أظهر تحليل أجرته "بلومبيرغ" أن دولتي الفلبين ومصر الأكثر مرونة بين الأسواق الناشئة وسط قلق الحرب التجارية، وأوضحت أن معظم الدول الأعلى مرتبة تتمتع بتوقعات قوية للنمو الاقتصادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفقاً لسجل بلومبيرغ للاقتصاديات النامية، الذي يضم 21 دولة، فإن دولتي الفلبين ومصر سجلتا ارتفاعاً بسبب عمليات البيع الأخيرة في الأسواق النامية، التي تركت الأصول أقل نسبيا من قيمتها.
على النقيض من ذلك، فإن المكسيك، التي تواجه الآن تهديداً جديداً من الرئيس دونالد ترمب على مستوى التعريفات الجمركية، تحتل المرتبة الأولى بين أكثر الأسواق ضعفاً بسبب صادراتها الكبيرة إلى الولايات المتحدة.
وقال ساتورو ماتسوموتو، مدير صناديق بشركة "أسيت مانجمنت وان"، التي تدير أكثر من 500 مليار دولار ومقرها طوكيو، "إن الاقتصاديات التي لديها طلب محلي قوي، أو علاقات تجارية صغيرة مع الصين أو الولايات المتحدة، أو تلك التي تفرض قيوداً أكبر على المستثمرين الأجانب للوصول إلى الأسواق أصبحت أكثر عزلة".
وأضاف "من المفهوم أن دولاً مثل المكسيك الأكثر عرضة لتباطؤ الولايات المتحدة، والتي يتم تداولها أيضاً كبديل للأسواق الناشئة تحتل مرتبة أقل".
ويبحث المستثمرون عن أصول الأسواق الناشئة التي لا تزال تقدم قيمة، وذلك بعد موجات البيع العنيفة الناجمة عن التصعيد المفاجئ في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين في وقت سابق من شهر مايو (أيار).
وسجل مؤشر عملات الأسواق الناشئة MSCI أكبر انخفاض شهري له منذ أغسطس (آب)، بعد أن انخفض بنسبة 1.3٪ في مايو، كما انخفض مؤشر أسهم الأسواق الناشئة بنسبة 7.5٪ بعد ارتفاعه خلال الأشهر الأربعة الماضية.
وتصدّرت الفلبين القائمة، وتلتها مصر ثم الهند، في حين جاءت الصين وكوريا الجنوبية في المركزين الرابع والخامس على التوالي.
وجاءت اليونان في المرتبة السادسة بقائمة بلومبيرغ للأسواق النامية، تلتها باكستان وماليزيا، ثم روسيا، وكولومبيا في المركزين التاسع والعاشر بالتتابع.
كيفية تحديد احتساب درجات المؤشر؟
وأوضحت بلومبيرغ الطريقة التي تم على أساسها احتساب الدرجات التي حصلت عليها كل دولة بالقائمة، "بأن الاقتصاديات المحددة في القائمة إما مسجلة في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، أو في مقياس بلومبيرغ باركليز الذي يتبع الديون السيادية بالعملة المحلية في الأسواق النامية".
وحددت 6 نقاط جوهرية في منهجية التحليل الذي تجريه على اقتصاديات الأسواق النامية، جاءت كما يلي:
ـــ يتم حساب تأثير الحرب التجارية من خلال أخذ متوسط مرجح لصادرات كل اقتصاد إلى الولايات المتحدة والصين بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الصين ليست لديها درجة لهذا المعيار.
ـــ يتكون معيار السلامة من مراكز الحساب الجاري، وتصنيفات الائتمان السيادي واحتياطيات النقد الأجنبي.
ـــ يتم احتساب التقييمات بناءً على نسب السعر إلى الأرباح لمقاييس أسهمMSCI وعوائد السندات المعدلة حسب التضخم وأسعار الصرف الفعلية الحقيقية.
ـــ الأرقام هي علامات Z التي تقيس الانحرافات عن متوسط الاقتصاديات المشمولة في حالة إجمالي الناتج المحلي وأرصدة الحساب الجاري والتصنيفات والعوائد الحقيقية، علما بأن الدرجات Z تستند إلى أسعار الصرف الفعلية الحقيقية ونسب الربح إلى المقارنات التاريخية.
ـــ فيما يتعلق بالاحتياطيات، تحصل الاقتصاديات التي تلبي نسبة كفاية صندوق النقد الدولي بدرجة كافية على نقاط الصفر، وتلك التي تنقصها القروض تحصل على ناقص 1.
ـــ نمو الناتج المحلي الإجمالي وأرصدة الحساب الجاري مستمدة من توقعات الاقتصاديين لعامي 2019 و2020 التي جمعتها بلومبيرغ.
ـــ التصنيفات السيادية من ستاندرد أند بورز، وتعتمد أسعار الصرف الفعلية الحقيقية على بيانات جي بي مورغان.
نظرة إيجابية للاقتصاد المحلي
من جانبه، أكد محسن عادل، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، "أن تقرير "بلومبيرغ" يعبر عن حالة إيجابية وتوقعات مستقبلية جيدة للاقتصاد المصري انتهجتها المؤسسات المالية الدولية، ووكالات التصنيف الائتماني".
