يُفترض أن تكون الأسابيع القليلة الأولى التي تلي شراء منزل جديد مملؤة بالبهجة والحماس وتفريغ الأمتعة والانشغال بألوان الدهان، واستكشاف كل تفاصيل المنزل الجديد.
في المقابل، يخيب ظن واحد من كل عشرة أشخاص منّا تقريباً، بل يبداً البحث عن مكان أفضل، بعد انقضاء الشهر الأوّل من استلامه مفاتيح منزله الجديد.
كشفت دراسة جديدة أن نسبةً تصل إلى 34% من البريطانيين بدأوا البحث عن منازل جديدة خلال السنة التي تلت شرائهم عقاراتهم، بل فعل ذلك 7% منهم بعد مرور شهر على الشراء.
أغلب هؤلاء، إمّا ندموا على شراء المنزل، أو رغبوا في تغيير المنطقة التي يسكنون فيها، أو أنّهم شعروا أنه كان بإمكانهم الحصول على منزل أفضل بالسعر نفسه.
وينطبق ذلك حصراً على الأشخاص الذين أكملوا عمليات شراء منازل مؤخّراً، بمعنى أنهم أولئك الذين لم يتسنَّ لهم وقت كافٍ كي يشعروا بالملل بسبب بقائهم في المنزل نفسه سنوات طويلة، أو لم يشهدوا تغيّراً في ظروفهم، أو تمكنوا ببساطة من إيجاد حلول للتفاصيل التي لم تناسبهم.
ومن جهة أخرى، كشفت الدراسة التي أجرتها شركة "توماس ساندرسون" لتصنيع الزجاج، عن أن شخصاً من بين كل ستّة ممن اشتروا بيوتاً خلال الخمس سنوات الأخيرة، يشعر بالرضى عن المنزل الذي يعيش فيه. في المقابل، بيّن أكثر من نصف مالكي البيوت أنهم إمّا غير سعداء أو أن أفكارهم ملتبسة حول الموضوع. ويعود السبب في ذلك إلى مكان البيت أو الحي الذي يقع فيه، إضافة إلى التكلفة.
ما يثير القلق هو أنّه على الرغم من أن أسعار الفائدة في الوقت الحالي منخفضةٌ جدّاً بالمقارنة مع أوقات سابقة، إلّا أن ربع أولئك المالكين غير الراضين عن بيوتهم قالوا إن ذلك يعود إلى مصاعب يواجهونها في سداد أقساط قروضهم العقاريّة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من التغييرات الأخيرة التي طرأت على آلية تقييم المتقدّمين إلى القروض العقارية لجهة قدرتهم على السّداد، لا يعتقد 14% ممّن اشتروا بيوتهم العام الماضي عن طريق القروض العقارية إنّ بإمكانهم تحمّل تكاليف السداد.
وكذلك تورد الدراسة إن أقل من نصف الذين اشتروا عقاراً في آخر خمس سنوات حصلوا على المنزل الذي كانوا يريدونه.
وفي حين أن أغلب ما تبقّى من الشارين يعانون مشكلة التقدم في السن، وبالتالي ليسوا قادرين على دفع سعر المنزل الذي يرغبون به، إلا أنّ خُمسهم انتهى به الأمر إلى الحصول على منازل لا تمثّل خياره الأوّل، لأنّ غيرهم دفع ثمناً أكبر في العقار الذي كانوا يريدونه حقّاً.
ويشير ريتشارد بيتري مدير التسويق في شركة "توماس ساندرسون" إلى "إن سوق الإسكانات متقلّبة جدّاً، والخوف من تفويت فرصة شراء منزل جيّد أو صفقة ناجحة يدفع الناس للاستعجال في شراء العقارات".
ويضيف بيتري "من المفهوم أن تكون فضوليّاً حيال ما يمكنك الحصول عليه مقابل السعر نفسه الذي دفعته لشراء عقارك، لكن من المثير أن البريطانيين فور شرائهم منزلاً يبدأون البحث عن منزل جديد سريعاً".
ويقدّم بيتري نصيحة للبريطانيين تتلخّص في الكلمات التالية: "خذ وقتك عند البحث عن منزل تشتريه، وتأكّد 100% أنّه ملائم لك تماماً قبل أن تدفع العربون وتمضي قُدماً في عملية الشراء، لأنك ستدفع الثمن غالياً إن اكتشفت لاحقاً أنك لا تحب المنزل الذي اشتريته، ولن يكون تدارك الأمر سهلاً أو رخيص الثمن".
وحسب تقييم متوسّط أسعار العقارات في 2018، فإن تكلفة بيع منزل وشراء آخر بدلاً منه، تزيد على 10 آلاف جنيه إسترليني. ويشمل ذلك تقييم الرهن العقاري ورسوم الطوابع، وأجور الوكيل العقاري والمسّاحين، ورسوم نقل الملكية وتكاليف الترحيل.
تأتي تلك الأخبار بعدما أظهرت الأرقام الصادرة عن "الهيئة الملكيّة للإيرادات والجمارك" إنّ سوق العقارات في ركود مستمر، ما يزيل بعضاً من الحمل عمن يخططون لتغيير منازلهم بحثاً عن شيء يناسبهم، كما يخفف شعورهم بالحاجة إلى التصرّف بسرعة ، والمخاطرة بشراء عقار قد يشعرون بالندم عليه لاحقاً.
وفي ذلك الصدد، يرى شون تشيرتش، المدير في شركة "برايفت فاينانس" للوساطة العقارية، إنّ "سوق العقارات وصلت إلى طريق مسدود، وحالة الريبة المحيطة بالبريكست تدفع شُراةُ المنازل وبائعيها إلى تعليق مخططاتهم في بيع العقارات وشرائها"
ويعتقد أيضاً أنّ "كلا الطرفين ينتظر ما قد يحمله المستقبل إلى سوق العقارات في المملكة المتحدة، قبل أن يأخذ خطوته التالية... وفي اجتاحت حالة من الركود السوق في عام 2018، إلا أنه من المتوقّع أن يشهد عام 2019 نمواً بسيطاً فيه. وستكون الحركة التي تستند إلى الشرائح الأدنى من السوق، خصوصاً المشترين للمرّة الأولى، مسؤولة عن جزء كبير من النشاط فيه. إذ لا تعيق أولئك المشترون ضرورة بيع ملكية سابقة، فيما يشجعهم التباطؤ في ارتفاع أسعار العقارات، إضافة إلى الإعفاءات الضريبية".
ويتحدث تيرتش عن أخبار جيّدة بالنسبة لأولئك الذين قرّروا عدم السماح للعلاقة بين البريطانيين وأوروبا أن تؤثّر على قرارهم دخول السوق العقاري، وأخذ خطوة باتجاه امتلاك عقار جديد.
ويرى تشيرتش إنّ "المقرضين يعرضون أسعار فائدة تنافسيّة، وشروط إقراض مسهّلة بهدف جذب الزبائن الذين يشترون منزلاً للمرّة الأولى، آخذين بعين الاعتبار الحركة النشطة الحاصلة في الشريحة الدنيا من سوق العقارات. ونتيجة لذلك، تفضي المنافسة في سوق الإسكانات إلى حدوث زيادة في تحفيز الأشخاص الذين يشترون منزلاً للمرّة الأولى، وتجعل امتلاك عقار جديد ممكناً أكثر بل يحصل بمجرّد تجاوز الشاري العقبة الابتدائية المتمثّلة بادّخار دفعة أولى من ثمن العقار".
© The Independent