بعد تردد لم يطُل كثيراً، أعاد قاسم توكاييف، رئيس كازاخستان، تقديراته لما شهدته بلاده من تظاهرات عمّت كثيراً من كبريات مدن وأقاليم كازاخستان. وكانت ردود أفعاله قد تباينت بقدر تباين تحركات المتظاهرين وما يرفعونه من شعارات، سرعان ما تحولت من طابعها الاقتصادي الذي اقتصر على رفض رفع الأسعار، إلى الطابع السياسي الذي تمثل فيما رفعوه من مطالب سياسية تدعو إلى تغيير النظام ورحيل الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف، الذي راحوا يشوهون كل صوره، ويحطمون ما انتشر من تماثيل له في شوارع وميادين عديد من المدن الكازاخية. وما إن اتخذت الأحداث طابعاً وصفه توكاييف بأنه "تخريبي من تدبير قوى خارجية"، حتى تصاعدت ردود أفعاله التي استهلها بعدد من القرارات والإجراءات، سرعان ما كشفت عن "أن وراء الأكمة ما وراءها". وكان توكاييف قد استهل هذه القرارات التي أعقبت التراجع عن رفع أسعار الغاز، ليس فقط بإقالة عدد من المحسوبين على الرئيس السابق نور سلطان نزارباييف، ومنهم كريم ماسيموف سكرتير مجلس الأمن الوطني الذي اتهمه بالخيانة العظمى، بل واعتقالهم تمهيداً لمحاكمتهم جزاء التقصير في القيام بأعباء مناصبهم. وقال توكاييف بمسؤولية ماسيموف، الذي سبق وتولى منصب رئيس الحكومة إبان سنوات حكم نزارباييف، عن تسلل المقاتلين والإرهابيين الذين قال إن عددهم بلغ 20 ألفاً، "انضمت إليهم ما وصفها بـ"الخلايا النائمة" التي قدر عددها بقرابة ثلاثة آلاف من النشطاء، ومنهم أجانب"، على حد تصريحه الذي تناقلته وكالات الأنباء المحلية والعالمية.
استدعاء قوات حفظ السلام
وهكذا، تحول الدبلوماسي الأرستقراطي الذي كان قد شبّ وترعرع في كنف "يلباسي"، وهي الكُنية التي أطلقها مواطنو كازاخستان على "زعيم الأمة" نور سلطان نزارباييف، وجرى تقنينها دستورياً، إلى قائد "محارب" سرعان ما أمسك بتلابيب الموقف وزمام الأمور، التي فرضت عليه الجنوح نحو مزيد من التشدد. وتوالت القرارات التي عادت لتدخل الطمأنينة إلى نفوس مواطنيه، ومنها قراره حول استدعاء قوات حفظ السلام لبلدان معاهدة الأمن الجماعي، وإن تعالت أصوات تعرب عن خشيتها من احتمالات أن تتحول هذه القوات إلى ما هو أشبه بقوات "احتلال"، وذلك ما تطرق إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وآخرون من زعماء بلدان المنظمة، التي كانت قد تشكّلت عام 1992، وضمّت بين صفوفها تسعة من بلدان الاتحاد السابق، قبل تراجع ثلاث من هذه الجمهوريات، وانسحابها من المنظمة في وقت لاحق من مطلع القرن الحالي. وفي كلمته خلال مشاركته في قمة رؤساء بلدان معاهدة الأمن الجماعي التي عقدوها عبر "الفيديو كونفرنس" يوم الاثنين 10 يناير (كانون الثاني) 2022، كشف قاسم توكاييف رئيس كازاخستان عن "خيانة" أودت بالأوضاع إلى ما كانت آلت إليه. وقال إن "ما جرى تحت ستار الاحتجاجات العفوية، لم يكن سوى موجة من أعمال الشغب الجماعية قام بها أصوليون دينيون، ومجرمون وقطاع طرق ولصوص بهدف تقويض النظام الدستوري، وتدمير المؤسسات الحكومية، والاستيلاء على السلطة بموجب خطة أعدوا لها منذ فترة طويلة، تحت إشراف وبتنسيق من جانب مركز واحد، وبمشاركة مقاتلين أجانب". واستعرض الرئيس الكازاخي ما تحقق من خطوات على طريق استعادة الشرعية والحيلولة دون مزيد من "التخريب والإرهاب" على حد قوله، مشيراً إلى اعتقال قرابة ثمانية آلاف من المشاركين في تلك العمليات، التي كبدت البلاد خسائر تقدر بما يتراوح بين ملياري وثلاثة مليارات دولار. ولم يغفل توكاييف الإشارة إلى كثير من التفاصيل، ومنها ما تقوم به السلطات الكازاخية من عمليات لملاحقة من وصفهم بـ"الإرهابيين المختبئين الذين يستخدمون أساليب تمويه جديدة، ويرتدون ملابس مدنية، ويحلقون لحاهم".
