دعت نقابة المعلمين في اليمن إلى تحييد التعليم وعدم تحريف المناهج وصرف رواتب المعلمين.
وقالت في تقريرها إن مئات المعلمين والتربويين قتلوا في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي المسلحة، خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2014 وحتى ديسمبر (كانون الأول) 2021.
جاء ذلك، في مؤتمر صحافي أقامته النقابة أخيراً في محافظة "مأرب" لإشهار تقرير أعده فريق الرصد النقابي التابع لها، بعنوان "الجريمة المغيبة"، الذي يرصد آثار الحرب على قطاع التعليم وما يتصل به.
وكشف التقرير عن 1582 حالة قتل في أوساط التربويين، بينهم 81 من مديري المدارس، وأن 21 معلماً اغتيلوا منذ بداية عام 2015، منهم 12 معلماً تم اغتيالهم في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة، وأن أكثر من 2642 معلماً، تعرضوا لإصابات مختلفة، كما تعرض 1173 معلماً للاعتقال والاختطاف، بينهم قرابة 170 حالة إخفاء قسري.
وأضاف التقرير أن محكمة حوثية أصدرت قرارات بالإعدام ضد عشرة تربويين مختطفين في سجونها بصنعاء، بينهم مدير مدرسة، مشيراً إلى أنه تم رصد 621 حالة تعذيب جسدي ونفسي بحق المعلمين المختطفين في سجونها، وأن 22 معلماً قتلوا تحت التعذيب في السجون الحوثية.
تفجير وفصل ومصادرة ممتلكات
ولفت التقرير إلى أن النقابة وثقت تفجير 25 منزلاً لتربويين وحجز ومصادرة قرابة 681 منزلاً لتربويين آخرين، وأن 60 في المئة من إجمالي العاملين في القطاع التربوي لم يحصلوا على مرتباتهم بشكل منتظم منذ أربعة أعوام، وتم فصل 924 تربوياً من وظائفهم، واستبدالهم بعناصر حوثية.
واتهم التقرير جماعة الحوثي بالتعامل مع التعليم كرافد سياسي، توظفه لأغراض عسكرية، بعملها على جعل نصوص المنهج الدراسي تخدم بالدرجة الأولى أجندة الحوثي بكل توجهاته، وتمجيد زعماء الجماعة، والعزف على الوتر المذهبي وتغذية النزعة العدائية بين اليمنيين. وهو ما تنفيه الجماعة التي تدعي أنها تمارس حقها في تقديم تعليم يمثل رؤيتها الدينية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى هامش المؤتمر الصحافي الذي عقد في مدينة مأرب اليمنية التقت "اندبندنت عربية" أحد الضحايا وهو مختطف سابق لدى الميليشيات ظل لسنوات في سجونها .
خالد النهاري، تربوي يمني، يعمل في حقل التعليم منذ عام 97 ما بين معلم، ووكيل، إلى أن أصبح مدير مدرسة، قبل أن يختطف منتصف 2016 من مكتبه في إحدى المدارس الخاصة التي يديرها في العاصمة صنعاء، وحكم عليه بالإعدام على رأس مجموعة تضم 30 شخصاً جرى احتجازهم بتهم ملفقة، بما فيها التجسس لصالح تحالف دعم الشرعية.
عملية الاختطاف
يقول النهاري في حديثه لـ"اندبندنت عربية" عندما تم اختطافه حضرت مجموعة مسلحة في زي مدني يستقلون مجموعة من السيارات، "حاصروا المدرسة ودخلوا مكتبي واقتادوني إلى مبنى جهاز الأمن السياسي في صنعاء، وهكذا تم إخفائي قسراً لما يقارب ستة أشهر".
في أول جلسة تحقيق معه من قبل الحوثيين استمرت خمسة أيام متواصلة يقطعها فاصل اضطراري لتناول وجبة الإفطار أو الذهاب إلى الحمام، قال "مورس ضدي الضرب، والتهديد بالسلاح، مع التعليق الذي استمر لفترة 18 يوماً، جلسات التحقيق والضرب استمرت نحو ستة أشهر، وبعدها تم السماح لأسرتي بزيارتي، وخفت التحقيقات حتى تم نقل ملفي للنيابة ثم المحكمة".
وتابع "تم استدعائي لعدة جلسات تقارب 52 جلسة محاكمة، في آخرها تم النطق بحكم الإعدام عليَّ، لا أعلم لماذا غير أننا معلمون نحمل مشروع التنوير لهذا المجتمع، ولهذا الوطن ونحاول أن نبني جيلاً سوياً يخدم هذا الوطن، ويرتقي به حسب رؤيا وطنية تخدم الوطن بشكل عام" .
داخل سجن الحوثي
وروى النهاري أن بين أنواع التعذيب التي مورست ضده "الإرهاب النفسي، والتعامل مع أهالينا أثناء الزيارة بالسوء، كما أن الطعام لا يأتينا إلا مرة واحدة في اليوم، طعام لا يأكله البشر ويقدم في أدوات للحمام".
أما ماء الشرب، فيقول إن لونه أحمر من شدة التراب أو الصدأ الذي خالطه، "واستمر وضعنا أشهراً على هذا الحال، حتى أصيب كثير من التربويين وتم إسعافهم بسبب الحصوات والترسبات التي نتجت عن المياه الملوثة التي يأتوننا بها".
ويمضي في وصف مزيد من ظروف مآسي المعتقل قائلاً "عشنا أياماً في البدروم الذي كنا مختطفين فيه نعاني تسرب المجاري، مر ما يقارب سنة وثمانية أشهر كنا لا نرى الشمس إلا ثلاث أو أربع مرات في الفترة كلها، حتى جاءت الصفقة الأممية التي خرجنا فيها في عملية تبادل مع الشرعية في منتصف أكتوبر 2020، ففرج الله عنا".
ولفت النهاري إلى أن الحوثيين يركزون على دور المعلمين ومن يمارسون العملية التعليمية، لأن المعلم يمثل دوراً تنويرياً للمجتمع الذي ظل في مسار معاكس لمشروع الحوثي من تجهيل للمجتمع، ويحاول أن يرسي فيه كثيراً من الشبهات والعقائد الخاطئة والمناهضة للثوابت الوطنية" .
ووجه النهاري رسالة للحكومة الشرعية أن تضع التعليم في قائمة أولوياتها، لأن الحوثي وفقاً لتقديره "بدأ في مسألة الفكر والعقيدة والثوابت الوطنية، في المستقبل ستكون معركتنا مع هذه الجماعة معركة فكرية، ولا بد من إعداد المناهج وتأهيل المعلمين الذين يتصدون لمثل هذه الأفكار المغلوطة".
وعادة ما تنفي ميليشيات الحوثي التهم الموجهة ضدها، إلا تقارير دولية ومدنية، وثقت اتهامات جمة ارتكبتها في حق الشعب اليمني، بما فيها تجنيد الأطفال، وإعدام القاصرين، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة.