أدت حالة الانقسام بين حركتَي "فتح" و"حماس" منذ خمسة عشر عاماً إلى تعطيل المجلس التشريعي مباشرة بعد سيطرة الأخيرة على قطاع غزة عام 2007، وإلى حله عام 2018 بقرار من المحكمة الدستورية، ومع أن قرار حل المجلس التشريعي الذي يشكل برلمان السلطة الفلسطينية دعا إلى إجراء انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر، لكن الرئيس محمود عباس لم يدعُ إليها حينها. ورفضت حركة "حماس" قرار المحكمة الدستورية بحل المجلس التشريعي، الذي كانت تحظى فيه بالغالبية، واعتبرته "تكريساً للانقسام وضربة للنظام السياسي بالبلاد".
وبدأ الرئيس عباس عقب تأجيله الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في مايو (أيار) من العام الماضي في تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية من مجلس وطني ومركزي.
ويعتبر المجلس الوطني الفلسطيني برلمان دولة فلسطين التي اعترفت بها الأمم المتحدة "كدولة غير عضو" عام 2012، لكنه يقوم على التعيين وليس الانتخابات المباشرة كالمجلس التشريعي.
وكان المجلس الوطني فوّض عام 2018 المركزي الفلسطيني بالقيام بصلاحياته كافة، علماً أن الأخير تأسس كهيئة وسطية بين الأول واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.
وخلال الاجتماع الأخير للمجلس المركزي في فبراير (شباط) الماضي، الذي قاطعته "حماس" وحركة "الجهاد الإسلامي" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، انتخب قيادي "فتح" روحي فتوح" رئيساً للمجلس الوطني. وبعد أسابيع، وضع عباس انطلاقاً من رئاسته دولة فلسطين، وليس السلطة الفلسطينية "الأمانة العامة للمجلس التشريعي بموظفيها ومكوناتها ومرافقها تحت المسؤولية المباشرة لفتوح".
وأصبح فتوح بقرار الرئيس عباس يحتفظ بمكتبين الأول في المجلس الوطني، والأخير في المجلس التشريعي برام الله حيث يتولى إدارة الأمانة العامة في غياب أعضاء نظيره المنحل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السياق، يرى مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري أن "عباس يعمل بشكل متسارع على استبدال المجلس المركزي الفلسطيني بنظيره التشريعي في ظل عدم وجود نية لإجراء الانتخابات بعد تفويض صلاحيات المجلس الوطني إلى المركزي". وأضاف، أن "السلطة الفلسطينية تعمل على تجميد عمل مؤسسات منظمة التحرير وتهميشها، وتحويلها إلى تابع لها، وأن المنظمة تحوّلت إلى دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية بقرار تم الإيحاء بتعديله ولم يسحب".
وتنص المادة (37/2) من القانون الأساس الفلسطيني (الدستور) على أنه "في حال شغور رئاسة السلطة بسبب الوفاة أو الاستقالة، يتولّى رئيس المجلس التشريعي مهمات السلطة مؤقتاً لمـدة لا تزيد على ستين يوماً تُجرى خلالها الانتخابات الرئاسية".
ويشير مراقبون إلى أنه في ظل حل المجلس التشريعي، سيتم دفع برئاسة المجلس الوطني إلى الواجهة لتتولّى المرحلة الانتقالية عند وفاة عباس في حال عدم إجراء انتخابات قبل ذلك.
ويذهب الباحث السياسي حمادة جبر إلى أن "عدم الاحتكام للقانون أو عدم وجود توافق وطني ينظم أزمة شغور منصب الرئيس قد يؤدي إلى صراع على السلطة ليس فقط بين فتح وحماس، لكنه سيكون أكثر شدة داخل الأولى ذاتها في ظل انقسامها وتعدد تياراتها".
وقبل أيام، شدد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" مروان البرغوثي من سجنه الإسرائيلي على أن "حال الحركة الوطنية الفلسطينية ونظامها السياسي وصلا إلى مستويات خطيرة ومصيرية"، مشيراً إلى أن ذلك يأتي "في ظل وضع الانقسام الكارثي وانهيار مسار التسوية وتهديد التمثيل الفلسطيني ووحدته". ولفت في رسالة له في الذكرى العشرين لاعتقاله إلى أن "حركة فتح تعيش أزمة تهدد دورها ووحدتها".
وطالب البرغوثي "بعقد مؤتمر وطني شامل بمشاركة ممثلي القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة بهدف إنهاء الانقسام وإنجاز المصالحة الوطنية، وبناء الوحدة الوطنية الفلسطينية في إطار منظمة التحرير على أساس الشراكة الوطنية الكاملة والتعددية". ودعا إلى "إعادة الروح لحركة فتح كحركة تحرّر وطني، واستعادة دورها في قيادة مرحلة التحرر الوطني، وإلى بناء الحركة واستنهاضها والحفاظ على وحدتها على أساس ديمقراطي واحترام التنوع والاختلاف والتعدد في الآراء والاجتهادات".
وتمنح استطلاعات الرأي الفلسطينية البرغوثي المركز الأول في حال مشاركته في الانتخابات الرئاسية. وكان قد شكل مع القيادي المفصول من "فتح" ناصر القدوة قائمة "الحرية" لخوض الانتخابات التشريعية في مايو الماضي بشكل منفصل عن قائمة الحركة الرسمية. وأعلن الأخير حينها أن البرغوثي سيكون مرشح القائمة لخوض الانتخابات الرئاسية الفلسطينية المقبلة التي أجلها عباس بسبب رفض إسرائيل إجراءها في القدس.