يتسبب داء ألزهايمر بتدهور القدرة على اتخاذ قرارات وأحكام صائبة، وقد تصبح اختبارات أو ردود فعل الشخص سيّئة أو غير معهودة في التفاعلات الاجتماعية. ويزداد تفاقم المرض حين يبتعد الإنسان عن مزاولة أنشطته الروتينية المعتاد عليها في حياته العملية، علماً أن هذا المرض يمر بمراحل تدريجية، أي أن الانسان يبدأ بالنسيان ثم يدخل مرحلة الاكتئاب وفقدان السيطرة على القيام بأي عمل.
كيف يصاب الإنسان بهذا المرض الذي يعاني منه ملايين الأشخاص، فالإحصاءات تشير إلى أن هناك أكثر من عشرة ملايين شخص يعانون من ألزهايمر في الولايات المتحدة، وما هو العلاج لوقف التدهور الذهني؟
أعمار الإصابات
في هذا السياق، يشرح اختصاصي أمراض الجهاز العصبي أشرف مكي أن "هذا المرض يصيب كبار السن وقد يصيب أيضاً الأشخاص الذين هم تحت الـ60 سنة، ولكن هؤلاء يكون لديهم تهيّؤ جيني لهذا المرض. فطبيعة ألزهايمر أنه يزيد مع التقدم بالسن، وقد نراه في حالات نادرة عند الأصغر عمراً ليصيب الأشخاص الذين هم في العقد الثالث". وعمّا إذا كان يصيب الصغار أو الشباب، يوضح مكي أن "هناك بعض العائلات التي لديها استعداد جيني قوي في بعض بقع العالم مثل أميركا الجنوبية، وهناك بعض الأمراض الجينية التي تجمع البروتينات في الدماغ ليصابوا بحالة تشبه الألزهايمر في عمر مبكر، ولكن لا يصيب الصغار إجمالاً إلا في حالة الوراثة الجينية".
عوامل ألزهايمر
وعن أبرز العوامل التي تؤدي إلى إصابة الإنسان بمرض ألزهايمر، يقول "الأبحاث مستمرة لمعرفة المسببات. أما الأبحات العينية فقد كشفت أن هناك تجمّعاً لبعض البروتينات غير الطبيعية في صلب الخلايا وحولها في الدماغ، وفي الوقت عينه يكون هناك ضمور في بعض الخلايا لمناطق معيّنة أيضاً. لذا، الخلايا في هذه المنطقة تتوقف عن الإفراز، وإذا فرزت يصبح التواصل مختلفاً، بالتالي يصبح التفكير أصعب والذاكرة أبطأ".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ألزهايمر والكآبة
وعما إذا كانت الكآبة هي أحد العوامل التي تؤدي إلى ألزهايمر عند الراشدين والمسنين، يوضح مكي أن "الكآبة عند كبار السن ممكن أن تظهر على شكل الخرف أو ما يُسمّى بــ"شبه الخرف"، وقد يؤثر الاكتئاب السريري في وظائف الدماغ لدى كبار السن أحياناً، خصوصاً في الذاكرة. لذلك، عندما نرى حالة جديدة نشك في أنها خرف، نرى أنه من الضروري أن نبحث أكثر وندقق عما إذا كان يوجد اكتئاب أو لا، لا سيما اليوم بهذه الظروف. فقد تسبب العامان الأخيران من بدء كورونا بعزلة كبيرة لكبار السن وتباعد العائلات، الأمر الذي زاد الاكتئاب عند كبار السن، خصوصاً أن لغتنا وذاكرتنا تعملان بشكل يومي مع التحفيز الاجتماعي، أي اللقاءات اليومية مع الجار والجارة، الابن والحفيد... فالأعمال الروتينية ضرورية لكي يستمر الذهن في التفاعل بشكل طبيعي ومتواصل"، لافتاً إلى أن "هذا الانطباع لاحظناه مع كثير من الزملاء، ولكن لم توجد حتى اليوم دعائم علمية، ولكن رأينا كثيراً من التراجع الذهني للأشخاص الذين يعانون والذين لا يعانون من ألزهايمر، خصوصاً أن نسبة الكآبة ارتفعت في الآونة الأخيرة".
ظاهرة اجتماعية؟
وعما إذا أصبح هذا المرض ظاهرة مجتمعية في الآونة الأخيرة، يشير مكي إلى أن "أمد حياة المجتمع بالنسبة إلى الرجل الأبيض هو 78 سنة، بالتالي ألزهايمر يزيد مع تقدّم العمر بطبيعة الحال، إذاً لا يُعدّ ظاهرة اجتماعية جديدة. كما أن هناك وعياً اجتماعياً أكثر وتشخيصاً ومتابعة للعلاج من قبل الأطباء، ما يعني أن هذا المرض ليس جديداً بل زاد الوعي الاجتماعي تجاهه".