وأضاف عادل لـ"اندبندنت عربية" "أن الفترة الماضية شهدت اتخاذ عدد من الإجراءات الإصلاحية التي أسهمت في تحقيق المرونة في الاقتصاد المحلي مما دفع إلى تحسن عدد من المؤشرات الخاصة بأداء الاقتصاد المصري، على رأسها تراجع معدلات التضخم، وارتفاع رصيد الاحتياطي المصري من النقد الأجنبي بالإضافة إلى توسع مصر في إنشاء المناطق الصناعية".
إصلاحات كبرى رغم التحديات
وأوضح عادل "أن مصر نفذت حزمة إصلاحات كبرى أخذت أكثر من محور رغم التحديات، بدأتها في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بتحرير سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار الأميركي تحريرا كاملا".
وتابع الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار بأن "المحور الثاني كان بتحفيز الصادرات المصرية وتقليل حجم الواردات، ما أسهم في تحسن الميزان التجاري، وتمثل المحور الثالث في وضع برنامج قوي لجذب الاستثمارات الأجنبية من الخارج في ظل تراجع الاقتصاد العالمي على خلفية النزاع التجاري الدولي بين الولايات المتحدة الأميركية والصين".
حصاد الإصلاح الاقتصادي
وحافظت مصر على مركزها الأول أفريقيّاً كأكبر دولة جاذبة للاستثمارات، وثاني أكبر دولة في المنطقة العربية خلال العامين الماضيين، وكان لهذا فضل كبير في تدفق حركة الاستثمارات الأجنبية إلى داخل مصر، مما قلل من الضغط على العملة المحلية، وهو ما يقف وراء ارتفاع الجنيه أمام الدولار الأميركي في الفترة الأخيرة.
رانيا يعقوب، المحلل المالي لشركة "ثري واي" للأوراق المالية، قالت إن "تقرير بلومبيرغ يعبّر عن ثمار الإصلاحات الاقتصادية التي بدأت في الربع الأخير من 2016، ونجح الاقتصاد في جني ثمار هذه الإصلاحات بعد عدد من التحديات في السنوات الماضية مثل معالجة التشوهات في منظومة الدعم بكل أشكالها".
وأضافت يعقوب "أن الحكومة المصرية اتخذت سياسات مرنة، وفرضت مجموعة من الضرائب، بينها القيمة المضافة، وعالجت هيكل الأجور، كل هذا ساعد في زيادة تنافسية الاقتصاد المصري عالمياً".
وتابعت رانيا "أن اكتشافات الغاز الطبيعي في البحر المتوسط أو السعي للتنقيب في البحر الأحمر عزز من قدرة الاقتصاد المصري ودفع مؤسسات التصنيف الائتماني المصري لرفع التصنيف عالميا، مما رفع من ثقة المستثمرين الأجانب تجاه مناخ الاستثمار في مصر".
معركة الإصلاح
وعلق الدكتور فخري الفقي، العضو الجديد لمجلس إدارة البنك المركزي المصري، بأن "مصر خاضت معركة كبرى بدأتها في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 بقرار تحرير سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي، وهو القرار الذي اتّسم بالتحدي والإصرار وعدم الخوف من النتائج المترتبة من ارتفاع أسعار السلع والتضخم".
فائض أولي بالموازنة
وأضاف الفقي أن "حزمة الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتها مصر بعدد من القرارات بداية بترشيد منظومة الدعم المترهلة منذ سنوات، ثم عمليات الإصلاح الهيكلية للموازنة العامة للدولة وتحقيق فائض أولي في موازنتي العام المالي الماضي 2018-2017، ثم استمرار تحقيق الفائض للعام الثاني على التوالي في 2018-2019 مع الإصرار على تحقيق الفائض نفسه في مشروع الموازنة العامة للعام الجديد 2019-2020".
يتابع الفقي "كل هذا أدى إلى التقييمات المرتفعة التي حصلت عليها القاهرة من مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية مثل (موديز)، و(فيتش)، و(ستاندرد آند بورز)، بالإضافة إلى إشادات صندوق النقد والبنك الدوليين لخطوات الإصلاح، التي جعلت الاقتصاد المصري أحد أفضل الاقتصاديات الناشئة وقِبلة المستثمرين الأجانب للبحث عن الأرباح والمكاسب".
البنية الأساسية مهدت الطريق أمام الاستثمار
محسن خضير، الخبير المصرفي، أكد "أن مصر أحدثت ثورة في قطاع البنية الأساسية والتحتية، ونفذت حزمة من المشروعات القومية التنموية ضمت شبكة طرق كبرى ومحطات كهرباء عملاقة، سواء تلك التي نفذتها سيمينز الألمانية وغيرها، إلى جانب مجموعة من القوانين والتشريعات مثل قانون جديد للاستثمار وخريطة استثمارية بالمحافظات بالتوازي مع قرارات جيدة من البنك المركزي حافظت على السياسة النقدية والمالية، وأسهمت في أن تكون مصر دولة جاذبة للاستثمار في الشرق الأوسط".
وطالب خضير الحكومة المصرية "باستكمال خطة الإصلاحات حتى تستطيع تحقيق معجزة مثل معجزات النمور الآسيوية في نهاية القرن العشرين".