أثار إعلان وزارة الشباب والرياضة في موقعها الرسمي باعتماد 26 يناير (كانون الثاني) اليوم الوطني للشباب، موجة من الانتقادات وُجّهت إلى الوزارة ممثلة بوزيرها عدنان درجال. التنديد جاء نتيجة اختيار هذا اليوم كونه يتزامن مع عيد ميلاد الوزير. فالبعض انتقد خطوة الوزارة كونها وبحسب رأيهم، تمثل عودة إلى الأنظمة الشمولية، فيما اعتبر آخرون الإعلان تجسيداً فعلياً لظاهرة شخصنة المؤسسات، التي من المفترض أن تمثل الجميع ولا تسعى إلى تمجيد من هم في رأس الهرم.
ونص الخبر الذي فتح النار على وزارة الشباب والرياضة ونشر في موقعها الرسمي التالي: "وزارة الشباب والرياضة تستعد وبتوجيه من وزير الشباب والرياضة عدنان درجال، لإطلاق يوم وطني للشباب أسوة باليوم العالمي. وأن الوزارة قررت اختيار يوم 26 /1 /2022 باعتباره يوماً وطنياً للشباب".
العودة إلى النظام الشمولي
غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادات وصلت حد السخرية من وزارة الشباب ووزيرها، بسبب إقرار اليوم الوطني للشباب متزامناً مع يوم ميلاد الوزير. غالبية التغريدات أرفقت البيانات الشخصية لعدنان درجال مع إبراز خانة الميلاد وهي 26 يناير، ليتساءل الجميع عن المغزى من اختيار هذا التاريخ، خصوصاً أن اليوم الوطني للشباب يُفترض أن يكون مناسبة تؤرخ لحدث رياضي مهم، ولا ترتبط بشخص المسؤول.
ويرى باسم الشيخ، المتحدث باسم تجمع قوى المعارضة، أن "ربط المناسبات العامة بالأشخاص، لا سيما من المسؤولين، يقترن بالنظم الشمولية والديكتاتورية"، مندداً بخطوة الوزارة قائلاً "الوزير هنا فرض مناسبة شخصية على جمهور عام من دون إذن أو استطلاع رأي أو إجراءات تشريعية، ليقع في الشخصنة التي تنم عن عدم دراية بالقوانين أو حكمة في التعامل".
ويكمل أن النظام البرلماني المعتمد في العراق حصر مسؤولية تحديد الأعياد والمناسبات بشكلها الجامع بمجلس النواب، باعتباره سلطة تشريعية ممثلة لكل شرائح وطوائف وقوميات المجتمع العراقي، ليتخذ القرارات بهذا الشأن بالإجماع التام، وقد فعل ذلك وحدد عدداً من هذه المناسبات والعطل لتكون رسمية.
استغلال الوظيفة
ويرى القانوني طارق حرب أن هذ الإجراء يمثل "أبشع أنواع استغلال الوظيفة"، متسائلاً: "هل خلا التاريخ الرياضي العراقي من انعطافات وطنية مهمة، لكي يتم إعلان اليوم الوطني للشباب متزامناً مع ميلاد الوزير؟ فالوزارة ليست ملكاً لشخص الوزير، وهو خادم للشعب".
وأكد حرب أن هناك أحداثاً تاريخية مهمة من الممكن توظيفها لتمثل اليوم الوطني للشباب، فهي تبث الحماسة الرياضية والشعبية، ومنها انضمام العراق إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" عام 1950، أو وصوله إلى نهائيات كأس العالم بكرة القدم للمرة الأولى في تاريخه عام 1986.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لوزارة الشباب والرياضة رأي آخر
في المقابل، رفضت وزارة الشباب والرياضة هذه الانتقادات والهجمة التي وصفها مدير إعلامها علي العطواني بـ"غير المبررة". وأوضح في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أن تصادف موعد الاحتفال مع ميلاد الوزير لم يكُن في الحسبان، وقال "اكتشفنا ذلك بعد أن حدثت الهجمة، فالقرار اتخذ من قبل هيئة الرأي في الوزارة واللجنة العليا"، مؤكداً أن وزير الشباب والرياضة "وجّه اللجنة العليا وهيئة الرأي باختيار يوم آخر لإقامة الاحتفالية، ليكون اليوم الوطني، بعد اللغط الذي أثاره تحديد تاريخ 26 يناير كيوم وطني للشباب".
لماذا وقع الاختيار على يوم 26 يناير؟
وأوضح العطواني أن منهاج الأسبوع الشبابي سيبدأ في 22 يناير، ويتضمن إقامة معرض علمي للابتكارات العلمية للشباب العراقي بمشاركة جامعات عراقية، ويستمر لـ24 يناير. وفي 25 الحالي، سيكون هناك ملتقى ثقافي فني يتضمن عروضاً موسيقة ومعرضاً للفنون التشكيلة.
ويكمل "كان من المفترض إقامة احتفالية مركزية يوم 26 يناير لتكريم الشباب المبدعين المشاركين في هذين المهرجانين وفعاليات أخرى، منها إطلاق منصات إلكترونية شبابية للعمل التطوعي، ومنصات مالية وبطاقة شبابية (وهي بطاقة إلكترونية مالية فيها امتيازات مالية وخصائص تخدم شريحة الشباب)، وإطلاق رؤية الوزارة للسنوات العشر المقبلة (2020-2030). وفي 27 من هذا الشهر، تبدأ فعاليات بغداد عاصمة الشباب العربي، التي تستمر لغاية الأول من فبراير (شباط) المقبل. فالسبب من وراء اختيار هيئة الرأي في وزارة الشباب والرياضة 26 يناير كونه يتوسط هذين البرنامجين، وهما الأسبوع الشبابي وفعاليات بغداد، وليس لكونه يتزامن مع ميلاد وزير الشباب والرياضة.
"تفسيرات أخرى؟"
وكان وزير الشباب والرياضة صرّح لإحدى القنوات العراقية، قائلاً "إن الموضوع فُهم خطأ أو نشر بالخطأ، إذ سيتم إعلان اليوم الوطني للشباب في احتفالية يوم 26". وختم "عدنان درجال لا يحتاج أن يطلق شيئاً في عيد ميلاده، 26 ليس اليوم الوطني للشباب بل هو اليوم الذي سيُعلن فيه عن تحديد موعد لليوم الوطني للشباب".
ولعل التضارب بين إعلان الوزارة والتصريحات المتلفزة يفتح الباب أمام تأويلات يراها البعض على أن الوزارة كانت تقصد فعلاً اختيار اليوم الذي يتزامن مع مولد الوزير، لكنها ارتأت أن تبعث بتفسيرات أخرى بعد حملة الانتقادات التي وُجّهت إليها.