلنة وبعض التدابير الأخرى. وكانت طهران وقّعت البروتوكول الإضافي عام 2003، لكنها لم تصادق عليه قط.
وقالت إيران أيضاً إنها ستتخلى عن تدابير الشفافية الواردة في اتفاق 2015 التي تتيح مراقبة بعض قطاعات برنامجها النووي والتي تُنفّذ في كثير من الأحيان بأجهزة مثل معدات القياس الآنية والكاميرات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولتخفيف أثر الخطوة التي اتخذتها، توصلت الوكالة الدولية وطهران في فبراير إلى اتفاق على غرار الصندوق الأسود في الطائرات، وبمقتضاه يستمر العمل ببعض تدابير الشفافية غير أن الوكالة لا تتمكّن من الاطلاع على البيانات التي تجمعها الأجهزة إلا في تاريخ لاحق.
ولا تتضمن كل بنود الشفافية أعمال مراقبة يمكن أن تستمر بمقتضى هذا الترتيب. فأحد هذه البنود التي ألغتها طهران يسمح لمفتشي الوكالة الدولية "بالدخول يومياً عند الطلب" إلى منشآت التخصيب الإيرانية في نطنز وفوردو. غير أن دبلوماسيين يقولون إن الوكالة لا تحتاج إلى إرسال مفتشين يومياً، ولديها السلطة لتفتيش هذه المنشآت بغض النظر عن هذا الترتيب.
ما الذي يشمله الاتفاق؟
أولاً، التخصيب. يمكن للوكالة الدولية أن تستخدم أجهزة "القياس الإلكتروني للتخصيب" التي تقيس كمية اليورانيوم التي يجري تخصيبها وتحسب درجة نقائها الانشطارية وتنقل البيانات آنياً. ومن دون هذه البيانات، يتعيّن على المفتشين أخذ عيّنات وإرسالها إلى التحليل، ما يستغرق وقتاً أطول.
واستطاعت إيران تخصيب اليورانيوم إلى درجة نقاء بلغت نحو 60 في المئة، ما يفوق بكثير الحد المتفق عليه في الاتفاق النووي البالغ 3.67 في المئة، ويُعدّ في الوقت ذاته أقرب كثيراً إلى نسبة الـ90 في المئة اللازمة لصنع قنابل ذرية.
وتصرّ إيران على أنها تسعى فقط إلى الحصول على الطاقة النووية للاستخدامات المدنية، وأن بوسعها أن تلغي ما اتخذته من خطوات بسرعة إذا ألغت واشنطن العقوبات وعادت إلى اتفاق 2015.
وينص الاتفاق على مراقبة الوكالة الدولية لجوانب مختلفة من تجميع وتخزين وحدات الطرد المركزي، وهي الآلات التي يُخصّب من خلالها اليورانيوم. وقال دبلوماسي رفيع إن الوكالة الدولية لا تملك، بغير ذلك، الإشراف على الإنتاج من أجهزة الطرد المركزي.
ويتم الحصول على مركزات خام اليورانيوم، أي الكعكة الصفراء، من اليورانيوم المستخرج من المناجم ولا بد من معالجته قبل تخصيبه في أجهزة الطرد المركزي. وينص الاتفاق على أن تراقب الوكالة الدولية "مركزات خام اليورانيوم كلها في إيران أو التي يتم الحصول عليها من أي مصدر آخر".
ماذا على المحك؟
جرّد قرار طهران الامتناع عن تنفيذ البروتوكول الإضافي، الوكالة الدولية من القدرة على تنفيذ عمليات التفتيش المفاجئة في المواقع التي لم تعلن إيران أنها مواقع نووية. وزاد ذلك من صعوبة رصد أي منشأة أو أنشطة سرّية.
غير أن الوكالة الدولية تراقب المنشآت الإيرانية المعلنة التي تضم أنشطة نووية أساسية ولها سلطة الدخول المنتظم إليها بمقتضى اتفاق الضمانات الشاملة الذي يحدد التزامات كل دولة من الدول الأعضاء الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي.
وينص اتفاق الضمانات أيضاً على إلمام الوكالة الدولية بكل المواد النووية في إيران. وقد وسعت تدابير الشفافية نطاق المراقبة ليشمل مجالات لا يغطيها اتفاق الضمانات، مما سهّل رصد الأنشطة والمواد التي من المملكن أن تستخدم في تطوير السلاح النووي.
وما دام الاتفاق المؤقت سارياً، يستمر جمع البيانات، ما يعني أنه عند استعادة البيانات، تتمكن الوكالة الدولية من مواصلة الإلمام بما حدث خلال هذه الفترة في المناطق التي يشملها الاتفاق.
ويقول دبلوماسيون إن من شأن فقدان هذا الإلمام المتواصل إثارة أزمة دبلوماسية وتعريض مفاوضات إحياء الاتفاق النووي للخطر.