جددت الأرقام التي رصدتها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في الأردن، المخاوف من وقوع اللاجئين السوريين في المملكة تحت براثن الفقر والحاجة، بعد أن أظهر مسح ميداني أن نحو 65 في المئة من هؤلاء اللاجئين يعيشون بأقل من 4 دولارات يومياً.
مفوضية اللاجئين وصفت حال نحو مليون لاجئ سوري بالهشاشة والضعف، من خلال الكشف عن نحو 10 آلاف عائلة لاجئة في البلاد على وشك الوقوع في براثن الفقر، محذرة من أن ثلاثة أرباع اللاجئين سيكونون فقراء.
ويستضيف الأردن 760 ألف لاجئ مسجلين لدى المفوضية. ومن بين هؤلاء، هناك حوالى 670 ألفاً من سوريا، إضافة إلى عشرات الآلاف من غير المسجلين رسمياً. ويعيش في الأردن أكثر من 3.788 ملايين لاجئ يحملون أكثر من 53 جنسية، غالبيتهم من الفلسطينيين والسوريين.
وبعد 12 عاماً على رحلة اللجوء، تتقاذف اللاجئين السوريين في المملكة أوضاع اقتصادية صعبة، بخاصة مع امتداد حجم الأسر السورية في البلاد، وارتفاع عدد المواليد الجدد، حيث تتحدث إحصاءات عن ولادة ألفي طفل لاجئ سوري كل شهر.
وأطلق الأردن خطة للاستجابة للأزمة السورية والتعامل مع تداعيات اللجوء السوري، بتوفير دعم مالي للاجئين لعام 2021، بنحو 2.4 مليار دولار، إضافة إلى 260 مليون دولار لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.
صعوبات معيشية
على الرغم من العدد القياسي الذي أصدرته الحكومة الأردنية من تصاريح العمل للاجئين السوريين بهدف مساعدتهم على الاندماج في المجتمع، تبقى فئة كبيرة منهم تواجه صعوبات معيشية بشكل يومي.
ففي عام 2021 أصدرت الحكومة الأردنية 62 ألف تصريح عمل للسوريين، ومنذ عام 2016، يُسمح للاجئين السوريين بالعمل في قطاعات من الاقتصاد الأردني، بهدف التقليل من حاجتهم للمساعدات واعتمادهم على الآخرين، وحصولهم على العمل اللائق.
من بين الصعوبات التي رصدتها مفوضية اللاجئين، ما يسمى باستراتيجية التكيف السلبي، التي تجبر نحو 90 في المئة من عائلات اللاجئين، على الحد من تناول الطعام أو شراء السلع المنزلية عن طريق الدين الآجل، للاستمرار في حياتهم اليومية.
ويبدو أن المعاناة تتركز أكثر لدى اللاجئين السوريين داخل المخيمات، إذ يواجهون صعوبة في الحصول على العمل مقارنة مع اللاجئين الذين يقطنون في المدن. وفي السابق، كان يُسمح لهم بالعمل فقط في مجالات الزراعة والبناء والتصنيع، ولكن في العام الماضي، مُنحوا بعض استثناءات للعمل في قطاعات كالرعاية الصحية، والخدمات، والمبيعات والحرف.
وواجه نحو 20 في المئة من اللاجئين السوريين في المملكة، خطر الإخلاء من منازلهم في عام 2021 بسبب الفقر، فضلاً عن اضطرارهم إلى العيش في منازل غير آمنة وفي ظروف دون المستوى. ويلتحق نحو 80 في المئة من اللاجئين بالمدارس، على الرغم من مواجهة تحديات كعمالة الأطفال، حيث يضطر كثيرون للعمل لمساعدة عائلاتهم الفقيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتطول قائمة المعاناة الناتجة من اللجوء لتطال قطاع الصحة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 25 في المئة من إنفاق أسر اللاجئين السوريين تذهب إلى الرعاية الصحية.
ويتلقى اللاجئون السوريون رعاية صحية عامة مجانية منذ عام 2012، لكن في 2018 ألغت الحكومة الأردنية الرعاية الصحية المدعومة للمقيمين خارج مخيمات اللاجئين.
وتقول مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إن تغيير سياسة الرعاية الصحية في الأردن تسبب في ارتفاع تكاليف العلاج وزيادة الضغط المالي عليهم.
جوع ونقص تغذية
في المقابل، تتحدث السلطات الأردنية عن النقص العام في الموارد والضغط على البنى التحتية والتراجع الاقتصادي، باعتبارها الأسباب الحقيقية لزيادة عدد الفقراء في صفوف اللاجئين.
وتقول الحكومة، إن الفقر ليس سمة مرتبطة باللاجئين فقط، بل تمتد إلى الأردنيين الذين ارتفعت نسب فقرهم منذ جائحة كورونا، فضلاً عن تقديرات لمنظمة "الفاو"، والبنك الدولي تشير إلى أن ظاهرة الجوع في الأردن ستصبح أكثر شراسة خلال عام 2022.
وارتفعت نسب نقص التغذية في الأردن بواقع 5.6 في المئة خلال الأعوام الـ 12 الماضية تحت ضغط التوترات الإقليمية وهجرة النازحين إلى الأردن، ووفقاً لمسح محلي عن الأمن الغذائي في الأردن، فثمة 12 ألف أسرة في المملكة غير آمنة غذائياً، والرقم مرشح للتصاعد.
ويتوقع البنك الدولي زيادة عدد الأشخاص الذين يعيشون في الأردن تحت خط الفقر المدقع، بمبلغ يومي قدره نحو دولار واحد. وتظهر دراسات محلية أن نحو 46 في المئة من إنفاق الأسر الأردنية كان على الغذاء، في حين تراجع، أخيراً، لصالح احتياجات أخرى كالكهرباء والنقل.
أما في ما يخص اللاجئين، فيتضح أن نحو 93 في المئة من أسر اللاجئين في الأردن يعانون انعدام الأمن الغذائي أو عرضة لانعدامه، لا سيما تلك الأسر التي تعيلها نساء.