Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا وفرنسا ملزمتان بأن تتفاهما فكيف سيحصل ذلك

سيحدث الأمر سواء أعجبنا أم لا، وثمة سخف في الرأي الشائع بعدم إمكانية التقارب بينهما في عهدي بوريس جونسون وإيمانويل ماكرون

بوريس جونسون في إطلالة صحافية عقب اجتماع حكومي بحث تشديد الإجراءات بمواجهة "أوميكرون" (أ ف ب)

على المملكة المتحدة إعادة بناء علاقتها مع فرنسا. بهذه البساطة. فمن قبيل المصلحة العميقة لكلا البلدين أن يتفقا. ولا يقتصر الأمر على التعامل بمزيد من الإنسانية والفاعلية مع المهاجرين المحتملين إلى بريطانيا الذين يخيمون في ظروف مرعبة في فرنسا، على الرغم من أن هذا يشكل جزءاً من الموضوع. في المقابل، إنّ المسألة أكبر بكثير.

إن بلدينا شريكان تجاريان مهمان. ولدينا مصالح شبه متطابقة في حماية مواطنينا من الاعتداءات الآتية من الأرجاء كلها، فبعيداً تماماً من التحديات العسكرية الواضحة التي ترعاها دول، تضاعف عدد الهجمات السيبرانية على أوروبا خلال العام الماضي. ومخاوفنا متوائمة جداً في شأن أزمة المناخ أيضاً. وبعيداً من الرؤى المختلفة في ما يتعلق بالاتحاد الأوروبي، التي قد تتغير في أي حال، لدينا رؤى متماثلة عموماً في مجال الشؤون السياسية والاقتصادية العالمية. وكذلك نؤمن بأن الديمقراطية هي أقل أشكال الحكم سوءاً، وباقتصاد السوق المختلطة حيث تؤدي الحكومة والقطاع الخاص معاً أدواراً رئيسة فيها.

لا يرى الرأي الشائع الآن التقارب ممكناً في عهدي بوريس جونسون وإيمانويل ماكرون. لكن ذلك رأي سخيف. إذ إن العلاقة أكبر بكثير من شخصيتي الزعيمين المنتخبين الحاليين. وفي أي حال، يبدو من المرجح أن جونسون باق في منصبه سنتين أخريين أو ثلاث سنوات أخرى، ليس من الواضح إن كان ماكرون سيفوز في الانتخابات التالية المقررة في أبريل (نيسان) 2022. لقد اختار حزب يمين الوسط، "حزب الجمهوريون"، للتو مرشحة مؤثرة على الأرجح هي فاليري بيكريس. وبعيداً من ذلك، على سائر الناس العمل مع السياسيين الموجودين. فما الذي يجب فعله، إذاً؟

ببساطة، لا نستطيع انتظار السياسيين. على كثير من مجموعات المصالح الالتفاف عليهم وعقد اتفاقات. ويتمثل مبدأ التفاوض في الانتهاء من المواضيع السهلة أولاً. يجب التوصل إلى اتفاق حيث تتوافر أرضية مشتركة، وتأجيل البحث في المجالات المتنازع عليها. وفور الانتهاء من الأشياء السهلة، يجب معالجة الأشياء الأكثر صعوبة من خلال تسويات متبادلة. وفي النهاية، قد تبقى مسائل غير محلولة، لكن يجب عدم إهمال بقية الاتفاق بسببها. يجب تأجيل هذه المسائل إلى محادثات لاحقة.

والآن، فلنطبق ذلك على الأعمال. بالنسبة إلى الشركات، تتمثل الحتمية الرئيسة في إزالة الاختناقات التجارية التي سُمِح لها بالتطور. بالطبع، جعل بريكست الأمور أصعب، لكن يتوجب على الشركات التعامل مع الأمر. وينبغي على الهيئات الرئيسية الممثلة لأصحاب العمل، كـ"الاتحاد البريطاني للصناعات"، العمل مع هيئات مماثلة له في فرنسا، للنظر في خطوات عملية يمكن اتخاذها لتسريع التجارة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومن ثم، حين يدلي السياسيون بتصريحات سخيفة على غرار ذلك التحذير بقطع فرنسا الكهرباء عن جزر القنال الإنجليزي، من واجب مجتمعي الأعمال على الجانبين فتح خط للتواصل، مع التنبه إلى أنهما سيظلان موجودين فترة طويلة بعد إخراج السياسيين الضالين [المخطئين والمغردين خارج  سربالمتعارف عليه] من مناصبهم. ويجب أن يحصل هذا الموقف الناضج عند كل مستوى، من الشركات الصغيرة والتجار المنفردين إلى الشركات المتعددة الجنسيات والهيئات التجارية.

وتشمل المستويات الأخرى التي يستطيع البلدان التعاون فيها، الجيش والشرطة. بالنسبة إلى القوات المسلحة، هناك معاهدتان مبرمتان مع وزارة الخارجية والكومنولث في 2010 تعززان التعاون الدفاعي المشترك. على المستوى الحكومي، تشهد العلاقات توتراً، لكن لا داع لاندلاع مشاحنة بين الجيشين. إنّ التحديات متشابهة وتكمل بعضها بعضاً. وفي هذا الصيف، جرت مناورة مشتركة شاركت فيها حاملتا طائرات من البلدين. وفي مكافحة الجريمة، ثمة هدف مشترك أيضاً، حتى مع عرقلة بريكست للتعاون.

في المقابل، ثمة مجال مباشر تحتاج فيه المملكة المتحدة وفرنسا إلى تعاون مشترك أكبر يتمثّل في مكافحة كورونا. ثمة حجة قوية لمصلحة مواءمة الاستجابة التنظيمية في شكل عام. لكن، ستختلف التفاصيل، فعلى الرغم من كل شيء، لدى الأجزاء المختلفة من المملكة المتحدة تفاصيل مختلفة. وبدورها تختلف إيرلندا [عن بقية تلك المواضيع]، إذ تشكّل جزءاً من منطقة السفر المشتركة. والتجارة عبر القنال الإنجليزي ضخمة. ويتوجّب على البلدين امتلاك خط مفتوح للتواصل حين يضعان خططهما التي تستهدف ضمان عدم فرض أي منهما تعطيلاً غير ضروري على الآخر.

ثمة مجالات أخرى كثيرة. وما ذُكِر هنا ليس أكثر من غيض من فيض. وفي نهاية المطاف، ستُرمَّم العلاقات البريطانية- الفرنسية، لكن ذلك سيتطلب جهداً. وتتلخص المهمة اليوم في جعل هذا الجهد أسهل قليلاً. وإذا تطلب ذلك الارتقاء فوق مستوى العمل السياسي، فإن ذلك هو ما يجب فعله.

المزيد من آراء