إقرار بأخطاء ارتكبت
وفي كلمته التي اتسمت بقدر كبير من الصراحة والمصارحة، ما ينم عن خبرة وتجارب كان مر بها خلال مواجهته لما شهدته بلاده من اضطرابات في صيف عام 2020 في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية التي رفضتها فصائل المعارضة هناك، أشاد ألكسندر لوكاشينكو رئيس بيلاروس بقوات معاهدة الأمن الجماعي التي لم تكن قد اختبرت في السابق، وإن جرى تدريبها على أعلى مستوى، مؤكداً حاجتها إلى مزيد من الدعم بما يكفل "تعزيز عمل منظمة معاهدة الأمن الجماعي ونشاطها ضد الإرهاب وتحديات المستقبل". وتطرق لوكاشينكو إلى ما شهدته كازاخستان من قلاقل واضطرابات، قال إنها نجمت عن "تكثيف نشاط السياسيين الغربيين، ممن كانوا يراقبون الوضع في كازاخستان عن كثب". ومضى يؤكد "أن الدفع بقوات حفظ السلام يخرق خطط العملاء والمنفذين للصراع المثار... وهذا يؤكد مرة أخرى صحة قرارنا"، على حد تعبيره. وتناول على نحو ينم عن مراجعة للذات وشجاعة الاعتراف بما جرى ارتكابه من أخطاء دون إشارة إلى الزمان والمكان، مسألة لم يكن قد تطرق إليها كثيرون من قبل، إذ اعترف بأن ما حدث لم يكن ليحدث دون عوامل داخلية مهدت الطريق لذلك التدخل الخارجي، بما يعني تأكيد التقصير والمبررات التي دفعت المتظاهرين إلى الإعراب عن تذمرهم وسخطهم. وتوقف رئيس بيلاروس أمام تعليقات المشاركين الكثيرة في اجتماع القمة، حول ما يتعلق بتناثر "الاتهامات" و"التوقعات" باحتمال بقاء قوات حفظ السلام في كازاخستان، واعتبارها من جانب البعض كقوات "احتلال"، قائلاً إن "قوات حفظ السلام دخلت بناءً على طلب من رئيس كازاخستان وليس "كمحتلين"، بحسب تصريحات الغرب، ويجب ألا نسمح بتصوير قوات حفظ السلام كمحتلين. نرى أن مثل هذه المحاولات يتم القيام بها بالفعل. نحن لسنا محتلين، ولم نذهب إلى هناك من تلقاء أنفسنا... قدمنا الدعم الذي طلب منّا". ومضى يؤكد يقينه من أن "ما بذلته بلدان المعاهدة من جهود كان لها تأثير واقعي، وأظهرت للعالم علاقات الحلفاء الوثيقة والكفاءة وإمكانات المنظمة"، مشيراً إلى أن "غالبية المتظاهرين في كازاخستان هم مسلحون محترفون وإرهابيون. وهذا اتجاه خطير للغاية"، فيما تساءل عمّن "نظّمهم وقادهم"، وهو ما قال "إنهم في حاجة إلى استيضاح ومعرفة ذلك".
تكرار أحداث كازاخستان في أوزبكستان؟
ومن اللافت في هذا الصدد، أن لوكاشينكو حذر من مغبة تكرار أحداث كازاخستان في أوزبكستان المجاورة، قائلاً: "إنه إذا لم يتم تعلم الدروس من الأحداث في كازاخستان، فقد يحدث هذا مرة أخرى، في المقام الأول في أوزبكستان"، التي كانت قد شهدت ميلاد هذه المنظمة بين جنبات عاصمتها طشقند في مايو (أيار) عام 1992، وكانت تسمى آنذاك "معاهدة طشقند"، قبل أن تعود وتنسحب منها مع أذربيجان وجورجيا في وقت لاحق. ولم يكتفِ لوكاشينكو بالإشارة بشكل غير مباشر إلى الأخطار التي تهدد أوزبكستان، إذ توقف لمناشدة نظرائه بضرورة دعم طاجكستان، ما يوحي بوجود المعلومات التي تقول بما يهدد هاتين الجمهوريتين من أخطار ترتبط في جوهرها على حد تقدير كثيرين من المراقبين في موسكو، بوجود عديد من المنظمات الدينية "المتطرفة"، وما قد يظهر لاحقاً من أخطار من جانب أفغانستان التي تربطها بالجمهوريتين أطول حدود برية في آسيا الوسطى.
وفي هذا الشأن أيضاً، دعا إمام علي رحمن رئيس طاجكستان إلى مزيد من تضافر الجهود والعمل من أجل الحد من إيفاد الكثيرين من المبعوثين لدراسة العلوم الدينية في البلدان الأجنبية التي لم يحدد أياً منها، مكتفياً بالقول إنهم "غالباً ما يخضعون هناك لتدريب متطرف صارم". وأضاف الرئيس الطاجيكي "أن الأحداث في كازاخستان تؤكد الحاجة إلى تعزيز الحرب المشتركة ضد الإرهاب"، مشيراً إلى أنه سبق وحذر مراراً من وجود خلايا "نائمة" في بلدان المنظمة، داعياً دولها إلى وضع قائمة واحدة بالمنظمات الإرهابية المحظورة. ولم يغفل الرئيس الطاجيكي الإشارة إلى خطورة الوضع على الحدود الطاجيكية - الأفغانية، داعياً إلى ضرورة إنشاء حزام أمني حول أفغانستان، ومؤكداً "أن هناك أكثر من 40 معسكر تدريب إرهابياً قرب حدود منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فيها أكثر من 6 آلاف مسلح".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بين الموقفين الروسي والأميركي
واتجهت الأنظار إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي تشارك قواته بالنصيب الأكبر والأهم والمحوري في قوام قوات حفظ السلام لبلدان معاهدة الأمن الجماعي، لاستيضاح أبعاد رؤيته للموقف ومعرفة ما يمكن أن يرد به على ما يتناثر من اتهامات في حقه وحق بلاده، حول أن مشاركتها تستهدف "مآرب ذاتية"، من منظور ما قاله أنطوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي حول "أن كازاخستان ستجد صعوبة كبرى في الحد من النفوذ الروسي، بعد أن طلبت من موسكو نشر قوات على أراضيها لاحتواء الاضطرابات المستمرة". وكان بلينكن قد قال، "ثمة دروس من التاريخ الحديث مفادها أنه ما إن يدخل الروس بلداً ما، فإن إخراجهم يكون أحياناً أمراً بالغ الصعوبة"، وذلك ما ردت عليه موسكو في حينه بأشد عبارات السخرية، إلى جانب استعادتها لكثير من وقائع وتواريخ تدخل الولايات المتحدة غير الشرعي في عديد من المناطق والبلدان، ومنها "السجون الأميركية في غوانتانامو في كوبا"، إلى جانب تدخلها ووجودها غير المشروع في العراق وسوريا وغيرهما من بلدان العالم. وعلى الرغم من ذلك، لم يتوقف الوزير الأميركي عن انتقاداته لبوتين وسياساته، إذ عاد ليؤكد أن الرئيس الروسي، يسعى إلى إعادة النظام الإقليمي