Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قوات روسية في مفاعل "تشيرنوبيل" تنشر الغبار المشع في غابة حوله

غير مزودين بمعدات وقاية ويتحركون بطريقة "انتحارية" في أكثر مناطق العالم تلوثاً بالإشعاعات

لقطة تُظهر "غطاء الحماية الجديد" في مفاعل "تشيرنوبيل" يغطي بقايا المفاعل الرابع الذي طاوله الانفجار سابقاً. تشيرنوبيل، بتاريخ 05 إبريل 2017 (رويترز)

أكد عمال في موقع مفاعل "تشيرنوبيل" النووي لتوليد الكهرباء في أوكرانيا أن جنوداً من القوات الروسية، قادوا عرباتهم المدرعة عبر "الغابة الحمراء" [منطقة تحيط بمحطة "تشيرنوبيل"، تبلغ مساحتها نحو عشرة كيلومترات مربعة، وتعتبر أكثر المناطق تلوثاً بالإشعاعات على وجه الأرض] الشديدة السمية حول مفاعل "تشيرنوبيل"، من دون اتخاذ إجراءات الحماية اللازمة من الإشعاعات، وتسببوا في نشر سحب من الغبار المشع.

ووصف موظف في مجمع "تشرنوبيل" هذا التصرف من جانب الجنود الروس الذين استولوا على موقع الكارثة النووية السابقة، بأنه "انتحاري"، لأن الغبار المشع الذي استنشقوه من المحتمل أن يتسبب في إشعاع داخل أجسامهم.

وفي 25 فبراير (شباط) الماضي، أفادت هيئة التفتيش عن الإشعاعات النووية التابعة للحكومة الأوكرانية، قد أفادت بأن مستويات الإشعاع في مفاعل "تشيرنوبيل" ارتفعت، بسبب دخول مركبات عسكرية ثقيلة الوزن، أسهمت في تحريك التربة واهتزازها. لكن لم تتضح حتى الآن، تفاصيل ما حدث هناك بالضبط.

حينما دخلت دبابات روسية إلى موقع "تشيرنوبيل" في 24 فبراير الماضي وسيطرت عليه، لم يكن يوجد فيه سوى عاملين أوكرانيين في الخدمة، في وقت ما زال فيه موظفو المنشأة يواصلون تولي المسؤولية عن إجراءات التخزين الآمن للوقود النووي المستهلك، والإشراف على بقايا المفاعل الذي كان انفجر في عام 1986.

وقد أكد الموظفان أنهما شاهدا دبابات روسية وعربات مدرعة أخرى تتوغل عبر "الغابة الحمراء"، وهي الجزء الأكثر تلوثاً من الناحية الإشعاعية في المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة الأوكرانية، التي تبعد قرابة 100 كيلومتر شمالاً عن العاصمة الأوكرانية كييف.

وتبين أن الجنود النظاميين الروس الذين تحدث معهم أحد الموظفين حينما عملوا إلى جانبه في المنشأة، لم يسمعوا بمسألة انفجار المفاعل النووي في الماضي.

في المقابل، طمأن الجيش الروسي إلى أن الإشعاعات ظلت ضمن المستويات الطبيعية بعد الاستيلاء على المحطة، وأن الإجراءات التي أقدم عليها الجنود، حالت دون حصول ما سماها "استفزازات نووية" محتملة من جانب القوميين الأوكرانيين.

وفي وقت سابق، نفت موسكو أن تكون قواتها قد عرضت المنشآت النووية في أوكرانيا للخطر، وامتنعت وزارة الدفاع الروسية عن التعليق على ما ذكره الموظفون في موقع "تشيرنوبيل".

واستطراداً، أطلقت تسمية "الغابة الحمراء" على تلك المحيطة بالمفاعل النووي بعدما تحولت عشرات الكيلومترات المربعة من أشجار الصنوبر إلى اللون الأحمر، نتيجة تشبعها بإشعاعات الانفجار، وتعد تلك البقعة شديدة التلوث الإشعاعي إلى درجة أنه لا يُسمح حتى لعمال المحطة النووية بالتوجه إليها.

وقد أكد ذلك فاليري سيدا المدير العام بالوكالة لمنشأة "تشيرنوبيل" الذي لم يكن في مقر عمله حينما وقع الغزو الروسي، مشيراً إلى أن "أحداً لا يذهب إلى هناك على الإطلاق، ولا يوجد أحد في تلك البقعة".

وقد لفت العاملان الأوكرانيان في المحطة إلى أن القافلة العسكرية الروسية دخلت إلى المنطقة. وأشار أحدهما إلى أن العسكريين استخدموا طريقاً مهجورة.

