مرحلة جديدة يدخلها الأمن المائي حول مضيق باب المندب، بعد أن أقرت ميليشيات الحوثي بقرصنتها سفينة "روابي" الإماراتية في البحر الأحمر.
إذ تأخذ عمليات الحوثي طوراً مختلفاً يعتمد على تكثيف القرصنة بعد أن كانت تكتفي باستهدافها عن طريق الزوارق المفخخة وتعطيلها، وهو ما يفتح الباب أمام التحليلات حول ما إذا كان ذلك مجرد سلوك انتقامي أم أنها استراتيجية جديدة في التعامل مع الماء المجاور لمناطق سيطرتها الغربية.
وكانت وكالة الأنباء السعودية قد نقلت، الأحد، عن المتحدث باسم التحالف، العميد تركي المالكي، قوله، إن "السفينة كانت في طريقها إلى ميناء جازان السعودي قادمة من جزيرة سقطرى اليمنية، وكانت تحمل على متنها كامل المعدات الميدانية الخاصة بتشغيل المستشفى الميداني بالجزيرة بعد انتهاء مهمة إنشائه".
ولم تنكر جماعة الحوثي التهمة، إذ أكد يحيى سريع، القيادي في الجماعة التابعة لإيران ومتحدثها العسكري، نجاحهم في السيطرة على سفينة إماراتية في البحر الأحمر، إلا أنه خالف رواية التحالف باعتبارها "سفينة إماراتية عسكرية تحمل معدات عسكرية" دخلت المياه اليمنية، مؤكداً أن الجماعة ستقوم بنشر تفاصيل في وقت لاحق.
استراتيجية جديدة
وحول تغير استراتيجية جماعة الحوثي من استهداف السفن من خلال الزوارق المفخخة والصواريخ الباليستية يرى المحلل السياسي السعودي خالد باطرفي أن التغيير ممكن أن يكون نتيجة لعدم توفر الأسلحة الكافية من صواريخ ومسيّرات.
ولفت في الوقت نفسه إلى أن سيناريو الاختطاف مشابه لما قامت به إيران في مضيق هرمز عندما اختطفت سفن تجارية بعد تضيق الخناق عليها وفرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة الأميركية كحل أخير إذ لم يكن لديها حلول أخرى لمواجهة أميركا والمجتمع الدولي.
واستدرك بالقول، "إن هذا السلوك ليس جديداً على الحوثي، إذ تم تنفيذه في السابق في مضيق باب المندب، وهو دليل على اليأس، حيث لم يعد لديهم خيارات أخرى".
ويتفق معه المحلل العسكري فواز كاسب العنزي بقوله، "إن عملية الاختطاف التي قامت بها ميليشيات الحوثي مشابهة للسلوك الإيراني في مضيق هرمز، وجميعها تهدف إلى تهديد أمن الملاحة البحرية، وخصوصاً أن البحر الأحمر يُعد من أهم الممرات التجارية التي يتنقل من خلالها إمدادات الطاقة"، لافتاً إلى أن عملية الاختطاف يستخدمها الحوثي كورقة ضغط لتخفيف الضربات على مدينة شبوة اليمنية.
توجيه رسائل
ويرى محللون سياسيون أن التغير في السلوك الأخير للميليشيات يأتي بعد تكثيف الضربات العسكرية من قبل التحالف العربي في الآونة الأخيرة في كل من شبوة ومأرب، كحل أخير للفت نظر المجتمع الدولي إلى أنها تستطيع أن تهدد الملاحة البحرية، كما فعلت إيران في السابق عندما لجأت للتوجه نفسه بعد تضيق الولايات المتحدة الأميركية الخناق عليها وفرض العقوبات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى باطرفي أن الحوثي يحتاج في الوقت الراهن إلى الرد على ضربات التحالف العربي الفترة الأخيرة، ولا سيما أنها كانت مختلفة عما سبقها، ومشابهة لضربات ميناء الحديدة قبل اتفاق ستوكهولم.
وقال: "نشهد اليوم تقدماً كبيراً في ساحة المعارك في شبوة، وهو أمر أثار غضب الحوثي، فقرر الرد من خلال اختطاف سفينة إماراتية بهدف توجيه رسائل لدول التحالف، والمجتمع الدولي، الذي لم يتدخل في الآونة الأخيرة كما فعل بعد معركة الحديدة. ومفاد الرسالة أن الجماعة رقم صعب، وأنها تستطيع تهديد الملاحة البحرية في البحر الأحمر".
وأشار إلى أن المجتمع الدولي وصل إلى قناعة تتلخص بأن الحوثي لم يستجب لمبارات السلام التي تطرح بين الحين والآخر.
تهديد الملاحة
ويرى كاسب أن العملية لن تمر من دون اتخاذ موقف دولي حازم تجاه الجماعة، متوقعاً أن ترفع الحصانة الدولية عن بعض المواقع في ميناء الحديدة القريب من باب المندب. وقال إن "ما قام به الحوثي أساء للأسرة الدولية، التي قد تصل إلى قناعة بأن سياسة الاحتواء والنفس الطويل لن تفيد معه".
واستطرد بالقول، "لا بد من عزل ميناء الحديدة مؤقتاً لأنه يُعد مصدراً رئيساً وأساسياً لاستقبال السلاح، وكذلك الخبراء العسكريين الذين يسندون الجماعة".
وأضاف أن "أولى الضربات العسكرية التي قامت بها قوات التحالف العربي كانت لتحرير مضيق باب المندب وضمان استقرار الملاحة البحرية به، لأهميته العالمية كممر تجاري، وخصوصاً أن سيطرة الحوثي عليه ستؤدي إلى تعطيل مرور السفن التجارية، لا سيما تلك التي تنقل الطاقة، الأمر الذي يهدد دول العالم أجمع".
خطوة غير ذكية
من جانبه، أشار باطرفي إلى أن الموانئ الثلاثة اليمنية الواقعة على البحر الأحمر، والتي يسيطر عليها الحوثي، تستخدم عسكرياً في تلغيم البحر الأحمر بالمتفجرات وتهريب السلاح والمخدرات، وتستخدم في إطلاق الزوارق المفخخة التي تستهدف السفن في الممرات الملاحية للبحر الأحمر.
وأضاف أن "ما قام به الحوثي اليوم يعد خطوة غير ذكية، وسترتد عليه، إذ ستضطر الدول إلى إرسال سفن عسكرية لحماية سفنها التجارية، وهذا يقلل من إمكانية التهريب للحوثي، كما أنه سيثبت للعالم أن هذه الجماعة لا تحترم القوانين الدولية، وليس لديها رغبة في السلام".
ونوّه بأن عملية الخطف اليوم ستوجه النظر إلى الموانئ اليمنية التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، ومن المفترض أن يتم تحييدها، واستخدام موانئ بديلة في الجنوب اليمني تزود الشمال باحتياجاته.