يتزايد قلق التجار والمستثمرون من أن بنك إنجلترا يتحرك بسرعة كبيرة لتشديد السياسة النقدية حيث يستعد ليصبح أحد البنوك المركزية الأولى التي ترفع أسعار الفائدة في أعقاب أزمة فيروس كورونا.
وأخيراً استجابت الأسواق للإشارات المتفائلة الأخيرة من بنك إنجلترا من خلال تسعير سلسلة من زيادات أسعار الفائدة خلال العام المقبل، ما أدى إلى عمليات بيع قوية للديون الحكومية قصيرة الأجل. لكن عدم وجود رد فعل في السندات طويلة الأجل أو الاسترليني يعزز قلق المستثمرين من أن بنك إنجلترا، في عجلة من أمره للاستجابة إلى ارتفاع التضخم، وقد يكون في طريقه لارتكاب "خطأ في السياسات"، مما يجبره على عكس سعر الفائدة.
وبعد أن قال محافظ البنك أندرو بيلي، "إن بنك إنجلترا سيتعين عليه التحرك لمكافحة ارتفاع الأسعار"، قدمت الأسواق التوقيت المتوقع لأول ارتفاع لسعر الفائدة إلى الشهر المقبل. ويكاد يتم تسعير ارتفاع آخر إلى 0.5 في المئة خلال اجتماع بنك إنجلترا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، متبوعاً بموجة أخرى من شأنها أن ترفع أسعار الفائدة إلى 1.25 في المئة بحلول نهاية العام المقبل، وهو أعلى مستوى منذ الأزمة المالية 2008-2009.
لكن المقاييس الأطول أجلاً لتوقعات أسعار الفائدة، مثل العقود الآجلة لمدة ثلاث سنوات، أفضل تخمين في السوق عن المكان الذي ستكون فيه المعدلات لمدة ثلاث سنوات، بدءاً من ثلاث سنوات، قد انخفضت إلى ما دون العقود الآجلة الأقصر تاريخاً للمرة الأولى منذ عام 2008. وهذا يعني أن السوق تراهن بشكل فعال على سلسلة من الارتفاعات تليها التخفيضات مع تباطؤ الاقتصاد بسرعة واضطرار بنك إنجلترا إلى توفير حوافز جديدة.
وتساءل مايك ريدل، مدير محفظة أول في أليانز جلوبال إنفستورز، "إن كان بنك إنجلترا على وشك ارتكاب خطأ في السياسة"؟ قائلاً لـ"فايننشال تايمز"، "يبدو أن الأسواق تعتقد ذلك بالتأكيد، فهناك الكثير من التاريخ الذي يشير إلى حدوث أشياء سيئة بعد وقت قصير من أن تبدأ منحنيات العائد في الانعكاس، وهذا ما يتم تسعيره الآن في النهاية الأمامية لمنحنى أسعار المملكة المتحدة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وينبع قلق المستثمرين من تصور أنه لا يوجد الكثير مما يمكن أن تفعله أسعار الفائدة المرتفعة لمعالجة الدوافع الرئيسة للارتفاع الحالي في التضخم، وارتفاع تكاليف الطاقة واضطراب سلسلة التوريد، مردداً حجة قدّمها بيلي نفسه. وبدلاً من ذلك، من خلال التركيز على الحاجة إلى إبقاء غطاء على توقعات التضخم، يخاطر محافظ بنك إنجلترا بتفاقم اقتراب التباطؤ الاقتصادي.
وقال ريدل، "ليس لدينا فقط ضربة النمو المقبلة من الطاقة، ولكن أيضاً الصين المتذبذبة بشكل متزايد وتشديد السياسة العدوانية يجعل الظروف المالية أكثر إحكاماً".
الإبقاء على أسعار الفائدة مُعلقة
ومن شأن سلسلة سريعة من الزيادات في أسعار الفائدة أن تجعل بنك إنجلترا بعيداً من البنوك المركزية الكبرى الأخرى، حتى في عالم يثبت فيه التضخم أنه مرتفع بعناد عبر الاقتصادات المتقدمة. ومن غير المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة حتى خريف عام 2022، بينما من المرجح أن يبقي البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان أسعار الفائدة معلقة لفترة أطول.
وعلى الرغم من التحركات المتشددة الأخيرة، لم يستفد الجنيه الاسترليني كثيراً من احتمالية ارتفاع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة، حيث انخفض مقابل اليورو والدولار يوم الاثنين مقابل العملة الموحدة، ولا يزال الجنيه قريباً من أعلى مستوى سجله الأسبوع الماضي في 19 شهراً، لكن المحللين يقولون إن هذه القوة ليست قريبة من أن تعكس بشكل كامل فروق عائد السندات التي فتحت بين المملكة المتحدة ومنطقة اليورو.
وقال جورج سارافيلوس، الرئيس العالمي لأبحاث الفوركس في دويتشه بنك، إن انعكاس أجزاء من منحنى العائد في المملكة المتحدة يعني أن الزيادات يمكن أن تتبعها تخفيضات، وقطع سارافيلوس شوطاً طويلاً لشرح "القدرة المحدودة لأسواق العملات على متابعة إعادة التسعير الضخمة للبنك المركزي الجارية".
وقال مارك داودينغ، كبير مسؤولي الاستثمار في بلوباي لإدارة الأصول، "إنه داعم لعملتك إذا كنت ترفع أسعار الفائدة لأن الاقتصاد يتقدم إلى الأمام، ولكن إذا رفعت الأسعار في ظل اقتصاد متباطئ، فهذه قصة مختلفة".
ويجادل بعض مديري الصناديق بأن توقعات السوق لمعدلات أعلى تتقدم الآن بفارق كبير عما من المرجح أن يكون بنك إنجلترا قادراً على تقديمه قبل أن تعيقه صورة النمو القاتمة على نحو متزايد.
وقال جيم ليفيس، كبير مسؤولي الاستثمار للدخل الثابت العام في "أم أند جي إنفستمنتس"، "تحدث بنك إنجلترا عن نفسه في سيناريو كابوس قبل أعياد الميلاد، ولكن عندما يضع في اعتباره الضغط على الأسر الذي يأتي من ارتفاع أسعار الغاز، وقضايا سلسلة التوريد العالمية، وتكاليف الرهن العقاري، سيكون هناك تراجع في النمو".