قد تؤدي اتفاقية الحكومة البريطانية التجارية مع أستراليا إلى التعامل مع تحالف تجاري في أميركا الجنوبية، حيث تُزال الغابات الاستوائية بشكل متزايد من أجل الزراعة المكثفة، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم أزمة المناخ، كما يخشى الناشطون البيئيون.
وأثيرت مخاوف من أن يكون بعض الطعام الذي يتناوله طلاب المدارس والمرضى من نزلاء المستشفيات وكذلك رواد المطاعم والكافيتريات، عبارة عن منتجات جاءت من حيوانات عُوملت بطرق تعتبر غير قانونية في المملكة المتحدة.
يُذكر أن الاتحاد الأوروبي أبرم قبل عامين اتفاقاً مبدئياً مع ما يسمى كتلة "ميركوسور" لدول أميركا اللاتينية، يشمل الرسوم الجمركية والحواجز التجارية.
ويقول وزراء إن اتفاقية التجارة التي توصلت إليها الحكومة مع أستراليا ستعطي دفعة لمحاولات المملكة المتحدة الانضمام إلى تحالف الشراكة التجارية عبر المحيط الهادي، التي تغطي دول المحيط الهادي من اليابان إلى المكسيك.
من ناحيته حذر فريق عمل "يوروغروب" في المملكة المتحدة، وهو تحالف من ممثلي مجموعات حماية الحيوان، من أن بريطانيا تسير على خطى الاتحاد الأوروبي، وسينتهي بها الأمر هي الأخرى كمصدر تمويل للممارسات القاسية والمؤذية بيئياً.
ودقت "الجمعية الملكية لمنع القسوة على الحيوانات" ناقوس الخطر بشأن دعم المملكة المتحدة معايير متدنية، وذلك حين كان التوصل إلى اتفاقية التجارة مع أستراليا وشيكاً في وقت سابق من هذا العام.
وبدورها، قالت مجموعة "مساواة الحيوان"، وهي منظمة دولية معنية بحماية مصلحة الحيوانات، إن اتفاقية أميركا الجنوبية "ستسبب تدمير المزيد من الغابات، وستشكل ضغطاً أكبر على التنوع البيولوجي في البرازيل، كما ستقود إلى تعزيز احتمال تنامي الأمراض حيوانية المصدر والتراجع الكبير في المعايير المتبعة بشأن المنتجات المستوردة إلى أوروبا".
يجري قطع الأشجار بصورة منتظمة في مساحات شاسعة من الأراضي في الأمازون، وذلك لجعلها مناسبة لتربية المزيد من الأبقار التي يُصدر لحمها والمواشي وزراعة فول الصويا الذي يستعمل علفاً لهذه الحيوانات. إن إزالة الغابات وفقدان التنوع البيولوجي والانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في البرازيل قد حفزت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على التفكير باتخاذ إجراءات قانونية.
يؤدي فقدان الغابات إلى انبعاثات أكبر بكثير تؤجج أزمة المناخ، لأن الأشجار والغطاء النباتي يمتصان غاز الكربون. وأظهرت الأرقام الصادرة العام الماضي أن غابات تغطي بقعة بمساحة ملعب كرة قدم كانت تختفي كل ست ثوانٍ.
وقالت كورنيليا مارفيلد، مديرة مشروع التجارة والمناخ في تحالف "شبكة العمل المناخي" العالمي، إن نمط التجارة الحالي، حتى قبل إبرام أي اتفاقية، كان يزيد من إزالة الغابات، معتبرة أن الاتفاقيات التي ستُوقع في المستقبل ستفاقم المشكلة.
وأشارت مارفيلد إلى تقرير أُعد بناء على طلب الحكومة الفرنسية حول الصفقة التجارية بين الاتحاد الأوروبي و"ميركوسور"، وأظهر أن تنامي إنتاج لحوم البقر في أميركا الجنوبية بسبب صفقة الاتحاد الأوروبي مع "ميركوسور" سيؤدي إلى تسريع قطع الأشجار بنسبة لا تقل عن 25 في المئة سنوياً، وسيدمر 36 ألف كلم مربع (3 ملايين و600 ألف هكتار) من الغابات سنوياً.
وأوضحت أن "التقرير خلص إلى أن التكلفة المناخية ستكون أكبر بكثير من المكاسب الاقتصادية عند أخذ إزالة الغابات في الاعتبار".
وأُشير مراراً إلى أن هناك علاقة بين الزراعة الحيوانية المكثفة ومخاطر الأوبئة، ولا سيما أن أبرز العلماء في العالم يدعون إلى تقليص استهلاك اللحوم في أنحاء الدنيا.
