لم تكن مصادفة أن يأتي انتقاد "عنف المستوطنين" ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومير بارليف المنتمي إلى حزب العمل الإسرائيلي، فحزب العمل الذي كان يحكم خلال احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، هو من أسس المشروع الاستيطاني بإقامة أولى المسوطنات فيها.
لكن دوافع الحزب للاستيطان في الضفة الغربية ومنها غور الأردن كانت استراتيجية أمنية، وليست دينية قومية يهودية كما أصبحت في وقت لاحق، وهو ما يتبناه اليمين الإسرائيلي الحاكم، فالمستوطنون يعتبرون بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي "الجدار الواقي للإسرائيليين، ويعانون العنف والإرهاب منذ عقود، وعلينا تقويتهم ودعمهم أقوالاً وأفعالاً".
عنف المستوطنين
في المقابل، قال وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومير بارليف خلال لقائه مساعدة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند، إن إسرائيل "تأخذ عنف المستوطنين على محمل الجد وأنه يعمل مع وزارة الدفاع الإسرائيلية للقضاء على هذه الظاهرة"، لكن بينيت رفض اعتبار اعتداءات المستوطنين ظاهرة، وقال إنها "هامشية ويجب التعامل معها بكل الوسائل".
وجاءت تصريحات بارليف رداً على إثارة المسؤولة الأميركية تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، مشيرة إلى أن واشنطن تراقب عنف المستوطنين في الضفة الغربية.
وهاجم ساسة إسرائيليون بشدة تصريحات بارليف إلى حد اتهامه "بالمشاركة في حملة كاذبة وحقيرة ومعادية للسامية" بحسب بتسلئيل سموتريتش عضو الكنيست الإسرائيلي وزعيم حزب الصهيونية الدينية.
وأشارت وزيرة الداخلية الإسرائيلية إيليت شاكيد إلى أن المستوطنين "ملح الأرض، رواد الوادي والجبل"، معتبرة أن بارليف "مرتبك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهة ثانية، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات بارليف "أول اعتراف لوزير إسرائيلي بجرائم المستوطنين، وتشكل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح لكنها غير كافية".
وطالبت الخارجية الفلسطينية "وزراء أحزاب الوسط واليسار في الحكومة الإسرائيلية بالخروج عن صمتهم ليعلنوا بكل وضوح إدانتهم ومعارضتهم لإرهاب المستوطنين واعتداءاتهم على الفلسطينيين، بما يسهم حقيقة في إنجاح إجراءات بناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".
وخلال ثلاث سنوات رصدت مؤسسة "أوتشا" التابعة للأمم المتحدة نحو 3000 اعتداء نفذها مستوطنون في أراضي الضفة الغربية بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم ومزروعاتهم.
ويعيش أكثر من 720 ألف مستوطن في نحو 150 مستوطنة منتشرة في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وتنشط تنظيمات عدة للمستوطنين في الضفة الغربية "كشبيبة التلال" و"تدفيع الثمن" يجمعهم الإيمان المطلق بسيطرة إسرائيل المطلقة على الضفة وينتمون إلى الصهيونية الدينية.
ويعتقد هؤلاء والذين تقدر أعدادهم بالمئات بأن "استعادة مملكة داوود" لن يتم من دون تعزيز وجودهم على الأرض، وفرضهم لأمر واقع من خلال الاستيطان ومصادرة الأراضي والعنف حتى "يتسنى للرب مساعدتهم في الخلاص".
تأثير تصريحات بارليف
استبعدت مديرة المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية هنيدة غانم تأثير تصريحات بارليف على الائتلاف الحكومي الإسرائيلي بزعامة بينيت، مشيرة إلى الوزراء يديرون وزاراتهم كحكم ذاتي محلي".
وقالت غانم إن أكثر من 78 عضو كنيسيت من اليمين الإسرائيلي يعتبرون أن المستوطنين "طلائع المشروع الصهيوني"، إذ "يدعمون بقوة ممارسات المستوطنين".
وأوضحت أن منظمتي "شبية التلال" و"تدفيع الثمن" يشكلان النواة الصلبة واليد الضاربة للمشروع الاستيطاني، إذ "يدمجان بين الديانة اليهودية والقومية اليهودية".
لكن غانم أضافت أن غالبية المستوطنين تقيم في الضفة الغربية سعياً وراء الإغراءات والتسهيلات الاقتصادية في "دولة الرفاه لليهود داخل المستوطنات"، موضحة أن "دولة إسرائيل توفر مختلف الخدمات للمستوطنين فيما تنحسب من نواحي الحياة داخل إسرائيل باتجاه الخصخصة".