فتح إعلان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عن موعد إجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة والمقررة في 5 فبراير (شباط) 2022، المجال للحديث عن دور هذه الهيئة والتساؤل حول استمرارها بعد أن سقطت مسببات إنشائها.
ولقد جاء توقيع تبون، مرسوماً رئاسياً بإجراء انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة وفقاً للمادتين 121 و122 من الفقرة الثانية من الدستور الجزائري، ليؤكد تمسك السلطة بغرفتين للبرلمان، على الرغم من ترقب بعض الأطراف السياسية تجاوز الغرفة العليا في ظل التغييرات التي تعرفها البلاد على مختلف المستويات.
وسارعت السلطة المستقلة للانتخابات إلى تحديد الفترة الممتدة من 23 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، إلى 16 يناير (كانون الثاني) المقبل، لسحب استمارات التصريح بالترشح الخاصة بهذه الانتخابات، تبعاً لتوقيع المرسوم الرئاسي رقم 21/513 المؤرخ في 22 ديسمبر، والمتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية لتجديد نصف أعضاء مجلس الأمة المنتخبين، وكذلك انتخاب أعضاء مجلس الأمة للمحافظات الجديدة ليوم السبت 5 فبراير 2022، وعملاً بأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات المعدل والمتمم، وأشارت إلى أنه "تنفيذاً لأحكام القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات المعدل والمتمم، أصدر رئيس السلطة المستقلة للانتخابات بتاريخ اليوم، ثلاثة قرارات تتعلق باستمارة التصريح بالترشح وإيداع ملفات الترشح والفصل في صحة الترشيحات".
ظروف الولادة الأولى
وبالعودة إلى ظروف الولادة الأولى لهذا الهيكل التشريعي، فإنها جاءت في وضع غير عادي، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً، وأمام الأوضاع المتردية كان لا بد من إيجاد علاج للأزمة عبر حوار سياسي مع الفاعلين في الساحة.
يقول رئيس مجلس الأمة الراحل عبد القادر بن صالح الذي شغل المنصب لعدة عهدات، إنه كان يتعين اعتماد قوانين تتكفل بحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمواطن عبر المؤسسات المنتخبة، وبفضل هذه الخيارات المنتهجة آنذاك، عاد الأمن والاستقرار للبلاد وأقلعت المؤسسات وتمكنت من لعب دورها الفعال".
رفع عدد الأعضاء
وتأسس هذا المجلس بموجب دستور 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 1996، بـ144 عضواً، ينتخب ثلثا أعضائه عن طريق الاقتراع غير المباشر من بين ومن طرف أعضاء المجالس المحلية ضمن كل محافظة، فيما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي، وتدوم العهدة 6 سنوات، فيما تجدد تشكيلته بالنصف كل ثلاث سنوات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويصوت مجلس الأمة على القوانين بأغلبية ثلاثة أرباع عدد أعضائه، ولا يمكن إخطاره إلا بالنصوص التي تمت المصادقة عليها على مستوى الغرفة السفلى، غير أنه لا يتمتع بسلطة تعديلها، وفي حالة عدم الاتفاق بين الغرفتين، يتم إنشاء لجنة متساوية الأعضاء تكلف باقتراح نص معدل يعرض على موافقة الغرفتين من دون أي إمكانية لتعديله.
وسيتغير وضع هذه الهيئة التشريعية مع إعلان السلطة المستقلة للانتخابات عن رفع عدد مقاعد الغرفة العليا للبرلمان باستحداث مقعدين لكل محافظة جديدة ليبلغ عدد الأعضاء المنتخبين بـ20 مقعداً، في المقابل ترتفع آلياً حصة الثلث الرئاسي بـ10 مقاعد، وعليه بعد انتخابات التجديد النصفي سيكون عدد أعضاء مجلس الأمة 174 عضواً.
مقاعد مكافآت
الإعلامي المهتم بالشؤون السياسية، حكيم مسعودي، يرى في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن مجلس الأمة بمثابة "رقابة" على البرلمان أو حارس البوابة الأخيرة في التشريع، أسستها السلطة لوضع البرلمان تحت سيطرتها تعزيزاً للابتعاد عن النظام البرلماني قدر الإمكان، وقال إنه في الحقيقة لا يسهم في شيء وبلا جدوى في الحياة السياسية باستثناء كونه مقاعد مكافآت على خدمة النظام أو السلطة القائمة، مضيفاً أن مجلس الأمة ليس المجلس الوحيد الذي "ينخر" من موازنة الدولة من دون جدوى، فعديد المجالس الاستشارية كذلك مجرد مواقع دعائية وأدوات شرعنة بيد السلطة.
ويواصل مسعودي، أن الاعتماد على مجلس الأمة يمثل "طبيعة احترازية" لدى الأنظمة التي لا تثق في توجهات شعوبها أو لا تتفق مع مستوى وعيهم، وبالتالي تشكل لهم أداة رقابية إضافية، مشكلة من نخبة الأمة، لكن الحال في الجزائر لا تعكس ذلك، كون معظمهم انتهازيين أو سياسيين مساهمين في الفشل العام، أو "متقاضين" مقابل مهمة لصالح السلطة، ومعظمهم في حالة تقاعد مريح مادياً بحصانة قضائية وسياسية.
مطالب سابقة بحله
ودعت العديد من الأطراف السياسية إلى حل مجلس الأمة خلال فترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة والعودة إلى نظام البرلمان الواحد، وقالت حركة "مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي في البلاد، إنه لا حاجة للجزائر لمجلس الأمة أو مبدأ ازدواجية أو ثنائية الغرف الذي تم اللجوء إليه في ظروف خاصة شهدتها الجزائر.