اعتبرت الاستخبارات الأميركية والبريطانية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتلقى معلومات مضلّلة حول مسار الحرب في أوكرانيا، لأن مستشاريه يخشون إطلاعه على الخسائر العسكرية والاقتصادية التي تكبّدتها بلاده بسبب حربها على أوكرانيا.
وأشارت استخبارات الدولتين الحليفتين إلى أن مستشاري بوتين "يخشون إخباره الحقيقة" حول الخسائر في المعارك، والتأثير الحقيقي للعقوبات في موسكو.
"أخطأ في تقدير الهجوم"
وبعد ساعات من نشر البيت الأبيض تقرير استخباراته، قال مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينغ الخميس 31 مارس (آذار)، إن بوتين "ارتكب خطأ كبيراً جداً في تقدير" الهجوم الذي بدأته قواته على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) وتداعياته.
وأضاف خلال خطاب ألقاه في الجامعة الوطنية الأسترالية في كانبرا: "لقد رأينا جنوداً روساً - يفتقرون إلى السلاح ومعنوياتهم متدنية - يرفضون تنفيذ الأوامر ويخرّبون المعدات الخاصة بهم، بل ويُسقطون طائراتهم عن طريق الخطأ".
وتابع "حتى لو كان مستشارو بوتين يخشون إخباره الحقيقة، فإن ما يحدث ومدى جسامة هذه الحسابات الخاطئة، يجب أن يكونا واضحين تماماً للنظام".
واستخفّ الرئيس الروسي، وفقاً لفليمينغ، بالمقاومة الأوكرانية وبقوة التحالف الدولي الذي تشكّل ضده وبتأثير العقوبات الاقتصادية في بلاده.
وكرر المسؤول البريطاني بذلك ما أدلى به في اليوم السابق مسؤول كبير في البيت الأبيض، لجهة أن علاقة بوتين بالعاملين معه تدهورت.
وقالت مديرة التواصل في البيت الأبيض كايت بيدينغفيلد "من الواضح أن لدينا معلومات كشفناها الآن عن أنه (بوتين) يشعر أنه خُدع من قبل الجيش الروسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"بث الفتنة"
واستعادت القوات الأوكرانية السيطرة على بعض الأراضي في الأيام الأخيرة - بما في ذلك إربين، إحدى الضواحي الاستراتيجية لكييف - إذ يبدو أن الهجوم الروسي قد توقف بعد خمسة أسابيع من بدايته في 24 فبراير.
ويرى محلل شؤون الدفاع ماركوس هيليير لدى "أستراليان ستراتيجيك بوليسي إنستيتيوت" Australian Strategic Policy Institute في كانبرا، أن من "الواضح جداً" أن بوتين يتلقّى استشارات سيئة.
ويشير إلى أن "مستشاري القادة الاستبداديين يتعلمون بسرعة ما يريد الرئيس سماعه".
ويعتبر هيليير أن الاستخبارات الغربية قد تكون تهدف، بقولها هذا عن بوتين، ليس فقط إلى شرح الأحداث، بل إلى بث الفتنة أو إثارة الشكوك أيضاً حول حكم بوتين داخل روسيا.
ويقول إن مهما كانت النصيحة التي يتلقاها بوتين، فهو سيؤجج الحرب، ومن غير المرجح أن يقبل بتسوية ما لم يكُن لديه أمر "جوهري جداً" ليحمله إلى الشعب الروسي.
ويضيف "قد يدركون أنهم لا يستطيعون هزيمة أوكرانيا بشكل كامل، لذا سيعتمدون استراتيجية مختلفة، أي احتلال كل منطقة دونباس وأكبر قدر ممكن من ساحل البحر الأسود، واستخدام ذلك كحقائق على الأرض لاستراتيجيتهم التفاوضية".
"توتر مستمر"
وتأتي تقارير الاستخبارات الأميركية والبريطانية في وقت تزداد الأسئلة حول علاقة بوتين بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الذي اختفى عن الأنظار طيلة أسابيع قبل أن يظهر من جديد في 26 مارس في إطلالة تلفزيونية.
وأظهرت مشاهد بثها التلفزيون، شويغو وهو يترأس اجتماعاً بشأن مشتريات الدفاع الروسية. ولم تكُن المشاهد مؤرّخة، لكن شويغو أشار إلى اجتماع لوزارة المالية في اليوم السابق.
وقال مسؤول أميركي في واشنطن إن هناك "توتراً مستمراً" بين بوتين ووزارة الدفاع في موسكو، نابعاً من عدم ثقة الرئيس الروسي بقيادة الوزارة.
وأوردت تقارير عدة في مارس أن قسماً غامضاً من جهاز الاستخبارات الفيدرالية الروسي قد خضع للتدقيق، وتم استجواب رئيسه الذي أُفيد بأنه رهن الإقامة الجبرية.
ولم يكُن ممكناً التأكد من صحة هذه التقارير من مصادر مستقلة.