أجرى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، الخميس 9 مايو (أيار)، تعديلاً ثالثاً على حكومته، في محاولة لامتصاص غضب الشارع من الأوضاع الاقتصادية المتردية، وتلافي عودة الاحتجاجات الشعبية إلى محيط الدوار الرابع في العاصمة عمّان حيث مقر رئاسة الحكومة.
وشمل التعديل الثالث على حكومة الرزاز التي شُكّلت في 14 يونيو (حزيران) 2018، إدخال ثماني حقائب وزارية جديدة وخروج 5 وزراء من التشكيلة، وإلغاء وزارة وتغيير اسمي وزارتين. وهذه الحكومة هي الثامنة عشرة منذ تولي العاهل الأردني عبد الله الثاني سلطاته عام 1999.
رسالة إلى المتظاهرين
قوبل التعديل الجديد بكثير من الجدل والاستياء على اعتبار أنه لا يحمل أي مؤشر للإصلاح. واعتبرت النائب السابقة هند الفايز في تصريحات صحافية التعديل الحكومي بمثابة رسالة استفزاز للشارع، قائلةً إن إعادة وزيرالداخلية السابق سلامة حماد يعني استهداف الحراك الشعبي والاحتجاجات.
ورأت الأمين العام لحزب حشد، عبلة أبو علبة، أن تعيين حماد، رسالة للحراك مفادها بأن المرحلة المقبلة هي مرحلة التعامل بخشونة مع المتظاهرين.
في السياق نفسه، علّق وزير التنمية السياسية السابق صبري ربيحات على التعديل بالقول "لا أسس لاختيار أعضاء الحكومة، والعملية تشبه لعبتَيْ ورق الشدة والشطرنج".
المحلل السياسي حسن البراري وصف من جهته التعديل بـ"الهزيل"، معتبراً أن الرزاز لا يأبه بالشارع ولا يمانع من الاستمرار باستفزازه من خلال توزير أصدقائه الواحد تلو الآخر. وتابع "التعديل جاء كمن يصب الزيت على النار وكأن الأفضل لو لم يجر هذا التعديل لأن الشخصيات والوزارات الجديدة لن تصنع أي فارق يمكن أن يعود بالخير على المواطن العادي".
منزوع الدسم
رأى ناشطون وحراكيون في تعيين حمّاد، رغبة حكومية في قمع الحراك الشعبي والتظاهرات التي بدأ الحشد لها في شهر رمضان بدءًا من الخميس، إذ توالت دعوات للاحتشاد قبالة الدوار الرابع الذي أصبح بمثابة "هايد بارك" أردني.
ولبى أردنيون دعوات أطلقها ناشطون على فايسبوك تحت عنوان "إفطارك على الرابع" في اشارة إلى تناول طعام الإفطار في ساحة الاحتجاج، فيما وصف أردنيون على مواقع التواصل الاجتماعي التعديل بأنه "منزوع الدسم" ولا يلبي طموحات المواطنين. واعتبر آخرون أن لا داعي لإجراء تعديل ثالث على الحكومة وهي لم تكمل بعد عامها الأول، خصوصاً أن هذه التعديلات تُعتبر تكلفة إضافية على خزينة الدولة.
وأطلق ناشطون على تويتر هاشتاغ #تعديل_حكومي، متهمين رئيس الحكومة بتوزير عدد جديد من أصدقائه ومعارفه، داعين إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني قادرة على مجابهة التحديات التي تنتظر الأردن، بخاصة في ما يتعلق بصفقة القرن.
تغيير مسميات
التعديل الجديد استحدث وللمرة الأولى مسميين جديدين لوزارتين مع بقاء وزيريهما، وهما وزارة الإدارة المحلية بدل وزارة البلديات، ووزارة الاقتصاد الرقمي والريادة بدل وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. واستحدث التعديل وزارة الدولة لشؤون رئاسة الوزراء، ما أثار جدلاً قانونياً، لا سيما في مجلس النواب الأردني، فاعتبر بعض النواب أن تغيير أسماء الوزارات غير دستوري ويحتاج إلى قانون خاص.
وأعاد الرزاز في تعديله، تفعيل وزارتي الدولة لتطوير الأداء المؤسسي ووزارة شؤون رئاسة الوزراء، فيما أُلغيت وزارة الدولة لشؤون الاستثمار، في إشارة إلى فشل الملف الاقتصادي في الحكومة السابقة.
وأصدرت الإدارة الملكية، الخميس، الموافقة على التعديل الذي عُيّن بموجبه حماد وزيراً للداخلية، ووليد المصري وزيراً للإدارة المحلية، وياسرة عاصم غوشة وزيرة دولة لتطوير الأداء المؤسسي، فيما عُين مثنى غرايبة وزيراً للاقتصاد الرقمي والريادة، ومحمد محمود العسعس وزيراً للتخطيط والتعاون الدولي ووزير دولة للشؤون الاقتصادية، وسامي داوود وزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء، ونضال البطاينة وزيراً للعمل، وسعد جابر وزيراً للصحة.
وأدى الوزراء اليمين الدستورية أمام الملك في قصر الحسينية.
وكان وزراء الحكومة الأردنية قدموا الأربعاء استقالاتهم إلى رئيس الوزراء عمر الرزاز تمهيداً للتعديل الحكومي الجديد. وقال الرزاز إن "التعديل يأتي استحقاقاً لمتطلّبات المرحلة المقبلة، التي تستوجب بذل مزيد من الجهود بما يساهم في تجاوز التحدّيات وإنجاز أولويّات الحكومة وخططها".