حذر رؤساء قطاع الصحة في بريطانيا من أن سلامة المرضى في مرافق "خدمة الصحة الوطنية" (إن إتش إس) ستكون في خطر إذا تعرضت البلاد إلى موجة أخرى من تفشي إصابات كوفيد في هذا الصيف، ولاسيما أن المستشفيات تصارع سلفاً لكي توفر الخدمات المطلوبة حالياً.
وينبّه قادة الـ"إن إتش إس" في أنحاء البلاد من أن قطاع الرعاية الصحية يواجه أعداداً غير مسبوقة من المرضى الذين يحتاجون للعناية الطبية بشأن حالات لا صلة لها بكوفيد، فيما تواجه أقسام "الطوارئ والإسعاف" وعيادات الأطباء العامين مستويات قياسية من الضغط، ووصلت المستشفيات إلى وضع صارت تضطر معه إلى إلغاء العمليات الجراحية، بما في ذلك بعض العمليات المقررة لمرضى السرطان.
ويشير هؤلاء إلى أن خدمات الإسعاف تتلقي حالياً آلاف المكالمات التي ترد عبر الخط الهاتفي الخاص بالطوارئ (999)، بينما تكافح الخدمات المجتمعية ووحدات الصحة النفسية حتى تتحمل الضغوط المتزايدة التي ترزح تحتها، علاوة على الحاجات التي فرضتها جائحة كورونا أيضاً.
وقال ماثيو تايلور، وهو رئيس اتحاد الـ"إن إتش إس" الذي يعتبر الجهة التي تمثل منظمات الرعاية الصحية في أنحاء البلاد، لـ"اندبندنت": "إن نوعية الخدمة وسلامة المرضى ستكون على الدوام في خطر في نظام يصارع سلفاً كي ينهض بأعبائه، ولدينا نظام يعيش حالياً في وضع كذا."
"هذا هو الأسبوع الأول من شهر يوليو، لكن يشعر قطاع خدمات الصحة وكأنه منتصف الشتاء. وما يعنيه ذلك هو أن الـ”إن إتش إس” ترزح دائماً تحت ضغط هائل في منتصف الشتاء، وكل شيء يتوقف على قدرتها على المضي في الكفاح حتى الوصول إلى نقطة تصبح عندها مستويات الحاجة للخدمات أقل بحيث يمكن تدبرها. وإذا كنا في حالة كهذه الآن في الأسبوع الأول من يوليو، فهذا يعني أنه لن يكون هناك فرصة سانحة على الإطلاق لالتقاط أنفاسنا، أو مجال للتعامل مع أي نوع من عوامل الضغط الإضافية علاوة على ما نواجهه سلفاً."
ويأتي تحذير هذا المسؤول في وقت يستعد فيه الوزراء للمضي قدماً في إنهاء الإغلاق وإجراءات التباعد الاجتماعي، حتى مع أن وزير الصحة نفسه يعترف بأن الإصابات قد تصل إلى 100 ألف حالة يومياً في غضون أسابيع.
ومع أن المستشفيات تضم حالياً عدداً من المرضى أقل منه في موجات سابقة، فقد ارتفعت الحالات بنسبة 40 في المئة في الأسبوع الماضي، إذ أن هناك 2446 مريضاً مصاباً بكوفيد في الوقت الراهن في أنحاء المملكة المتحدة.
ودعا حزب العمال الوزراء إلى وضع الخطوط العريضة لخطة لمساعدة الـ"إن إتش إس" على النهوض بأعبائها في هذا الصيف. واستنكر 122 من العلماء والخبراء في تعليق نشرته مجلة "ذا لانسيت" الخطط التي وضعتها الحكومة لإنهاء الإغلاق، معتبرين أن الإجراءات المزمعة تمثل "تجربة خطيرة ولا أخلاقية".
