إن بريطانيا هي أكبر مُمَكِّني الشركات من التهرب الضريبي حتى الآن، إذ تساعد على تحويل مئات المليارات من الدولارات بعيدا عن خزائن الدولة، وفقًا لتحقيق دولي.
من بين البلدان العشرة الأولى التي تسمح للشركات متعددة الجنسيات بتجنب دفع مليارات الدولارات من الضرائب على أرباحها، هناك أربعة أقاليم بريطانية فيما وراء البحار.
وقد وعد وزير المالية فيليب هاموند بشن حملة على الشركات متعددة الجنسيات مثل غوغل وأمازون التي تزكي أرباحها بتحويل مبالغ ضخمة عبر كيانات منخفضة الضرائب.
لكن مؤشرا نشرته ’شبكة العدالة الضريبية‘ وجد أن بريطانيا كانت"بمفردها" الأكثر اجتهادا في تعطيل النظام العالمي للضرائب على الشركات الذي يخسر ما يقدر بنحو 500 مليار دولار (395 مليار جنيه إسترليني) بسبب التهرب.
ويزيد المبلغ الذي يُتهرب من دفعه سنويا على الصعيد العالمي عن ثلاثة أضعاف ميزانية هيئة ’الخدمة الصحية الوطنية‘ (أن إتش إس) أو ما يعادل تقريبا كل الناتج المحلي الإجمالي لبلجيكا. وتعد الملاذات الضريبية المرتبطة ببريطانيا مسؤولة عن نحو ثلث حالات التهرب الشركات العالمية الضريبي، متجاوزة هولندا التي تأتي في المركز الثاني بأربع مرات.
تأتي على رأس القائمة جزر العذراء البريطانية، تليها برمودا وجزر كايمان - وجميعها أراضي بريطانية في الخارج. وتحتل جزيرة جيرزي (الواقعة بين فرنسا وبريطانيا) التي تتبع التاج البريطاني، في المرتبة السابعة، بينما جاءت بريطانيا نفسها في المرتبة الثالثة عشرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أليكس كوبهام، الرئيس التنفيذي لـ’شبكة العدالة الضريبية‘، وصف نفاق الدول الغنية التي تُمكّن التهرب الضريبي بالـ "مثيرة للاشمئزاز."
"شنت حفنة من أغنى الدول حربا ضريبية عالمية شديدة الحت عطلت نظام الضرائب على الشركات الدولي على نحو يتعذر إصلاحه،" بتعبير كوبهام.
"تملأ المملكة المتحدة وهولندا وسويسرا ولوكسمبورغ - محور التهرب - جيوبها الخاصة على حساب توفير قناة تمويل ضرورية لتحقيق تقدم بشري مستدام."
"لقد قُوضت -عن عمد وبلا هوادة- قدرة الحكومات في جميع أنحاء العالم على فرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات من أجل دفع أجور المعلمين، وبناء المستشفيات، وضمان توفير فرص متكافئة للشركات المحلية."
ويقيّم مؤشر التهرب الضريبي للشركات، وهو أول دراسة على الإطلاق من حيث الحجم والنطاق، نظام كل بلد على أساس الدرجة التي يسمح بها للشركات بتفادي الضرائب. بعد ذلك يُدمج التقييم مع حجم نشاط الشركات داخل النظام الضريبي لتحديد حصة الضرائب العالمية المعرضة للخطر.
ويشمل المؤشر 64 كيانا ضريبيا ويستند إلى تقييم يعكس حدتها في استخدام التخفيضات الضريبية والثغرات والتكتم والآليات الأخرى لجذب النشاط متعدد الجنسيات.
وسجلت دول أخرى مرتبطة بالمملكة المتحدة، بما في ذلك جزر تركس وكايكوس، وأنغيلا، وجزيرة مان، وغيرنس ، درجة عالية أيضا في مؤشر السماح بالتهرب الضريبي للشركات.
وقالت ’شبكة العدالة الضريبية‘ إن مثل هذه البلدان حثت "سباقا نحو الاسترخاص" أدى إلى استنزاف إيرادات الضرائب وألحق أضرارا بالبلدان الفقيرة خاصة.
ورغم أن العديد من الملاذات الضريبية العشرة الأولى تعد صغيرة الحجم، فإنها تستحوذ على تريليونات الدولارات من الاستثمار الأجنبي المباشر - ما يوحي بأن الدافع وراء العديد من هذه التدفقات المالية قد يكون البحث عن تخفيض فواتير الضرائب وليس الانخراط في نشاط اقتصادي حقيقي.
يقول وزير المالية في حكومة الظل العمالية، جون ماكدونيل إن "سجل المحافظين في التهرب الضريبي محرج ومخز."
"إن الطريقة الوحيدة التي تبرز بها المملكة المتحدة دولياً فيما يتعلق بالضرائب هي قيادة سباق إلى الاسترخاص في خلق ثغرات ضريبية، وتفكيك أنظمة الضرائب في بلدان الجنوب العالمي."
"لابد أن يتوقف هذا العفن. فبينما يتعهد قادة حزب المحافظين بتقديم هبات ضريبية للأثرياء، ستقوم حكومة عمالية بتنفيذ أكثر الخطط شمولية على الإطلاق في المملكة المتحدة لمعالجة التجنب والتهرب الضريبي."
من جانبه قال كوبهام: "للحد من التهرب الضريبي للشركات الذي يكلف مئات المليارات من الدولارات كل عام، يتعين على الحكومات أخيرا فرض قواعد دولية تضمن التصريح بالأرباح ودفع الضرائب في الأماكن التي يحدث فيها النشاط الاقتصادي الحقيقي."
"يجب فرض ضرائب على الشركات حيث يعمل موظفوها، وليس حيث تختبئ سجلات حساباتها."
وقد استنكرت رابطة ’المعونة المسيحية‘ الحكومة البريطانية "لغضها الطرف" عن التهرب الضريبي على نطاق واسع والتسبب في نقص الخدمات الحيوية في جميع أنحاء العالم.
وقال توبي كوانتريل، الذي يقود جهود المؤسسة عالميا في مجال العدالة الاقتصادية: "يعد مؤشر التهرب الضريبي العالمي للشركات جزءًا من العمل الحيوي الذي يعمق فهمنا لمدى انهيار النظام الاقتصادي العالمي حقًا."
"إنه يسلط الضوء على دور بريطانيا وشبكتها من أقاليم ما وراء البحار والأقاليم التابعة للتاج في تقويض قدرة البلدان الأخرى -بما فيها بعض أفقرها في العالم- على توفير الحقوق الأساسية لمواطنيها."
وأضاف: "لقد سلطت ’رابطة المعونة المسيحية‘ الضوء على هذه المشكلة لأول مرة قبل أكثر من 10 سنوات، وقد اعتُرف بها على نطاق واسع، لكنها ما زالت دون حل جوهري."
© The Independent