Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب الجبل الأخضر تفجر ذكراها في عُمان بعد نصف قرن من انطفائها

قالت الشرطة في السلطنة إنها رصدت انفجاراً لمقذوفات "قديمة جداً" يرجح أنها تنتمي إلى حرب الخمسينيات الأهلية

صورة من نزوى التي اشتعلت منها حرب الجبل الأخضر أواخر الخمسينات (غيتي)

أثار خبر نشرته الشرطة العمانية عن وفاة طالبين بمقر سكنهما بولاية نزوى، وسط السلطنة، بعد أن كانا يعبثان بأجسام يشتبه في أنها "مقذوفات قديمة جداً "عثر عليها الطالبان في إحدى المناطق الجبلية، وانفجرت فيهما.

ولم تذكر الشرطة أي معلومات جديدة حول الحادثة التي لا زالت تحت التحقيق، إلا أنها ليست الأولى من نوعها، فقد سبق وأن أعلنت السلطات في منطقة نزوى قيامها بعمليات تفجير لمقذوفات يتم العثور عليها باستمرار في الإقليم ذاته، بخاصة في منطقة الجبل الأخضر التابع لنزوى.

وعلى الرغم من غياب التفاصيل حول نوعية القنابل، إلا أن متابعين رجحوا أنها "مقذوف هاون" بريطاني الصنع، يعود لحقبة الاحتراب الأهلي بين السلطنة والإمامة عقب انهيار اتفاق السيب الذي نظم به الحاكم البريطاني في عُمان العلاقة بين السلطتين القائمتين في ذلك الوقت.

النفط يسقط اتفاق السيب

وتعود حكاية المقذوفات الخاملة إلى منتصف القرن الماضي عندما كانت حمى البحث عن الذهب الأسود تحرك الأساطيل والقوى العظمى في العالم والشرق الأوسط بخاصة بعد اكتشاف أحزمة نفطية غنية في منطقة الخليج التي كان الجزء غير المستقل منها تحت سيطرة بريطانيا العظمى، حيث بدأت لندن البحث عن النفط في البحرين والإمارات والكويت وعلى الضفة الأخرى في إيران، وفي عُمان بطبيعة الحال، بصفتها إحدى أكثر دول المستعمرات أهمية بالنسبة إلى الدولة الكبرى في العالم ذلك الحين.

وكانت عمان في حينها مقسمة إلى إقليمين، سلطنة مسقط التي يحكمها السلطان سعيد بن تيمور وتشمل أقاليم الساحل المطل على الخليج وبحر العرب، وعُمان الداخل التي تخضع لسيطرة الإمام غالب بن علي بحكم ذاتي عن السلطان. وأسهم هذا التقسيم الذي قدمه البريطانيون تحت اسم "اتفاق السيب 1920" في احتواء الصراع الذي عاشه الإقليمان منذ أواخر القرن الـ 19 وأوائل القرن الـ 20، إلا أن هذا التقسيم انهار جزئياً في 1953 عندما أعطت عُمان امتيازاً لشركة النفط العراقية - البريطانية بالتنقيب في أراضيها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واتسعت جهود التنقيب بعد فشل الشركة في إيجاد كميات كافية في مناطق السلطان سعيد إلى منطقة الفهود داخل حدود الإمامة، مما أشعل نزاعاً عسكرياً انتهى بسيطرة القوات التابعة للسلطان والمدعومة من القوات البريطانية على مدينة نزوى عاصمة الإمامة في 1955 في عملية سميت "عملية نزوى".

حرب الجبل الأخضر

وفي العام 1957 شاركت القوات البريطانية بسلاح الجو في الحرب للمرة الأولى، وأسهمت الغارات الجوية في ترجيح ميزان المعركة بعد أن دمرت تحصينات الإماميين في نزوى وإزكي وبهلا وبركة الموز وتنوف وقرى سفوح الجبل الأخضر، وهي ولايات مهمة في عمان الداخل، ومنيت قوات الإماميين بخسائر كبيرة في الرجال دفعتها للزحف على مدن المنطقة الداخلية وبمساندة آليات مدرعة بريطانية جلبت من عدن إلى منطقة العمليات، فاضطر جيش الإمام إلى اللجوء للجبل الأخضر والتحصن في مخابئه ليبدأ بعدها فصلاً جديداً في المعارك.

ولعبت التضاريس دوراً مهماً في حماية ما تبقى من القوات الثائرة، إلا أن العام 1959 حمل تغييراً في سير المعارك بعد أن توغلت قوات جوية بريطانية خاصة تشارك في المعارك للمرة الأولى في الجبل من عدة جوانب، مدعومة بغطاء جوي كثيف انتهى بمحاصرة قوات الإمام الذي اضطر إلى الاستسلام ومغادرة البلاد بعد ذلك.

وانتهت الحرب مطلع العام 1959 بتوحيد عُمان وانتهاء حكم الإباضية في البلاد، بعد مقتل 13 من قوات مسقط والبريطانيين، و176 من أتباع الإمام، وخلفت ورائها قنابل كثيرة لم تنفجر.

اعتمد هذا التقرير على بحث تم جمع معلوماته من قبل الباحث العُماني علي الريامي، في كتاب حمل اسم "حرب الجبل الأخضر" الذي روى حكاية الحرب وفق رواية الإماميين، وتم انتقاء المعلومات ذات المصادر الممتدة إلى وثائق دولية تجنباً للانحياز.

واستخدمت القوات الخاصة البريطانية في حصارها للقوات المتحصنة في الجبل الأخضر قذائف الهاون بشكل كثيف، جلبت من مستعمرة عدن وظل كثير منها معطلاً لم ينفجر في حينه، ليتم اكتشافه بعد عدة حالات انفجار شهدتها العقود التي تلت الحرب.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير