أعلنت وزارة التجارة الأميركية، ليل الخميس- الجمعة، أرقام الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام، التي أظهرت نمو أكبر اقتصاد في العالم بمعدل أعلى من الربع الأول بشكل طفيف، ليعود إلى ما كان عليه قبل وباء فيروس كورونا. وجاءت الأرقام أقل من توقعات الأسواق والاقتصاديين لنمو أقوى في الربع الثاني، لكنها تظل متسقة مع توقعات النمو الاقتصادي الإجمالي لهذا العام في المتوسط.
حقق الناتج المحلي الإجمالي الأميركي في الفترة من أول أبريل (نيسان) إلى آخر يونيو (حزيران) نمواً بنسبة 6.5 في المئة، مقارنة مع نمو بنسبة 6.3 في المئة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. بينما كانت الأسواق تتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من 8 في المئة في الربع الثاني مع فتح أغلب قطاعات الاقتصاد ووسط مؤشرات على نشاط قوي عبرت عنه أرقام التوظيف، ونمو السوق العقارية، وإنفاق المستهلكين الأميركيين.
تلقي المخاوف بشأن موجة جديدة من الإصابات نتيجة انتشار متحورة "دلتا" بظلال من الشك على قوة التعافي الاقتصادي حول العالم، بخاصة في الولايات المتحدة. وزاد من تلك الشكوك القرار الأخير من مركز مكافحة الأمراض، إعادة النصح بارتداء أقنعة الوجه من قبل من تلقوا التطعيمات في الأماكن المغلقة والمزدحمة. لكن الأهم في الأرقام الأخيرة أنها تعني عودة حجم الاقتصاد وسعته إلى مستويات ما قبل وباء كورونا مطلع العام الماضي 2020.
كما أنها تتسق وتوقعات النمو لهذا العام بشكل واسع، بخاصة توقعات المؤسسات الدولية لنمو الاقتصاد العالمي ككل، وهي أقل من تلك المعدلات الأميركية. كما أن الاقتصاد الصيني، الذي يعد الأسرع نمواً في السنوات الأخيرة لم تزد معدلات النمو فيه على 6 في المئة في مرحلة التعافي من وباء كورونا.
مؤشرات تعاف قوي
في مسح لعدد من الاقتصاديين نشرت نتائجه صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الجمعة، يتوقع أن يكون متوسط نمو الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث من هذا العام 2021، بنسبة 7 في المئة، قبل أن تعود معدلات النمو إلى مستويات عادية، وتصل إلى 3.3 في المئة في الربع الثاني من عام 2022.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يبدو ذلك مساراً أقرب للواقع في ظل توقعات كثير من المؤسسات الدولية للتعافي الاقتصادي العالمي ونمو الاقتصاد الأميركي. فقد نشرت مؤسسة "ستاندرد أند بورز" تقريراً هذا الأسبوع، رفعت فيه توقعاتها لمتوسط نمو الاقتصاد الأميركي مع بدء الخروج تماماً من إغلاقات وباء كورونا في الربع الثاني، ليصل إلى 6.7 في المئة هذا العام. وأرجعت ذلك إلى حزم التحفيز الاقتصادي بما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار (2.8 تريليون دولار) حتى الآن، التي تغذي قوة الطلب وزيادة معدلات النمو.
بدا ذلك واضحاً في أرقام الإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة، التي ارتفعت خلال الربيع بمعدل سنوي بنسبة 11.8 في المئة. وعلى الرغم من أن تلك النسبة جاءت كبيرة جداً نتيجة المقارنة مع عام الوباء الذي شهد انكماشاً كبيراً، إلا أنها أيضاً توضح قوة التعافي مع حصول كثير من الأميركيين على اللقاح وعودة الشركات والأعمال إلى نشاطها بعد فترات الإغلاق.
الاحتياطي الفيدرالي
ربما كان ذلك أيضاً ما جعل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي يحافظ على نهجه بإرجاء تغيير سياسته النقدية، وإن بدأ في خفض برنامج شراء سندات الدين. فقبل يومين تحدث رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي جيروم باول عن التهديد المتزايد الذي تمثله موجة جديدة محتملة من الوباء، قائلاً إنه لا يرى أن لها تأثيراً اقتصادياً كبيراً. وأضاف "ما رأيناه هو مع الموجات المتتالية من كورونا خلال العام الماضي، وفي الأشهر الأولى من العام، كان هناك ميل أقل في طريق الآثار الاقتصادية لكل موجة، لذلك سنراقب وسنرى ما إذا كانت هذه هي الحال مع متحورة دلتا. لقد تعلمنا نوعاً ما كيف نتعايش مع الوباء".
وعلى الرغم من التقليل من أهمية موجة التضخم واعتبارها مؤقتة بما لا يستدعي رفع نسبة الفائدة، إلا أن مؤشرات الاقتصاد تبدو جيدة، وإن لم تصل إلى ما يعتبره الاحتياطي الفيدرالي "نمواً قوياً مستداماً". ذلك على الرغم من أرقام التوظيف الجيدة، حيث يتوسع الاقتصاد ليضيف ما يصل إلى 600 ألف وظيفة كل شهر تقريباً. ويعتبر الاحتياطي الفيدرالي معدلات البطالة في الاقتصاد من المعايير المهمة لتقديره قوة واستدامة النمو الاقتصادي.