في وقت أرسل مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يدعونه فيها إلى اتخاذ خطوات تجاه غزة، تضمن تهدئة الوضع والتوصل إلى تفاهمات مع حركة "حماس" بوساطة مصرية، كُشف في تل أبيب عن أنه اتُّفق على مد خط مياه جديد من إسرائيل إلى غزة، وبدأت الآليات الهندسية بأعمال حفر للقنوات، فيما وضعت الخطوط الجديدة إلى جوار خط المياه القديم، في مشروع تصل تكلفته إلى ملايين الدولارات.
ويُتوقع وفق الإسرائيليين، أن يرتبط خط المياه خلال الأيام المقبلة، بشبكة مياه غزة، ومن هناك يتم تزويد المنازل. وعلى الرغم مما اعتبره البعض أن المشروع يسهم في تخفيف حدة التوتر، إلا أن تنفيذه يجري تحت مراقبة مشددة، خشية أن يتحول إلى هدف لحركات مسلحة في غزة.
المياه ومحادثات التسوية
توفر شركات المياه الإسرائيلية ماء الشرب للغزيين عبر ثلاثة خطوط مياه مركزية تنتشر على طول الحدود. ووفق الاتفاق بين الطرفين، فإن إسرائيل ملزمة بنقل 10 مليون كوب مكعب من المياه في السنة إلى غزة. ونُقل عن مسؤول إسرائيلي أن هناك إمكانية لزيادة الكمية كي تكفي جميع سكان القطاع، لكن شبكة المياه في غزة باتت على شفا انهيار، وبالتالي لا جدوى في هذه المرحلة من توسيع الخطوط أو خزانات المياه في غزة.
ووفق المسؤول نفسه، ستوضع على طاولة محادثات التسوية الجارية هذه الأيام بين الطرفين، مشاريع تأهيل في غزة في مجال المياه أيضاً، لكن تبقى المشكلة الأكبر كيفية التخلص من المياه المبتذلة التي تتدفق بمعظم كميتها إلى البحر المتوسط. وما يُقلق إسرائيل أن كميات غير قليلة تصل إلى المستوطنات وتلوثها، كما سبق أن تدفقت المياه المبتذلة إلى شواطئ البحر والمناطق التي يقصدها الإسرائيليون للاستجمام، وبالتالي فإن تلك المياه تلوث الخزان الجوفي للشواطئ الإسرائيلية.
حل الأزمة يتطلب سنوات
سبق وحذر الفلسطينيون من أزمة المياه الصالحة في غزة، وتتوقع سلطة المياه أن تستمر الأزمة لسنوات، إذا لم يتدخل المجتمع الدولي ويمارس الضغط على إسرائيل لوقف حصارها على القطاع والسماح بتنفيذ مشاريع تضمن توفير مصادر مياه تلبي حاجات الغزيين، إذ إن أكثر من 95 في المئة من آبار مياه الشرب، لا تتوافق جودتها مع معايير الجودة العالمية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب سلطة المياه الفلسطينية، فإن سكان القطاع يعانون من أزمة مياه خانقة تتمثل في انخفاض الكمية التي تصلهم يومياً، فيُقدر متوسط نصيب الفرد من المياه للأغراض المنزلية بحوالى 80 ليتراً للشخص، وهذا لا يتوافق مع الحد الأدنى لمعايير منظمة الصحة العالمية التي تتحدث عن حد أدنى لا يقل عن 100-150 ليتراً للشخص في اليوم.
ولفتت سلطة المياه إلى أن الخزان الجوفي الساحلي داخل حدود القطاع، يُعد المصدر الرئيس لتلبية الحاجات المائية المختلفة لسكانه بنسبة 95 في المئة، بينما يُلبّى الجزء المتبقي من خلال شرائه من شركة "ميكروت" الإسرائيلية. يُذكر أن الخزان الجوفي الساحلي يُعتبر المصدر الرئيس للمياه داخل القطاع، وهو يعاني من استنزاف واضح من قبل الأطراف المختلفة المستخدِمة له، إذ إن طاقته الطبيعية المتجددة لا تزيد على 50 إلى 60 مليون متر مكعب سنوياً، بينما ما يُستخرج، يصل إلى ما يزيد على 200 مليون متر مكعب سنوياً، وأدى ذلك إلى زيادة تركيز نسبة الأملاح في الكمية المستخرجة منه، مقارنةً بالمعايير الدولية الخاصة بمياه الشرب وتلك المستخدَمة للأغراض الأخرى.
فك الحصار
ويعود تفاقم أزمة المياه أساساً إلى الحصار المتواصل على غزة. وسبق أن دعت جهات فلسطينية المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لفك الحصار عن غزة، لكن الجهود باءت بالفشل. في المقابل، شدد مسؤولون في جهاز الأمن الإسرائيلي في رسالتهم إلى نتنياهو على ضرورة اتخاذ خطوات لتغيير الوضع الحالي والتقدم نحو التهدئة. ونُقل عن مسؤولين إسرائيليين أن "قيادة حماس في قطاع غزة، تطالب بتطبيق تفاهمات تم التوصل إليها بوساطة مصر، تقضي بتوفير أماكن عمل عبر إنشاء مناطق صناعية وتحسين البنى التحتية للمياه والكهرباء والصرف الصحي، كما تطالب ببدء محادثات حول الميناء وبإصدار تصاريح خروج من قطاع غزة".