بعد نحو ثمانية عشر شهراً من تفشي وباء فيروس "كورونا"، ما زال المطار الأكثر نشاطاً في بريطانيا يترنح بشكلٍ واضح خلف منافسيه في القارة الأوروبية، في وقتٍ طرح فيه أحد أبرز المحللين في مجال الطيران أسئلة جدية عن إمكانية أن يستعيد مطار هيثرو بعد اليوم تألقه السابق، عندما كان يتربع على عرش مطارات القارة.
رالف أنكر محرر ملفات The Anker Report (تقرير شهري يحلل التطور في شبكات خطوط الطيران في مطارات أوروبا وأميركا الشمالية وتأثيره على مطارات العالم)، أوضح أن مطار هيثرو تراجع الآن إلى قائمة أفضل 15 مطاراً في أوروبا. لكن تقييمه لحركة المطار في أغسطس (آب) من السنة 2021، يظهر أنه يحل الآن في المركز الثالث عشر من حيث عدد الركاب، ويأتي بعد مطار "بالما دي مايوركا" الإسباني، ومطار باريس الثانوي "أورلي" في فرنسا.
وفي الواقع خسر مطار هيثرو اللندني في ذروة شهور الصيف، 71 في المئة من حركة مرور الركاب التي كان قد سجلها في عام 2019، وتعامل مع أقل من نصف عددهم مقارنة بإسطنبول. وجاء مطار تركي آخر هو أنطاليا، في المركز الثاني في قائمة التنافس بين المطارات الأوروبية. ولم يكن أي من الركاب الواصلين إليه إلى حد ما من البريطانيين، بسبب إبقاء سلطات المملكة المتحدة تركيا على "القائمة الحمراء" لـكوفيد حتى أواخر سبتمبر (أيلول).
أما مطار "شيريميتييفو" الدولي في موسكو، فحل في المرتبة الثالثة في أوروبا، وجاءت بعده ثلاثة مراكز رئيسة للطيران في أوروبا القارية هي: أمستردام وباريس وفرانكفورت. فقد تعامل كل منها مع أكثر من 50 في المئة من حركة ركاب الطيران مقارنة بمطار هيثرو.
وقال الخبير أنكر لـ"اندبندنت" إن "التخفيف التدريجي لقيود السفر على الركاب العائدين إلى المملكة المتحدة، تسبب في تراجع ما كان لأعوامٍ عدة يصنف من أكثر المطارات ازدحاماً في أوروبا وهو مطار هيثرو، فقد انحدر تصنيفه في الفترة الأخيرة إلى قائمة أكثر 15 مطاراً في أوروبا من حيث الازدحام، في أغسطس (آب)، بعدما كان قد هوى إلى المرتبة السابعة عشرة في يونيو (حزيران).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك، وبما أن المركز التركي الضخم الجديد في إسطنبول يتعامل في الوقت الراهن مع أكثر من ضعف عدد الركاب في مطار هيثرو، فقد يتطلب الأمر بعضاً من الوقت قبل أن يعود أكثر المطارات نشاطاً في المملكة المتحدة إلى الصدارة، هذا إذا حدث على الإطلاق. فوفق المعدل الراهن للتقدم، قد يصل مطار هيثرو إلى المراكز العشرة الأولى في سبتمبر، لكن من السابق لأوانه تأكيد ذلك".
في المقابل، ما زالت الرحلات الجوية من المملكة المتحدة وإليها، أقل بكثير من تلك الآتية من الدول الأوروبية الكبرى الأخرى، والتي يلقي قطاع الطيران باللوم فيها على قيود السفر الصارمة التي تفرضها الحكومة البريطانية.
فقد جاء مطار "ستانستيد" اللندني في المرتبة الـ32 في أوروبا خلال أغسطس، مع تراجع عدد الركاب فيه بنسبة 60 في المئة، مقارنةً بعام 2019. وكان أداء مطار "غاتويك" أسوأ بكثير، بحيث انخفض بنسبة 79 في المئة، علماً أن "غاتويك" صنف في عام 2019، عاشر أكثر المطارات ازدحاماً بحركة الركاب في أوروبا، إلا أنه بحلول أغسطس من السنة الجارية 2021، انخفض إلى المرتبة الـ37.
أما التنافس طويل الأمد ما بين مطارات المملكة المتحدة، فقد شهد هو كذلك بعض التغييرات المهمة. ففي حين أن مطار هيثرو لا يمكن مقارعته على المركز الأول، تبين من خلال أعداد الركاب في أغسطس الماضي، التي كشفت عنها "هيئة الطيران المدني" Civil Aviation Authority، أن مطارين- هما "ستانستيد" و"بلفاست الدولي"- يحققان نتائج جيدة نسبياً في إطار في بيئة عملٍ تجارية غير مواتية. فقد تقدم مطار "ستانستيد" على كل من مطاري "غاتويك" و"مانشستر"، في وقتٍ تراجع فيه الأخيران مرتبة واحدة.
ويبدو أن النجاح النسبي لمطار "بلفاست الدولي"، يعزا إلى عدم وجود بديلٍ بري سريع للرحلات ما بين بريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية، في الاتجاهين.
أما مطار "إدنبره" في اسكتلندا، فقد هوى إلى المركز السابع ما بين مطارات المملكة المتحدة، وحل بعد مطار "بيرمنغهام". ويبدو واضحاً أن العاصمة الاسكتلندية قد تضررت بشكلٍ كبير من إغلاق كوفيد المحكم الذي فرضته حكومة المملكة المتحدة على السياحة الوافدة، أكثر من منطقة ميدلاندز الإنجليزية.
وتظهر لقطة لعمليات الطيران الأوروبية، الإثنين الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، أن الرحلات الجوية داخل المملكة المتحدة هي أقل بنسبة 41 في المئة من اليوم نفسه في عام 2019.
واستناداً إلى إيمون برينان المدير العام لـ"المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية" Eurocontrol، فإن ألمانيا سجلت ثاني أسوأ أداء في مجال حركة المطارات، بحيث تراجعت بنسبة 36 في المئة، في حين أن كلاً من فرنسا وإيطاليا انخفضتا في التصنيف بنسبة 28 في المئة.
تبقى الإشارة إلى أن اليونان أظهرت نمواً طفيفاً، مع تسجيل زيادة في عدد الرحلات الجوية بنسبة 0.2 في المئة، في الرابع من أكتوبر، مقارنة بالتاريخ نفسه من عام 2019.
© The Independent