احتجت الحكومة الليبية الجديدة برئاسة فتحي باشاغا، على ما ورد في إحاطة مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلوا، بجلسة مجلس الأمن، الخميس، بشأن دخول رئيس الحكومة وعدد من الوزراء إلى طرابلس بقوة السلاح، وتحدتها في تقديم الدليل على هذه المزاعم.
وجاءت إحاطة ديكارلوا في جلسة جديدة لمجلس الأمن بشأن ليبيا، ناقشت الأوضاع السياسية والأمنية المعقدة في البلاد، وركزت على ثلاثة محاور: دعم الاستقرار وتثبيت وقف إطلاق النار، واستئناف إنتاج النفط من بعض الحقول والموانئ المقفلة منذ شهر أبريل (نيسان) الماضي، والتوجه إلى عملية انتخابية شاملة ومتزامنة في شقيها التشريعي والرئاسي.
هشاشة الوضع الأمني
قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلوا، في نص كلمتها بمجلس الأمن، التي أغضبت حكومة فتحي باشاغا، إن "الأمم المتحدة تساعد السلطات الليبية لتدشين منصة للمصالحة الوطنية، لكن الوضع الأمني لا يزال هشاً".
ولفتت إلى محاولة رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا دخول طرابلس، قائلة إنها "تسببت في اشتباكات مسلحة مع المجموعات الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، أسفرت عن مقتل شخص وإصابة شرطي وإلحاق ضرر بعدد من المباني".
وأضافت أن "أعضاء من اللجنة العسكرية المشتركة ساهمت في إخراج باشاغا من طرابلس".
ولم تركز دي كارلوا في كلمتها على انتقاد حكومة فتحي باشاغا فقط، بل انتقدت أيضاً بعض ممارسات نظيرتها في طرابلس حكومة الوحدة، بقولها إن "تقاعس حكومة الوحدة الوطنية عن سداد رواتب الجيش الوطني الليبي دفع عناصر موالية للجيش لإغلاق حقل النفط، والدبيبة تعهد بسداد الرواتب الخاصة بالجيش، ولم يحدث هذا حتى الآن".
وشددت على "أهمية المحافظة على وقف إطلاق النار، ودعم المسار الدستوري والانتخابي لتلبية مطالب الشعب الليبي في الديمقراطية"، لافتة إلى أن "الأمم المتحدة مستعدة لدعم الليبيين من خلال المساعي الحميدة والوساطة".
باشاغا يرد التهم
من جهته، نفى رئيس حكومة "الاستقرار" الليبية، فتحي باشاغا، كل التهم الموجهة إليه في كلمة ديكارلوا، وغرد على صفحته بموقع "تويتر" قائلاً "في وقت سابق اليوم، أدلت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، السيدة روزماري ديكارلوا، بتصريح مضلل وغير صحيح خلال جلسة لمجلس الأمن، حيث قالت إنني دخلت طرابلس رفقة مجموعة مسلحة وهو كلام عارٍ عن الصحة، ويجب على الأمم المتحدة تصحيح هذا الخطأ، حفاظاً على دورها المتمثل في تعزيز السلام والالتزام بالحياد التام".
بينما انتقدت وزارة الخارجية في حكومته، في بيان، تصريحات ديكارلوا بجلسة مجلس الأمن، واصفة المعلومات التي سردتها بشأن دخول رئيس الحكومة إلى طرابلس مصحوباً بقواته المسلحة، بأنها "غير صحيحة".
وأوضحت أن "دخول باشاغا كان بطريقة سلمية وعبر مركبة مدنية، ونتحدى أي شخص أو كيان يدعي دخوله بطريقة مسلحة، وكان من الواجب على البعثة الأممية تحري الدقة ونقل المعلومات من دون زيادة أو نقصان".
وشددت الوزارة على أن "موقف البعثة الأممية من الحكومة سواء كان سلبياً أو إيجابياً لا يمنعها من سرد الحقيقية كما هي".
رسم مسار واضح
وكانت جلسة مجلس الأمن الخاصة بليبيا بدأت الخميس بتقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشأن عمل البعثة الدولية للدعم في ليبيا، أشار فيه إلى أن "رسم مسار واضح وتوافقي الآن، يفضي للانتخابات في ليبيا، أصبح ضرورة سياسية أكثر من أي وقت مضى".
