ارتفعت أسعار النفط لتعوض بعض الخسائر الكبيرة التي تكبدتها خلال الجلسة السابقة، وذلك بدعم من مخاوف حول تقلص الإمدادات من روسيا وليبيا، في حين أظهرت بيانات انخفاض المخزونات الأميركية.
وتلقت أسعار الخام أيضا دعماً من تعافي النشاط الصناعي المتضرر بالوباء في الصين، فيما قررت مدينة شنغهاي الصينية التي شهدت إغلاقات جراء مواجهة تفشي كورونا، إعادة تشغيل المصانع مع سعي المدينة، وهي مركز مالي رئيس، إلى التعافي من الضرر الاقتصادي الذي سببته عمليات الإغلاق غير المسبوقة.
وبحلول الساعة 12:15 ظهراً بتوقيت غرينتش، زادت أسعار العقود الآجلة لـ "خام برنت" تسليم يونيو (حزيران)، 1.12 دولار بما يعادل واحداً في المئة لتصل إلى 108.37 دولار للبرميل. كما صعدت أسعار العقود الآجلة لـ "خام غرب تكساس الوسيط" تسليم مايو (أيار)، 81 سنتاً أو 0.8 في المئة إلى 103.37 دولار للبرميل.
وهبط الخامان 5.2 في المئة خلال معاملات متقلبة أمس الثلاثاء بعدما خفض صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو العالمي بنقطة مئوية كاملة تقريباً، مشيرا إلى الآثار الاقتصادية لحرب روسيا في أوكرانيا، وحذر من أن التضخم يعد الآن "خطراً واقعاً وواضحاً" في عدد من الدول.
ووفقاً لتوقعات الصندوق فمن المحتمل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 3.6 في المئة خلال العامين الحالي والمقبل، وهو مستوى أقل بنحو 0.8 في المئة عن التقديرات السابقة لعام 2022 وبنسبة أقل من 0.2 في المئة لعام 2023.
تقلبات الأسعار
وتقلبت أسعار النفط العالمية ورفعتها توقعات نقص الإنتاج بعد فرض عقوبات على روسيا، ثاني أكبر مصدر للنفط في العالم وأحد الموردين الرئيسين لأوروبا، لكن توقعات تراجع النمو العالمي واستمرار إجراءات الإغلاق بسبب "كورونا" في الصين أضرت بالطلب في أكبر مستورد للنفط في العالم، مما أثر في الأسعار.
إنتاج "أوبك+"
وعلى جانب العرض أنتجت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها المعروفة باسم "أوبك+" نحو 1.45 مليون برميل يومياً من دون أهدافها الإنتاجية في مارس (آذار)، إذ بدأ الإنتاج الروسي بالتراجع في أعقاب العقوبات التي فرضتها الدول الغربية.
وأظهر تقرير التحالف الذي يوفر 45 في المئة من الإنتاج العالمي، أن روسيا أنتجت نحو 300 ألف برميل يومياً دون المستوى المستهدف في مارس عند 10.018 مليون برميل يومياً، بحسب ما ذكرت وكالة "رويترز".
القوة القاهرة
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا حال "القوة القاهرة" بميناء البريقة النفطي أمس الثلاثاء، وتوقف العمليات فيه قائلة إنها ليست قادرة على الوفاء بالتزاماتها تجاه السوق النفطية.
وجاء ذلك غداة توقف ميناء نفطي آخر وحقل إنتاج في شرق البلاد عن العمل للسبب عينه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمثل إعلان "القوة القاهرة" تعليقاً "موقتاً" للعمل وحماية يوفرها القانون للمؤسسة في مواجهة المسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبيتها العقود النفطية الأجنبية، بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.
ولليوم الخامس على التوالي تشهد حقول وموانئ نفطية في جنوب ليبيا وشرقها عمليات إغلاق، الأمر الذي تسبب في فقدان البلاد أكثر من نصف إنتاجها اليومي البالغ 1.2 مليون برميل يومياً.
تراجع المخزونات الأميركية
وفي سياق منفصل، كشفت بيانات معهد البترول الأميركي تراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة بنحو 4.5 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي المنتهي في الـ 15 من أبريل (نيسان) على عكس توقعات بزيادتها.
وأفاد المعهد في تقريره الأسبوعي أن مخزونات البنزين زادت 2.9 مليون برميل خلال الأسبوع الماضي، بينما تراجع مخزون المقطرات بنحو 1.7 مليون برميل.
ومن المقرر إعلان البيانات الرسمية الخاصة بالمخزونات من قبل إدارة معلومات الطاقة الأميركية في وقت لاحق اليوم، والتي يتابعها المستثمرون وتؤثر بشكل كبير في تحركات أسعار الخام.
وفي حال تأكيدها تراجع المخزون بأرقام معهد البترول نفسها فسيكون الهبوط الأكبر منذ أوائل فبراير (شباط) الماضي، بينما تشير التوقعات إلى ارتفاع مخزونات النفط بمقدار 2.2 مليون برميل.
الحرب الروسية - الأوكرانية
وقال المحلل النفطي الكويتي خالد بودي "إن ارتفاع أسعار النفط حالياً مرتبط بالحرب في أوكرانيا والتوترات بين روسيا والغرب بسبب هذه الحرب". وأضاف، "كلما زادت حدة هذه التوترات نشهد ارتفاعاً في أسعار النفط بسبب القلق من اتساع الحرب، وبالتالي تعثر وصول الخام من خلال بعض طرق الإمدادات، والعكس صحيح، فكلما خفت حدة الحرب والتوترات نجد تراجعاً في الأسعار".
وأوضح بودي أنه "مع استمرار هذه الأوضاع فليس من الغريب أن نشهد تحركاً في أسعار النفط بالزيادة أو النقص في حدود 10 إلى 15 في المئة، وهذا متوقع في مثل هذه الظروف، وعدا ذلك فليس لدينا تغيرات جوهرية مؤثرة في الأسعار مثل العرض والطلب والأوضاع الاقتصادية".
اتجاه صعودي
وقال محلل الأسواق العالمية أحمد حسن كرم إن "أخطار أسواق النفط لا تزال تميل إلى الاتجاه الصعودي مع احتمال حدوث مزيد من حالات انقطاع أخرى في ليبيا، إلى جانب استمرار المخاوف من فرض حظر محتمل على النفط الروسي من جانب الاتحاد الأوروبي الذي قد يؤدي إلى إزاحة أربعة ملايين برميل يومياً من إمدادات الخام عالمياً، مما قد يدفع بأسعار الخام نحو مستوى 200 دولار للبرميل". وأضاف، "الأسعار ما زالت تحت ضغط حدوث انعكاس في اتجاهات الطلب على النفط وهو الأمر الذي لا يجب استبعاده في ضوء استمرار تداعيات إغلاقات الصين مرة أخرى".