أعرب رجل الأعمال والناشط التركي عثمان كافالا، المسجون قيد المحاكمة منذ عام 2017، عن شعوره بأنه مجرد أداة بيد الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يحاول إلصاق تهم التآمر مع جهات خارجية بمعارضي حكمه في الداخل.
ويمثّل كافالا البالغ 64 سنة ورعى الكثير من النشاطات الثقافية والفنية، نقيضاً صارخاً لأردوغان الذي يروج للإسلام السياسي ويحكم تركيا منذ عام 2003 بقبضة حديدية.
وعلى الرغم من سجن عشرات آلاف الأتراك أو تجريدهم من وظائفهم بتهم واهية منذ أن نجا أردوغان من محاولة انقلاب عام 2016، فإن قضية كافالا المولود في باريس هي مصدر التوتر في علاقات أنقرة مع الغرب.
فقد حذر مجلس أوروبا لحقوق الإنسان الذي انضمت إليه تركيا عام 1950، من أنه قد يبدأ إجراءات ضد أنقرة في حال لم يتم الإفراج عن كافالا بحلول نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.
حماية الرواية الرسمية
وفي مواجهة سلسلة من التهم المتعاقبة، بينها التجسس ومحاولات الإطاحة بالدولة، لا يتوقع كافالا الخروج من زنزانته في سجن إسطنبول في أي وقت قريب.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية في رد مكتوب بالإنجليزية من سجنه، "أعتقد أن السبب الحقيقي وراء اعتقالي المستمر هو حاجة الحكومة إلى الإبقاء على رواية ارتباط احتجاجات جيزي (2013) بمؤامرة أجنبية حية".
وأضاف، "بما أنني متهم بكوني جزءًا من هذه المؤامرة المزعومة التي نظمتها قوى أجنبية، فإن إطلاق سراحي سيضعف هذه الرواية المشكوك فيها وهذا ليس أمراً ترغب به الحكومة".
وكان كافالا يشير إلى الاحتجاجات التي انطلقت بشكل عفوي ضد مخطط لإزالة حديقة عامة صغيرة بالقرب من ميدان تقسيم في إسطنبول، قبل أن تتحوّل إلى أول تحدٍّ خطير لحكم أردوغان.
انقلاب 2016
ويرى بعض المراقبين في تركيا أن احتجاجات عام 2013 التي تم قمعها بعنف، هي التي أسست لنزعة أردوغان الاستبدادية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتمت تبرئة كافالا من تهم احتجاجات جيزي في فبراير (شباط) 2020، ليتم اعتقاله مجدداً قبل أن يصل إلى منزله ويعاد اقتياده إلى السجن بتهم وجود صلات مزعومة له مع مؤامرة الانقلاب عام 2016.
ويقارن كافالا الملمّ بالتاريخ القضية الحالية ضده بقضية التجسس ضد الضابط الفرنسي ألفريد دريفوس أواخر القرن التاسع عشر، التي تبيّن أنها مدبرة على خلفية معاداة السامية، وأيضاً قضية التجسس المثيرة للجدل التي اتهم بها الزوجان جوليوس وإيثل روزنبرغ قبل إعدامهما عام 1953.
وقال كافالا، "أفترض أن الملفات ضد دريفوس وروزنبرغ كانت أفضل إعداداً من ملفاتي". وفي حال إدانته، يواجه كافالا عقوبة السجن مدى الحياة من دون إمكانية الإفراج المشروط.
"سوروس تركيا الأحمر"
وأصدر مجلس أوروبا تحذيراً نهائياً لتركيا للامتثال لأمر المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2019 بالإفراج عن كافالا بانتظار محاكمته.
وفي حال لم يتم ذلك، يُتوقع البدء بإجراءات تأديبية ضد أنقرة تؤدي إلى تعليق حقها في التصويت في المجلس وربما عضويتها. وعلى الرغم من أن مثل هذه الخطوة قد تضر بجهود تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أن أردوغان لم يعطِ أي مؤشر إلى أي تغيير في نظرته لكافالا، فهو لا يزال يسمّيه "سوروس تركيا الأحمر"، مقارنةً بالثري الأميركي المجري المولد والناشط المؤيد للديمقراطية جورج سوروس.
لكن كافالا يعتبر أن مجلس أوروبا يمثل أفضل فرصة له للخروج من السجن. وقال، "إذا بدأ المجلس إجراءات الانتهاك وكان الضرر الذي سيتسبب به ذلك يفوق الفوائد السياسية المتوقعة من استمرار احتجازي، عندها ربما يتم الإفراج عني".
انتخابات 2023
وتحوّل الكثير من التركيز الآن في تركيا إلى يونيو (حزيران) 2023، وهو الموعد الأخير للدعوة إلى انتخابات عامة أمام أردوغان الذي تشير الاستطلاعات إلى تراجع شعبيته.
ويراقب كافالا، الذي يُسمح له بقراءة الصحف ومشاهدة التلفزيون في زنزانته، آخر التطورات السياسية بقلق، متسائلاً عما إذا كان أردوغان مستعداً لقبول هزيمة انتخابية محتملة.
وقال إن الرئيس التركي وحزبه الحاكم "لا يعتبران خسارة السلطة نتيجة طبيعية للمشكلات الاقتصادية والمنافسة السياسية". وأضاف، "إنهم ينظرون إلى تغيير الحكومة على أنه احتمال مزعج للغاية. أنا قلق من ازدياد التوتر السياسي في البلاد أكثر مع اقتراب الانتخابات".
ومن المقرر أن تعقد جلسة محاكمة لكافالا في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.