عاد رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري إلى طاولة الحوار في جنيف بتنسيق من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من أجل تجاوز الانسداد في المسار الدستوري الذي أفشل مفاوضات لجنتي المجلسين في القاهرة قبل أيام قليلة.
وكانت مفاوضات مماثلة نسقت لها البعثة على هامش حوار القاهرة تعثرت في اللحظة الأخيرة، بسبب خلافات حول جدول أعمال الجلسة الحوارية، حيث طلب صالح إدراج ملف الحكومة في النقاش وهو ما رفضه المشري، ما تسبب بعدم انعقاد الجولة التفاوضية.
عودة للتفاوض
انطلقت، الثلاثاء، اجتماعات مباشرة بين صالح والمشري، في قصر الأمم المتحدة بجنيف، لمناقشة الإطار الدستوري للانتخابات، بحضور المبعوثة الأممية، ستيفاني وليامز، والتي تستمر حتى اليوم الأربعاء.
وقالت البعثة الأممية على موقعها الرسمي، إن "المستشارة الخاصة للأمين العام في ليبيا ستيفاني وليامز، ستسير هذه الاجتماعات، وإن قائدي المجلسين اتفقا على مناقشة مسودة الإطار الدستوري للانتخابات مع الأخذ بعين الاعتبار نتائج اللجنة المشتركة لمجلسي النواب والدولة، المنعقدة من 12 إلى 20 يونيو (حزيران) 2020".
وانتهت الجولة الثالثة من اجتماعات اللجنة الدستورية المشتركة من مجلسي النواب والدولة المتعلقة بالمسار الدستوري في القاهرة، في 20 يونيو الحالي، من دون إحراز أي تقدم بشأن التوافق على إطار دستوري للانتخابات، فيما أعلنت وليامز في وقت سابق قبول صالح والمشري دعوتها للاجتماع في جنيف.
الفرصة الأخيرة
وأكدت وليامز خلال كلمتها في افتتاح الاجتماع، أنه "حان الوقت لبذل جهد أخير وقرار شجاع لضمان التوصل إلى حل توافقي تاريخي من أجل ليبيا".
وقالت إنه "من دواعي سروري أن أرحب بكم هنا اليوم في مقر الأمم المتحدة، في هذا الصرح التاريخي الذي يحمل دلالة رمزية كبيرة، حيث احتضن عصبة الأمم ذات يوم، الذي آمل أن يكون طالع خير لهذا الاجتماع المهم".
وأضافت "وجودكم اليوم هنا لدليل على تحليكم بمسؤولية القيادة، وأود أن أعرب عن امتناني لكم على قبولكم دعوتي لهذا الاجتماع، بعد وقت قصير من اختتام الجولة الثالثة والأخيرة من المشاورات في القاهرة".
وأشارت إلى أن "اللجنة المشتركة أجرت مداولات موسعة ومراجعة مفصلة لمسودة الدستور، وعكفت على تسوية الخلافات وتوصلت إلى توافق في الآراء بشأن قضايا مهمة".
وتابعت "للمرة الأولى منذ اعتماد الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور لهذه المسودة في عام 2017، انخرط مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في دراسة ومراجعة جادة لمشروع الدستور، واتفق المجلسان على عناصر غاية في الأهمية وضمانات ووسائل أمان لا غنى عنها لإجراء انتخابات وطنية، بالتالي إنهاء دوامة المراحل الانتقالية والفترات المؤقتة التي مرت بها ليبيا، إنه لإنجاز جدير بالثناء، فقد كانت المهمة شاقة".
المصالحة هي الهدف
من جانبه، أكد رئيس البرلمان الليبي أن "اللقاء فرصة للوصول إلى تقريب وجهات النظر بين أعضاء اللجنة المكلفة القاعدة الدستورية، وذلك للوصول إلى دستور يكون له الكلمة العليا وعند أحكامه تنزل السلطات كلها، يكفل الحرية والديمقراطية وإقامة العدالة الاجتماعية، والحفاظ على الطابع المدني للدولة والوحدة الوطنية بين الليبيين، وإرادة الشعب الليبي هي مصدر السلطة".
وأوضح أن "مجلس النواب يسعى لمصالحة تستهدف تغليب العقل ومحاصرة الأهواء وفرض السلم الاجتماعي والحوار، وتبنى على مرتكزات قوية ودائمة تعمق روح الحوار بين كل المكونات، فهي شرط من شروط الاستقرار وأساس التوافق وإعادة البناء، وحل مشكلات المهجرين والنازحين والفارين من الفوضى".