وشدد غوتيريش، على جميع الجهات الليبية الفاعلة، أن "تمتنع عن اتخاذ إجراءات انفرادية من شأنها أن تعمق الانقسامات القائمة، وتشعل فتيل النزاع، وتهدد التقدم المحرز بشق الأنفس صـوب الاستقرار والوحدة، الذي تحقق على مدى العامين الماضيين".
وتابع قائلاً إن "الدعم المقدم من الشركاء الإقليميين والدوليين، ومنهم الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، يظل ذات أهمية حاسمة في تعزيز بيئة تفضـي إلى المضي قدماً بعملية سياسية يقودها الليبيون ويمسكون بزمامها بتيسير من الأمم المتحدة".
ودعا غوتيريش مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة "إلى التحلي بروح التعاون التي أظهراها في وقت سابق من العام الحالي، والتوصـل بسرعة إلى اتفاق بشأن مسار الانتخابات الوطنية، لأن الاستقطاب السياسي لن يؤدي إلا إلى تأخير الانتخابات والزيادة في عمق الفجوة بين الطبقة السياسية والشعب الليبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المقاتلون الأجانب
في المقابل، شددت كلمة ممثلة الولايات المتحدة الأميركية لدى مجلس الأمن، ليندا توماس غرينفيلد، على استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين الأجانب، وقالت إنهم ما زالوا يدخلون ليبيا ويهددون أمن البلد، داعية "المجموعات المسلحة لوقف القتال والحفاظ على وقف إطلاق النار ومواصلة عمل لجنة 5+5".
وأشارت غرينفيلد، في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي، إلى أن "الليبيين محرومون من السلام والاستقرار والديمقراطية، مع استمرار العنف، مثلما حدث بين مليشيات في طرابلس، قبل بضعة أيام". وأضافت "هناك توجه مقلق للاستعانة بقوانين تقيد المجتمع المدني، وهذا ليس ما تتطلع إليه ليبيا الحرة".
وأبدت الدبلوماسية الأميركية تقديرها لـ"عمل مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز، وجهود مجلسي النواب والدولة بشأن اتفاقهم المبدئي في القاهرة"، مشددة على أن "من يعرقلون العملية السياسية في ليبيا قد يواجهون عقوبات".
كلمة لافتة للمندوب الليبي
وفي كلمة لافتة، تضمنت نقداً حاداً للاستراتيجية التي تتبعها المنظمات الدولية لحل الأزمة الليبية، على رأسها مجلس الأمن والأمم المتحدة، قال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة، الطاهر السني، إن "الليبيين سئموا جلسات مجلس الأمن من دون نتائج فاعلة، والمواطن الليبي فقد الثقة في المبادرات الدولية التي شجعت المعرقلين في خدمة مصالح الدول الراعية لهم".
وأضاف "قدمنا لمجلس الأمن عشرات الإحاطات واستمعنا لعديد البيانات وكأننا نكرر أنفسنا، والليبيون ملوا من تكرار الكلام نفسه وأصبحنا في حلقة مفرغة".
وتابع "نحن أمام تحديات صعبة والليبيون يعون أن ما يحدث نتيجة تراكمات منذ 2011 وحتى الآن، والتدخل الخارجي الذي حدث في 2011 لدعم التغيير تحول إلى كابوس خلال السنوات العشر الماضية، لعجز المجلس الذي عليه مسؤولية أخلاقية، وما زلنا ننتظر تعاملاً جدياً من مجلس الأمن حيال التطورات المتلاحقة في ليبيا".
ونوه إلى أن "مجلس الأمن لم يفعل شيئاً منذ فشل الاستحقاق الانتخابي"، معتبراً أن "عجز مجلس الأمن وانقسامه كان واضحاً ولا يزال غير قادر على تعيين مبعوث جديد، إضافة إلى أن المبعوث الجديد سيكون التاسع خلال 11 عاماً، مما يدعونا للتساؤل: هل المشكلة في المبعوثين أم آلية العمل لدى المجلس والأمم المتحدة".