الذي كان موجوداً في زمن الاتحاد السوفياتي، وأن "ذلك من أهدافه". وقال بلينكن، في حديث إلى قناة CNN الأميركية، "إن هذا يعني إعادة دائرة النفوذ في الدول التي كانت سابقاً جزءاً من الاتحاد السوفياتي... وهذا الأمر غير مقبول". وعلى الرغم من إنكار بوتين هذه الفكرة، وما سبق وقاله في يونيو (حزيران) من عام 2021 حول أن "إعادة بناء الاتحاد السوفياتي أمر لا معنى له ومستحيل نظراً لعدد من الأسباب، وغير مُجدٍ علماً بالعمليات الديموغرافية في مجموعة من الجمهوريات السابقة للاتحاد السوفياتي"، فإن هناك كثيرين يميلون إلى مثل هذا الاعتقاد وهو ما لا يبدو في غير وفاق مع العقل والمنطق وتحديد المصالح الجيوسياسية للوطن"، وفي هذا الصدد كان بوتين قد استهل به ولايته الأولى في مطلع القرن الـ21 بقوله "إن من لا يعرب عن الأسى والأسف لانهيار الاتحاد السوفياتي السابق إنسان لا قلب لديه، ومن يريد استعادة الاتحاد السوفياتي إنسان لا عقل له"، وهي مقولة كما يقال "عفا عليها الدهر وشرب"، لأسباب تتعلق بتغيير الزمان والمكان، ومتغيرات الساحة الجيوسياسية.
"محاولة الانقلاب"
وكان بوتين قد استهل حديثه في اجتماع قمة رؤساء بلدان معاهدة الأمن الجماعي، بإعرابه عن تقديره لما اتخذه توكاييف من قرارات لمواجهة ما وصفه رئيس كازاخستان بـ"محاولة الانقلاب"، وأعمال الشغب التي ثمّة من أدارها من الخارج، على حد تعبيره. وأضاف قائلاً "إن الهجوم على كازاخستان هو عمل عدواني، وكان من الضروري الرد على ذلك من دون تأخير"، مشيراً إلى "أن بعض القوى الخارجية والداخلية استغلت الوضع الاقتصادي في كازاخستان لتحقيق أغراضها". وأكد الرئيس الروسي "أن منظمة معاهدة الأمن الجماعي تمكنت من اتخاذ إجراءات مهمة لمنع تدهور الأوضاع في كازاخستان، واستصدرت القرار الضروري في الوقت المناسب".
أما عما ينتظره منه كثير من خصومه وشركائه "غير الطيبين" على حد قول عدد من حكماء روسيا، فقال بوتين: "إن قوات مجموعة الأمن الجماعي ستبقى في كازاخستان للفترة التي تحددها قيادة هذه الدولة".
وأضاف، "أحداث كازاخستان ليست المحاولة الأولى، ولن تكون الأخيرة للتدخل الخارجي"، مؤكداً أن دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي أظهرت أنها لن تسمح بـ"ثورات ملونة"، على حد تعبيره. وأعاد بوتين إلى الأذهان ما سبق وقاله في أكثر من مناسبة لدى تحذيره من مغبة "الثورات الملونة"، ومحاولات تغلغل قوى بعينها في الشؤون الداخلية لعديد من بلدان الفضاء السوفياتي السابق، من خلال إشارته إلى أن "الأحداث الأخيرة في كازاخستان تؤكد أن بعض القوى لا تتردد في استخدام الفضاء الإلكتروني والشبكات الاجتماعية في تجنيد المتطرفين والإرهابيين، وتشكيل خلايا نائمة من المسلحين". وقال إن المسلحين في كازاخستان تلقوا تدريبات في معسكرات للإرهابيين بالخارج، كما أشار إلى أن أطرافاً داخلية وخارجية استغلت الأوضاع التي لم يُشر إلى ماهيتها أو تقديراته لأي من جوانبها، لتقوم بما قامت به خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك كله قد يتفق مع الإطار الأعم والأشمل لما يتناثر من شواهد تقول إن ما حدث في كازاخستان يخدم في نهاية المطاف مصالح روسيا الجيوسياسية، ويوفر لها المقدمات التي قد تكون مناسبة للتخلص مما يداهم