بعد ما يقارب العام على إنشاء أكبر كيان مصرفي في السعودية، نتيجة اندماج بنكي الأهلي والسعودي الأميركي، بدأ البنك العملاق في توسيع استثماراته من خلال وضع خطط طموحة للتوسع عبر عمليات استحواذ وشراء بنوك في أوروبا وآسيا.
وبحسب وكالة "بلومبيرغ" للأنباء، فإن الخطوة تأتي لتعزيز الاستثمارات الخارجية للبنك الذي بلغت أصوله نحو 240 مليار دولار.
وأوضحت الوكالة الأميركية في تقريرها أن المديرين التنفيذيين في البنك يقومون بعصف ذهني حول الأهداف المحتملة، على أن يتم تقديم ملامح استراتيجية الاستحواذات المستهدفة إلى مجلس الإدارة في الأشهر المقبلة.
التوجه خارجياً
من جانبه قال المحلل المالي سليمان العساف، إن التوجه الجديد للبنك الأهلي السعودي يأتي كخطوة ثانية من عمليات التوسع التي شهدتها الأوساط المصرفية في البلاد، إذ شهدنا خلال العامين الماضيين اندماجات بين البنوك السعودية التي كانت تهدف في مجملها إلى خلق كيانات مصرفية كبيرة قادرة على الانفتاح باقتدار على الأسواق العالمية.
في حين، أوضح المحلل الاقتصادي جمال بنون، أن الخطوة تأتي بعد خطوة صندوق الاستثمارات العامة فتح مكاتب له في لندن ونيويورك وهونج كونج، وقال "من الواضح أنها حفزت البنك الأهلي السعودي للدخول في تجربة جديدة خارج السوق المحلية، بعدما استحوذ العام الماضي على أكبر بنك محلي، وتحول إلى أكبر بنك في البلاد حين تجاوزت أصوله 900 مليار ريال (نحو 239 مليار دولار) وقاعدة رأسمال أكثر من 44 مليار ريال، أي ما يعادل 11.73 مليار دولار.
أهداف جديدة
وفي السياق ذاته، حدد العساف أهداف البنك من الاستحواذ على مصارف ومؤسسات مالية أجنبية بثلاثة أهداف، هي "الانفتاح على أسواق جديدة وتنوع عمليات تقوية مالديه من مجالات استثمارات بهدف تعزيز مكانته عالمياً، وأخيراً جذب الخبرات من خلال البنوك العالمية".
وقال "إن الخطوة تهدف إلى جذب استثمارات أجنبية جديدة للبلاد، من خلال التوسع في الخارج، مع الاستفادة من الفرص المتاحة حالياً في الأسواق العالمية".
الترويج لفرص
وفي سياق متصل، يأتي توجه البنك الأهلي السعودي متزامناً مع بدء شركات الاستشارات في بورصة "وول ستريت" بالترويج لفرص استحواذ. وبحسب المعلومات المتداولة صحافياً، فإن كلاً من بنك "كريدي سويس" السويسري، وبنك "ستاندرد تشارترد" البريطاني، يرغبان في الاستثمارات، لا سيما في الأسواق الناشئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلى ذلك أفادت "بلومبيرغ" بأن مجموعة "دي بي أيس غروب" وهي أكبر بنك في جنوب شرقي آسيا، وشركة إدارة الثروات السويسرية "جولياس بيير غروب"، من بين الأسماء المحتملة في خطط البنك الأهلي الجديدة للاستثمار خارجياً.
وهنا يعلق بنون بالقول "إن البنك الأهلي السعودي مرشح لتوسعة خدماته المصرفية والمالية خارجياً ليصبح أحد البنوك الكبيرة بما يجعله يدخل نادي البنوك العالمية التي تمتلك أصولاً عالية. وربما يشكل صندوق الاستثمارات والبنك الأهلي ثنائياً متكاملاً في تبادل المعلومات والخبرات بشأن الاستحواذ أو اقتناص فرص مناسبة في الخارج".
واعتبر أن "الأهلي" بهذا التوجه يعد أول بنك سعودي يسعى إلى الاستحواذ الخارجي، خصوصاً على تلك المصارف التي تواجه تعثرات مالية أو أزمة تسديد ديون، "وربما نسمع قريباً وبخاصة في النصف الثاني من هذا العام عن الاستحواذ في إحدى الأسواق الناشئة، خصوصاً أن تحليل البيانات أظهر أن حجم الديون المعدومة في البنوك الآسيوية قفز إلى مستويات عالية، بخاصة مع تباطؤ النمو".
ويواجه أكثر من 74 بنكاً آسيوياً قروضاً معدومة تبلغ 171 مليار دولار، في حين بلغ حجم القروض المتعثرة نسبة 28 في المئة على أساس سنوي، ما يعني وفق المحلل الاقتصادي بنون أن "الفرص متاحة للبنوك الكبيرة التي لديها ملاءة مالية في الاستحواذ على تلك البنوك التي تعاني من أزمة ديون متعثرة".
ويشير تقرير "بلومبيرغ" إلى أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت السعودية ستتابع بعض عمليات الاستحواذ الأكثر طموحاً في الأسواق العالمية، أم أنها ستختار متابعة عمليات الشراء الصغيرة أو التركيز على النمو العضوي.
توسع عالمي
يأتي ذلك، في الوقت الذي تشجع فيه الحكومة، كبرى الشركات في البلاد على توسيع وجودها العالمي كجزء من رؤية 2030 الطموحة، التي تنظر إلى وجود قطاع مصرفي قوي قادر على تمويل الصناعات الجديدة، على أنه مفتاح للجهود المبذولة لتعزيز ديناميكية القطاع الخاص وتسريع النمو.
وكان صندوق الاستثمارات العامة لعب دوراً أساسياً في تنظيم الصفقة التي أدت إلى إنشاء البنك الأهلي السعودي الحالي، من خلال الدمج بين البنك الأهلي التجاري ومجموعة سامبا المالية، والإعلان عن صفقة الاستحواذ في أبريل (نيسان) 2021، ليتحول الكيان الجديد إلى عملاق مصرفي في المنطقة.