وكشف القائمون على مستشفيات في مدينة لييدز بشمال إنجلترا الأربعاء الماضي عن أنه كان لابد من إلغاء عمليات جراحية لمرضى بالسرطان وذلك لأن قسم الطوارئ والإسعاف كان غارقاً في العمل إلى درجة بالكاد يستطع تحملها، كما كانت الأجنحة المخصصة للمصابين بكوفيد تغصّ بالمرضى ولا تستطيع استيعاب المزيد. أما "خدمة الإسعاف في يوركشر" فقد كانت تتلقى مكالمات لطلب المساعدة العاجلة أعلى بنسبة 22 في المئة من الطلبات المتوقعة ليوم الثلاثاء الماضي، الأمر الذي وضع الخدمة في موقف مقلق يصعب التنبؤ بنتائجه وكأنها كانت على "حدّ السكين".
وقال كبار قادة الـ"إن إتش إس" واتحاد الـ"إن إتش إس" في وثيقة جرى إعدادها للتعريف بتعليقاتهم، إن المؤسسات التي تقدم الخدمات الصحية منهارة على ركبتيها سلفاً بفعل ضغط الأزمة التي تتعرض لها الآن وقد وصفوها بـ"شتاء في الصيف".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان عدد من وحدات الـ"إن إتش إس " قد أعلن حالة "تأهب أسود" ما يعني أنها لا تستطيع أن تواصل تقديم الخدمات وأن سلامة المرضى في خطر.
واعتبر تايلور أن على الحكومة أن تكون صادقة مع الشعب.
"ينبغي أن تكون الحكومة واضحة مع الناس، باعتبارهم من دافعي الضرائب، مبينة أننا سنضطر إلى تقديم المال إذا أردنا للخدمة الصحية أن تكون قادرة على تحمل ما يجري والبدء بعملية التعافي."
"هناك خطر نابع من افتراضنا بشكل أو آخر بأن الـ “إن إتش إس” لاتعاني من أي مشكلة، وذلك لوجود عدد أقل من المرضى في المستشفى لأن العلاقة بين المرض وحاجة المريض إلى المكوث في المستشفى وبين وفاته قد تضاءلت."
"علينا أن ندرك أنه كان لدى الـ”إن إتش إس“ قوائم انتظار آخذة بالارتفاع سلفاً وثغرة لجهة الموارد المتوفرة لها، وذلك عند اندلاع الأزمة الحالية. وقد فاقم كوفيد هذه الحالة وصار لدينا الآن ملايين الأشخاص ممن وردت أسماؤهم سلفاً على قوائم الانتظار أو أنهم ينتظرون إدراجها على هذه القوائم."
واعتبر أن هذا الوضع يشبه ما يحصل "حين يكون لديك نوع من أنواع العاصفة الحقيقية بكل مواصفاتها، وعلى الحكومة أن تكون واضحة بشأن ذلك، وتدرك ما ينطوي عليه من اعتبارات بالنسبة للتمويل، و أيضاً يجب على الناس أنفسهم أن يكونوا على علم بالتحديات التي تواجهها الخدمة الصحية".
وبخصوص نهاية الإغلاق، حذر تايلور أنه "يترتب علينا أن نواصل معاينة هذا الأمر على أساس يومي. والأرقام لا تدعو في الوقت الحالي إلى الكثير من الثقة بشأن سلامة هذا الإجراء".
ووصف أحد مدراء المستشفيات عوامل الضغط التي تتعرض لها مؤسسات الـ"إن إتش إس" هذه الأيام بأنها تعادل حلول "الشتاء في الصيف". وأضاف مسؤول كبير آخر في وحدة تابعة لـ"إن إتش إس": "رفع كل القيود المتعلقة بكوفيد من شأنه على الأرجح أن يتمخض عن مزيد من الضغوط قد تصل بالخدمة إلى درجة الانهيار."
أحد كبار مدراء التشغيلية نبّه إلى خطورة ما يحصل قائلاً: "لم أشهد على امتداد 39 عاماً من العمل في الخدمة التشغيلية لـ”إن إتش إس“ أبداً أي شيء مثل أزمة التوظيف التي نواجهها في الوقت الحاضر."
وأضاف أحد قادة قطاع الرعاية الأولية موضحاً أن "الأثر الناجم عن كوفيد يعني حصول المزيد من الإصابات، وهذا يعني بدوره وجود المزيد من الأشخاص الذي يعانون من تداعيات طويلة الأمد للمرض من دون توفر موارد حقيقية أو فهم كافي لسبل معالجة ذلك."
© The Independent