وروى أحد المصدرين مشاهداته بالحديث عن "قافلة كبيرة من المركبات العسكرية سارت على طول طريق تقع مباشرة خلف منشأتنا، وتمر عبر الغابة الحمراء". وأضاف أن "القافلة الروسية تسببت بتصاعد عمود كبير من الغبار. وأظهرت أجهزةٌ عدة لاستشعار السلامة من الإشعاعات، أن مستويات الإشعاعات تجاوزت معدلاتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكذلك واصل الموظفان عملهما في المصنع بعد وصول القوات الروسية إلى موقع "تشيرنوبيل"، طيلة شهر تقريباً مع زملاء لهما، قبل أن يُسمح لهما الأسبوع الماضي بالعودة إلى منزليهما، وذلك بعدما وافق القادة العسكريون الروس على إرسال بدلاء من بعض العاملين.

ولم يتسن َّلوكالة "رويترز" التحقق بشكل مستقل من الحسابات التي أعطاها العاملان عبر الهاتف يوم الجمعة، وقد اشترطا عدم الكشف عن هويتيهما خوفاً على سلامتهما.

في اليوم التالي، سيطرت قوات روسية على بلدة "سلافوتيتش" الواقعة بالقرب من منشأة "تشيرنوبيل"، حيث يعيش معظم عمال المصنع. وكذلك أفاد المدير العام للمحطة بالوكالة ورئيس بلدية سلافوتيتش يوم الاثنين، أن القوات الروسية غادرت البلدة الآن.

في إطار آخر، لم تتمكن "رويترز" من أن تحدد عبر جهة مستقلة مستوى الإشعاعات لدى الأشخاص الذين كانوا على تماس مع القافلة الروسية التي دخلت "الغابة الحمراء".

في سياق متصل، حذرت أيرينا فيريشوك نائبة رئيس الوزراء الأوكراني يوم الأحد الفائت من مخاطر الإشعاعات في "تشيرنوبيل"، موجهة انتقادات إلى القوات الروسية بسبب "عسكرتها" المنطقة المحظورة، بحسب تعبيرها.

وطالبت فيريشوك مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات فورية لنزع السلاح من تلك المنطقة، وإيفاد بعثة خاصة لتطويق مخاطر وقوع حادثة في الموقع الذي شهد أسوأ كارثة نووية مدنية في العالم.

في 27 فبراير، أعلنت "الوكالة الحكومية الأوكرانية لإدارة منطقة الحظر" State Agency of Ukraine on Exclusion Zone Management أن آخر سجل لديها لأجهزة الاستشعار بالقرب من مرافق تخزين النفايات النووية، قبل أن تفقد السيطرة على نظام المراقبة، أظهر أن جرعة الإشعاع التي يمتصها جسم الإنسان هناك، كانت أعلى بسبع مرات من المعدل الطبيعي.

في 25 فبراير، أوردت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" Atomic Energy Agency (IAEA) أن مستويات الإشعاع في موقع تشيرنوبيل وصلت إلى 9.46 "مايكرو سيفرت" microsievert في الساعة (سيفرت هي وحدة النظام الدولي لجرعة التأثير البيولوجي للإشعاع المؤين)، لكن تلك المستويات ظلت "ضمن نطاق التشغيل" المسجل في منطقة الحظر منذ لحظة إنشائها، ولم تشكل أي تهديد للسكان عموماً.

يُشار إلى أن المستويات الآمنة، وفق معايير "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" المدرجة على الموقع الإلكتروني للوكالة، تصل إلى "ميللي سيفرت" millisievert واحد سنوياً بالنسبة إلى عموم السكان، و20 "ميللي سيفرت" سنوياً في ما يتعلق بالأفراد الذين يتعاملون مع الإشعاعات بشكل احترافي. ويساوي الـ"ميللي سيفرت" الواحد ألف "مايكرو سيفرت".

وقد أكدت "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" أنها توقفت عن تلقي بيانات المراقبة من موقع تشيرنوبيل منذ 9 مارس (آذار) الحالي.

في غضون ذلك، تواصل السلطات الأوكرانية اعتبار منطقة "تشيرنوبيل" المحظورة خطرة. ويعد الدخول إلى موقع الكارثة من دون إذن جريمة يعاقب عليها القانون الأوكراني.

 

أسهمت وكالة "رويترز" في إعداد محتوى هذا التقرير

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 29 مارس 2022

© The Independent

المزيد من تقارير