وقالت كلير باس، المديرة التنفيذية لـ"جمعية الرفق بالحيوان الدولية" في بريطانيا، إن الممارسات الزراعية المكثفة في أميركا الجنوبية والوسطى تنطوي على المجازفة بخلق أمراض جديدة. وحذرت من أن أي صفقة تجارية مع دول تشهد مثل هذه الممارسات ستكون مخالفة للمعايير التي أرادها الشعب البريطاني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضافت باس "حقق الاتحاد الأوروبي وبريطانيا تقدماً كبيراً في قلب بعض ممارسات الإنتاج الأكثر فظاعة في الزراعة الحيوانية المكثفة رأساً على عقب، مثل حشر الدجاج في أقفاص صغيرة مزدحمة ما يجعلها عاجزة حتى عن بسط أجنحتها".
"بيد أن مئات الملايين من الدجاج والخنازير والحيوانات الأخرى تتحمل حياة بائسة للغاية، إذ تعيش في حالة سجن دائم، وذلك في دول مثل المكسيك والبرازيل، حيث يجري حبس الدجاج في أقفاص صغيرة مزدحمة والخنازير في أقفاص معدنية ضيقة، وهذه كلها محظورة في المملكة المتحدة منذ سنوات طويلة".
وزادت باس أنه بالإضافة إلى كون السجن المكثف لحيوانات المزارع قاسياً، فهو يسهم في توليد أمراض أكثر فتكاً بسبب العدد الكبير من الحيوانات التي يحشر بعضها مع بعض في أمكنة غير مزودة بالتجهيزات الصحية الضرورية.
"أي سياسة تجارية تسمح باستيراد منتجات حيوانية لا تتماشى مع سياسات حماية مصلحة الحيوان في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ستدعم ببساطة قيام صناعة رفضها الشعب بشدة سلفاً، كما ستُمعن في إضعاف العلم الذي يقف وراء تلك القرارات".
وإذ لا تزال أقفاص الخنازير قانونية في المكسيك، فهي محظورة في المملكة المتحدة منذ عام 1999. وبينما يحتفظ بمعظم الدجاج في المكسيك والبرازيل أيضاً في أقفاص صغيرة، فهذه طريقة ممنوعة أيضاً في المملكة المتحدة منذ عام 2012 ولأسباب تتعلق برعاية الحيوانات.
وصف خبراء الاتحاد الأوروبي في تقرير أصدروه العام الماضي اللوائح البرازيلية بخصوص الذبح ونقل المواشي بأنها "غير كافية".
وتصنف منظمة "حماية الحيوان العالمية" الخيرية البرازيل في المرتبة "D"، وذلك حسب على أفضل مرتباته هي "A" و الأسوأ "G".
ولفتت المنظمة إلى أن مكتب الأغذية والطب البيطري التابع للاتحاد الأوروبي وجد أن السلطات البرازيلية "لا تستطيع ضمان أن تكون منتجات اللحوم التي يجري تصديرها إلى الاتحاد الأوروبي قد أُنتجت بطرق تنسجم مع متطلبات الاتحاد الأوروبي".
وذكرت أن بعض المواد المصرح باستخدامها في تربية المواشي في البرازيل لا يمكن استعمالها في دول الاتحاد الأوروبي.
وحذرت إحاطة بعنوان "الرحمة في الزراعة العالمية" العام الماضي من أن البرازيل كانت تمضي بتسارع نحو استعمال حقول التسمين، الأمر الذي من شأنه أن "يُضعف مزارعينا بشكل كامل إذا استُوردت هذه المنتجات إلى المملكة المتحدة".
وقال متحدث باسم "ائتلاف التجارة ورعاية الحيوان"، وهو جزء من مجموعة "يوروغروب للحيوانات "إن المملكة المتحدة يجب أن تستخدم سياساتها التجارية لتدعيم حماية عالمية أفضل لصالح الحيوانات، وليس لمزيد من التحفيز أو الاستعانة بمصادر خارجية لأنظمة إنتاج غير مستدامة، في أجزاء أخرى من العالم، مما يؤثر في الحيوانات البرية أيضاً".
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية "لن نتخلى عن معاييرنا العالية للغذاء ولحماية البيئة وحماية مصلحة الحيوانات، في كل مفاوضاتنا التجارية". وبذلك يكون المتحدث قد كرّر حرفياً كلمات وردت في بيان حزب المحافظين الانتخابي.
© The Independent