المنطقة من أخطار ومطامع تراود إلى جانب واشنطن وحلفائها من بلدن الناتو، تركيا التي طالما كشف رئيسها رجب طيب أردوغان عن طموحاته نحو استعادة "أمجاد الإمبراطورية العثمانية". وهذا ما أشار إليه يفغيني بيرسينيف، في مقال له على الموقع الإلكتروني لصحيفة "سفوبودنايا بريسا" (الصحافة الحرة)، حول فرصة تركيا الضائعة في كازاخستان، تحت عنوان "قوات منظمة معاهدة الأمن الجماعي تضرب فكرة طوران العظيم". وحول هذه الطموحات، قال بيرسينيف إن "ظهور قوات حفظ السلام لبلدان معاهدة الأمن يهدد بضياع ما بذلته تركيا من جهود وما ضخّته من استثمارات في اقتصاد البلدان الناطقة بالتركية، ما يعني تراجع فكرة استعادة أمجاد الماضي وإحياء الإمبراطورية العثمانية". وتوقع الكاتب احتمالات تزايد احتدام الصراع في المنطقة، مؤكداً ضرورة توخي الحذر من احتمالات تكثيف تركيا نشاطها ليس فقط في مناطق آسيا الوسطى، بل وأيضاً في شبه جزيرة القرم ومناطق القوقاز، في شماله وجنوبه.
تحقيق ما يراود الملايين
هذا أيضاً لا يمكن أن يكون حجر عثرة على طريق تحقيق ما يراود الملايين في الفضاء السوفياتي السابق، من أحلام حول استعادة كثير من "أفضليات وأحلام الزمن الجميل" وما يتعلق منه بالحياة الكريمة والامتيازات الاجتماعية والرعاية الصحية وذكريات الإنجازات الثقافية والفنية والرياضية، لكن شرط أن يكون كل ذلك غير مرتبط بما اعترف به الجميع من "سلبيات الديكتاتورية والتسلط الحزبي والفكر الواحد"، وغير ذلك من المآسي والآلام التي طالما تكبدها بسطاء المواطنين، واستغلها أصحاب المصلحة المباشرة في تقويض دعائم الاتحاد السوفياتي السابق في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1991، أي منذ ما يزيد قليلاً على ثلاثين عاماً، ولعل ذلك هو ما قد يكون راود ألكسندر نزاروف المعلق السياسي لقناة "روسيا اليوم"، ما يوحي بذلك تحت عنوان "تمرد كازاخستان... موسكو تكسب وواشنطن وأنقرة تخسران". وعلى الرغم من حرص قناة "روسيا اليوم" التلفزيونية الناطقة بالعربية التابعة للكرملين، على تذييل هذا المقال بالجملة التقليدية حول "أن المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب"، فإن نشرها في مثل هذا التوقيت، وفي مثل هذا الموقع، يشير ضمناً إلى صحة ما يراود الملايين من آمال في استعادة بعض أيام "الزمن السوفياتي الجميل"، لكن الأهم قد يكون في النقيض الذي أشار إليه نزاروف مع ما طرحه بوتين وكثيرون من ممثلي الأنساق العليا للسلطة في موسكو، حول "أن أحداث كازاخستان لم تكن سوى تمرد جرت إدارته ودعمه من الخارج، وشكل من أشكال الثورات الملونة". وهو ما أوجزه نزاروف فيما قاله حول إنه "لم يعلن عن أي دليل قاطع على تورط واشنطن أو تركيا في الأحداث التي وقعت أخيراً في كازاخستان، على الرغم من إعلان الرئيس الكازاخستاني، قاسم جومارت توكاييف، عن اعتداء خارجي".
وعلى الرغم من وقوع الكاتب في شَرَك تأكيد الشيء ونقيضه، فإنه خلص في نهاية مقاله إلى "أنه يميل أكثر إلى اعتقاد أنه على أراضي الإمبراطورية الروسية السابقة، والاتحاد السوفياتي، خلال عقد أو عقدين من الزمان، لن تكون هناك سوى دولة كبيرة واحدة أو نوع من الاتحاد، سيكون جوهره، بطبيعة الحال، روسيا. للتاريخ طبيعة دورية". وذلك هو المطلوب إثباته.