وأكد صالح "حرصه التام بأن يختار الشعب الليبي حكامه، دون تدخل أجنبي بانتخابات نزيهة وشفافة، للخروج من المرحلة الانتقالية حتى لا يكون هناك فراغ تستغله التنظيمات الإرهابية، التي تستغل مساحة الحرية والفراغ السياسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا مجال للفشل
رئيس مجلس الدولة دعا "أعضاء مجلسي النواب والدولة المشاركين في اجتماعات جنيف، إلى ضرورة الوصول إلى توافق وحل مرض عبر معالجة شجاعة وتقديم تنازلات من الطرفين، للتوصل إلى أسس قانونية ودستورية تبنى عليها الانتخابات".
وشدد المشري على أن "ما تمر به بلادنا اليوم من ظروف استثنائية، في ما يتعلق بالانسداد السياسي والانفلات الأمني والتدهور الاقتصادي، تتطلب منا جميعاً ألا يكون لنا إلا خيار واحد فـي هذا الاجتماع، وهو الوصول إلى توافق وإلى حل مرض، فأنظار الليبيين والعالم أجمع متجهة إلينا".
وأكد أنه "لا مكان للفشل، وهذا يتطلب منا اليوم معالجة شجاعة، وتقديم تنازلات من الطرفين، حتى نلتقي في منتصف الطريق، وهو ما نأمل دعمه من الجميع، أملنا كبير على اجتياز هذه المرحلة، وأن نعيد الأمانة إلى أهلها بأسرع وقت ممكن، وأن نجتاز المرحلة بانتخابات شفافة ومقبولة".
وخلص إلى أن "الوثيقة الدستورية التي من المفترض أن تحدد الاجتماعات الجارية ملامحها النهائية تأتي أهميتها من كونها الخطوة الأولى والرئيسة لإجراء انتخابات شفافة ومقبولة، وتحديد مواعيد دقيقة لها".
أولوية المواد الخلافية
وقال العضو المرافق لرئيس مجلس الدولة، شعبان بوستة، إن "رئيسي مجلسي النواب والدولة يقيمان في الفندق نفسه، والأجواء الودية تسيطر على مناقشاتهما التمهيدية".
وأوضح أن "الأولوية ستكون لمناقشة المواد الخلافية، ولكن الباب سيبقى مفتوحاً أيضاً لمناقشة السلطة التنفيذية، وهناك تفاؤل بأن يجري التوافق خلال اليومين المقبلين، لأن أغلب النقاط الخلافية حسمت في اجتماعات القاهرة، وتبقى بعض النقاط القليلة، منها قانون الانتخابات وهل يصدره مجلس النواب منفرداً أم بالمشاركة مع مجلس الدولة".
فتح ملف الحكومة
أما عضو لجنة المسار الدستوري بمجلس النواب، الهادي الصغير، فبين أن "رئيس مجلس النواب عقيلة صالح اتفق مع رئيس مجلس الدولة خالد المشري على فتح المشاورات بخصوص السلطة التنفيذية، وأن الأخير وافق ولم يعترض على فتح النقاش بخصوص الحكومة".
وأكد أنها "ستجري مناقشة وحسم ملف المناصب السيادية بين رئيسي المجلسين، وأن مجلس الدولة لم يتحفظ على حكومة فتحي باشاغا، لكنه يريد تغييراً وزارياً فحسب".
وأشار إلى أن "البرلمان لن يتنازل عن حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا، لكنه سيقبل بعض التغييرات الوزارية، وأن النقاط الخلافية العالقة تتلخص في المرحلة الانتقالية التي تسبق الانتخابات الخاصة بإصدار القوانين ومفوضية الانتخابات".
وأوضح أن "شروط الترشح وترشح العسكريين قد جرى حسمها تماماً، ولن تطرح في لقاء رئيسي المجلسين".
باشاغا يدعم المفاوضات
في السياق، أكد رئيس الحكومة الليبية المكلف، فتحي باشاغا، أنه اتصل برئيس مجلس النواب، عقب وصوله إلى جنيف.
وبين باشاغا في سلسلة تغريدات على "تويتر"، أنه أكد على دعم الحكومة الليبية ودعمه الشخصي التام لهذا اللقاء وتمنياته الصادقة له بالتوفيق، وأن ينتج عنه اتفاق وطني ليبي ضمن المسارين الدستوري والتنفيذي، وصولاً إلى إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية بنجاح، وبما يضمن انتهاء المراحل الانتقالية ويحقق تطلعات الشعب الليبي في الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة والاستقرار والتنمية والإزدهار".