ارتفع سعر صرف العملة البريطانية في تعاملات نهاية الأسبوع، الجمعة، مقابل العملات الرئيسة، مع زيادة التوقعات باحتمال رفع "بنك إنجلترا" (المركزي البريطاني) سعر الفائدة ربما الشهر المقبل أو الذي يليه.
وأغلق سعر صرف الجنيه الاسترليني مقابل اليورو عند 1.185 يورو للجنيه للمرة الأولى منذ بدء أزمة كورونا مطلع العام الماضي. ووصل سعر الاسترليني مقابل العملة الأميركية إلى 1.374 دولار للجنيه عند إغلاق الجمعة.
وكانت تفاصيل اجتماع لجنة السياسات النقدية في البنك هذا الشهر قد أظهرت أن اثنين من أعضاء اللجنة التسعة صوتوا لصالح تشديد السياسة النقدية.
لكن، مع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء في بريطانيا، يتوقع أن يستمر معدل التضخم في الارتفاع فترة أطول، وبنسبة تزيد على ضعف المستهدف من قبل البنك عند اثنين في المئة. وأصبح هناك شبه إجماع على أن معدل التضخم قد يستمر فوق أربعة في المئة لفترة أطول من المقدر سابقاً.
وكانت الأسواق حتى الجمعة تقدر أن "بنك إنجلترا" سيبدأ في الرفع التدريجي لأسعار الفائدة بنهاية الشتاء، أي في فبراير (شباط) المقبل. على أن تقترب الفائدة من نقطة مئوية واحدة بنهاية العام المقبل.
تقديرات السوق
قبل أيام، كانت توقعات الأسواق أن يقرر المركزي البريطاني تشديد السياسة النقدية بداية من فبراير المقبل. وكانت التقديرات أن يبدأ البنك رفع أسعار الفائدة 0.15 في المئة، لتصبح عند 0.25 في المئة مطلع العام المقبل بدلاً من قرب الصفر حالياً (نسبة الفائدة الآن 0.1 في المئة). على أن يرفع البنك أسعار الفائدة أكثر من مرة العام المقبل لتصل إلى 0.75 في المئة في الأقل بنهاية 2022.
أما الآن، فتقديرات السوق أنه قد يبدأ البنك في تشديد السياسة النقدية في اجتماعه المقبل في 4 نوفمبر (تشرين الثاني). ونقلت صحيفة "ديلي تلغراف" عن الاقتصادي في "بنك أوف أميركا" روبرت وود توقعه أن يرفع البنك سعر الفائدة بنسبة ربع نقطة في ديسمبر (كانون أول)، ثم إلى نسبة نصف نقطة مئوية في فبراير، على أن تصل الفائدة إلى واحد في المئة بنهاية العام المقبل 2022.
يقول جوروج بكلي، من "بنك نومورا الاستثماري"، "مع قرب نهاية برنامج التيسير الكمي من موعد الاجتماع الشهري للبنك في ديسمبر، فإننا نعتقد من فحوى تصريحات أعضاء لجنة السياسات النقدية أن البنك قد يبدأ التحرك الشهر المقبل".
وحسب أغلب التقديرات، فإن برنامج التيسير الكمي (شراء البنك المركزي للسندات وضخ السيولة في السوق) الذي بدأ مع أزمة كورونا سينتهي قريباً جداً. إذ يتوقع أن يكون "بنك إنجلترا" راكم ما أعلن عنه مسبقاً، من شراء سندات خزانة حكومية بقيمة نحو 1.2 تريليون دولار (875 مليار جنيه استرليني) ونحو 27 مليار دولار (20 مليار جنيه استرليني) قبل نهاية العام الحالي.
احتمالات الحذر
لكن كثيراً من المعلقين يفترضون أن البنك قد يتصرف بحذر، بخاصة أن تأثير رفع الفائدة على ارتفاع التضخم قد لا يكون كبيراً. لكن المؤكد أن رفع سعر الفائدة بسرعة سيضر بمعدلات النمو الاقتصادي في مرحلة التعافي من أزمة كورونا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان محافظ "بنك إنجلترا" أندرو بيلي قد توقع الشهر الماضي أن لا يؤثر رفع معدل الفائدة كثيراً في معدل التضخم، خصوصاً أن أسبابه خارج نطاق سيطرة السلطات البريطانية. وضرب مثالاً على ذلك بارتفاع أسعار الطاقة الناجم من نقص المعروض في السوق العالمية.
وكتب أندرو بيلي لوزير الخزانة ريشي سوناك في مطلع سبتمبر (أيلول)، مبرراً ارتفاع معدل التضخم إلى 3.2 في المئة في أغسطس (آب)، مشيراً إلى عوامل عالمية كارتفاع أسعار الطاقة وأسعار السلع نتيجة نقص التوريدات. وقال بيلي في خطابه لسوناك، "التضخم ناجم من ارتفاع أسعار الطاقة والسلع والبضائع نتيجة النقص وتعطل سلاسل التوريد. وفي الظروف الأخيرة غير المسبوقة ولا المتوقعة تعرض الاقتصاد لأكبر صدمة يشهدها منذ قرون، وأصبح النشاط الاقتصادي هشاً بشكل غير مسبوق".
مخاطر التضخم
السبب في زيادة احتمالات رفع سعر الفائدة في بريطانيا أسرع من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان هو الارتفاع المطرد في معدلات التضخم. ويتوقع بعض المحللين أن يصل التضخم في بريطانيا إلى 7 في المئة خلال الربيع المقبل، أي أكثر من ثلاثة أضعاف نسبة التضخم التي يستهدفها البنك المركزي.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر كبير الاقتصاديين في "بنك إنجلترا"، هيو بيل، من أن معدلات التضخم في بريطانيا "قد ترتفع أكثر مما كان مقدراً سابقاً، وتستمر فترة أطول من المتوقع".
وفي رد مكتوب على تساؤلات أعضاء لجنة الخزانة في مجلس العموم (البرلمان البريطاني) قال بيل، "من وجهة نظري أن ميزان المخاطر يميل الآن باتجاه القلق من توقعات معدلات التضخم، إذ إن الزيادة في تلك المعدلات حالياً تشير إلى استمرار ارتفاع التضخم فترة أطول مما كان مقدراً في السابق. في الأشهر الأخيرة فاجأتنا معدلات التضخم بالارتفاع الكبير".
ومع دخول فصل الشتاء ومواسم العطلات والأعياد يتوقع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الاستهلاكية، بما يُبقي على معدلات التضخم مرتفعة. لكن من يرون أن البنك لن يلجأ إلى تشديد السياسة النقدية بقوة يرون أن وقف برامج الدعم الاقتصادي والتحفيز التي بدأتها الحكومة مع بداية وباء كورونا سيقلل من الطلب الاستهلاكي، بالتالي يوقف ارتفاع معدلات التضخم.