Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس من مهد حراك الشارع العربي إلى الديمقراطية المهددة

الأزمات تعصف بالبلاد التي لم تستطع حتى اليوم تجاوز الفساد والمشكلات الاقتصادية

شاب يرفع صورة للرئيس التونسي قيس سعيد (أ ف ب)

شكّلت تونس في عام 2011 مهد "الربيع العربي" الذي انطلق منها وعمّ دولاً عدة في العالم العربي، ونموذجاً للانتقال الديمقراطي الناجح، لكنها اليوم تواجه أزمة اقتصادية ومخاوف من تراجع إنجازات الثورة على صعيد الديمقراطية والحريات.

وتستعد تونس لانتخابات رئاسية يبدو الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات منذ عام 2021 الأوفر حظاً للفوز بها.

والبلد الواقع في المغرب العربي مفتوح شمالاً وشرقاً على البحر الأبيض المتوسط مع شواطئ يبلغ طولها نحو 1300 كيلومتر، كما أنه يجاور الجزائر من الغرب وليبيا من الجنوب، ويبلغ عدد سكانه نحو 12 مليون نسمة.

في مارس (آذار) 1956، حصلت تونس، المحميّة الفرنسية منذ 1881، على استقلالها. وبعد سنة، أعلنت الجمهورية وتمّ خلع البايات، وأصبح "المجاهد الأكبر" الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للبلاد.

وتمّت إزاحة هذا الأخير عام 1987 بعد انحراف نحو التسلّط على يد رئيس وزرائه زين العابدين بن علي الذي انتُخب لاحقاً رئيساً لولايات متتالية في عمليات اقتراع مثيرة للجدل.

الثورة وما بعدها

في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2010، أضرم البائع المتجوّل محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد (وسط غربي البلاد) النار في نفسه بسبب البؤس ومضايقات الشرطة حول مكان إيقاف عربته، ما أثار احتجاجات واسعة على البطالة وغلاء المعيشة.

وسرعان ما انتشرت تظاهرات احتجاجية تخللتها أحداث شغب دامية في جميع أنحاء البلاد. وارتفع شعار "الشعب يريد إسقاط النظام".

في 14 يناير (كانون الثاني) 2011، هرب بن علي إلى السعودية، ثم بدأت ظاهرة الاحتجاجات والتظاهرات المطالبة بسقوط الأنظمة تنتقل إلى دول عربية أخرى.

في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، فازت "حركة النهضة الإسلامية" التي حصلت على ترخيص في مارس، بـ89 من أصل 217 مقعداً في المجلس التأسيسي في أول انتخابات حرة في تاريخ البلاد. وفي ديسمبر، انتخب المجلس المنصف المرزوقي، الناشط اليساري وخصم بن علي، رئيساً للبلاد.

في 26 يناير 2014، بعد أشهر من المفاوضات، تم إقرار دستور جديد.

وفي الانتخابات التشريعية في أكتوبر، فاز حزب "نداء تونس" بزعامة الباجي قائد السبسي، وهو حزب مناهض للإسلاميين وكان يضم شخصيات يسارية ووسطية ومقربين من نظام بن علي، متقدماً على "النهضة".

بعد شهرين، فاز قائد السبسي بالانتخابات الرئاسية بمواجهة المرزوقي. وتوفي في يوليو (تموز) 2019.

 

حقبة سعيّد

في نهاية 2019، انتخب أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد رئيساً. وفي 25 يوليو (تموز) 2021، أقال سعيّد رئيس الحكومة ثم احتكر السلطات وعلّق عمل البرلمان وحله وأصبح يدير البلاد بمراسيم.

بعد ذلك، طرح سعيّد دستوراً جديداً للبلاد، ودعا التونسيين للاستفتاء عليه، وضمّنه صلاحيات واسعة لسلطة الرئيس. ويعتبر معارضو الرئيس ما قام به "انقلاباً على الثورة".

تعتبر تونس رائدة عربياً في مجال حقوق المرأة منذ اعتماد قانون الأحوال الشخصية في عام 1956 الذي منح التونسيات حقوقاً غير مسبوقة.

وألغى هذا القانون تعدّد الزوجات وأعطى النساء حق طلب الطلاق في المحكمة، وحدد السن الأدنى للزواج بـ17 سنة "في حال موافقتها". كما أقر حرية المرأة في اختيار زوجها وحقها في التعليم، وكرس الزواج المدني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

التطرف

عانت البلاد بعد الثورة من صعود الحركات المتطرفة المسلحة. وأعلن تنظيم "داعش" مسؤوليته عن ثلاثة اعتداءات كبرى هزّت تونس عام 2015 وأسفرت عن مقتل 72 شخصاً معظمهم من السياح الأجانب وعناصر قوى الأمن في متحف باردو في تونس العاصمة، وفي أحد فنادق سوسة، وفي هجوم على حافلة تابعة للحرس الرئاسي في العاصمة.

في 2016، هاجم متطرفون منشآت أمنية في بنقردان (جنوب شرقي البلاد) ما أدى إلى مقتل 13 عنصراً من قوات الأمن وسبعة مدنيين. وتم القضاء على عشرات المسلحين المتطرفين.

وتحسّن الوضع الأمني بعد ذلك، لكن البلاد ما زالت تعيش في ظل حالة الطوارئ.

 

كورونا والأزمة الاقتصادية

بعد أن تضرّر بشدة من جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى انخفاض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 8.7 في المئة عام 2020، سجل الاقتصاد التونسي نمواً نسبته 3.3 في المئة في 2021، بحسب البنك الدولي.

ولم تُحلّ مشكلات البطالة (16 في المئة) وتدهور البنية التحتية العامة التي كانت من أسباب ثورة 2011.

ويعتبر الفوسفات قطاعاً استراتيجياً للاقتصاد التونسي، لكن إنتاجه واجه عقبات مرات عدة بسبب نقص الاستثمارات واضطرابات اجتماعية متكررة. كما تعتبر البلاد أحد أبرز منتجي زيت الزيتون في العالم.

الآثار والسياحة

في تونس أيضاً، عدد كبير من المواقع المدرجة على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو)، ضمنها المدن القديمة في العاصمة وسوسة والموقع الأثري في قرطاج، المدينة التي تحدّت روما في العصور القديمة.

ومن هذه المواقع، مدينة القيروان التي تبعد نحو 160 كيلومتراً جنوب تونس العاصمة والمعروفة بأنها أول المدن الإسلامية في أفريقيا (تأسّست عام 50 هجرية أي قبل نحو 1400 عام) وكانت عاصمة للبلاد في القرن الثامن ميلادي، مدرجة أيضاً على لائحة التراث العالمي لليونيسكو.

ويعتبر قصر الجم في وسط البلاد، من أهم المسارح الرومانية في العالم.

كما يشتهر متحف باردو بمجموعة استثنائية من الفسيفساء فضلاً عن قطع أثرية تغطي عصور ما قبل التاريخ والأزمنة الفينيقية وحقبة قرطاج والعصور الرومانية والمسيحية والعربية الإسلامية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير