واصل الجيش الروسي قصفه، السبت، لمنطقة دونيتسك في شرق البلاد حيث يخطط بعد أربعة أشهر ونصف الشهر من بدء الحرب في أوكرانيا "لشن عمليات جديدة" وفقاً لمسؤولين اوكرانيين.
من جانبها، طلبت الولايات المتحدة من الصين إدانة "الهجوم الروسي" على أوكرانيا فيما أعلنت بريطانيا أنها استقبلت مجموعة أولى من الجنود الأوكرانيين جاؤوا للتدريب.
وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إنستغرام، السبت، أن "أعين جميع الحركات والأنظمة السياسية في العالم شاخصة الآن لترى ما تفعله روسيا بنا". وتساءل "هل سيتمكن العالم من إحالة مجرمي الحرب الحقيقيين على القضاء؟" محذراً من خطر "مئات الهجمات الأخرى" في حال لم يحصل ذلك.
في الشرق كما في الجنوب دوت صافرات الإنذار طوال الليل. واستيقظ سكان بلدة دروجكيفكا الصغيرة الواقعة جنوب كراماتورسك (شرق) السبت على هجوم صاروخي خلف حفرة ضخمة أمام متجر متضرر.
القوات الروسية التي أعلنت مطلع يوليو (تموز) أنها سيطرت على منطقة لوغانسك، تستهدف الآن منطقة دونيتسك للسيطرة على حوض دونباس بكامله (شرق) الذي يسيطر عليه جزئياً منذ عام 2014 الانفصاليون المدعومون من موسكو بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم الاوكرانية.
وأفادت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، السبت، عن قصف روسي في الشرق وعلى خاركيف ولكن من دون هجوم بري، وأدى قصف روسي إلى سقوط قتيل وجريحين على الأقل في كريفي ريغ مسقط رأس زيلينسكي الذي تفقد، الجمعة، المواقع الأوكرانية في منطقة دنيبروبتروفسك (وسط شرق).
من جانبه أكد الجيش الروسي أنه ألحق أضراراً جسيمة بالجيش الأوكراني وعتاده في منطقتي ميكولايف (جنوب) ودنيبروبتروفسك. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيانها، "إنها شنت أيضاً ضربات على منطقتي دونيتسك وخاركيف حيث أصيب ستة مدنيين، بحسب مكتب المدعي العام الأوكراني المحلي. وتتهم السلطات الانفصالية كييف بقطع الغاز عن منطقة زابوريجيا (جنوب شرق).
وفي السياق، قال مسؤولون إن جنود المقاومة الأوكرانية خاضوا معارك اليوم السبت لعرقلة التقدم العسكري الروسي على عدة جبهات في الوقت الذي ضغطت فيه الولايات المتحدة على الصين للانضمام إلى الغرب في معارضة الغزو بعد اجتماع غلب عليه التوتر لمجموعة العشرين.
وقال حاكم خاركيف إن ضربة صاروخية على المدينة الواقعة بشمال شرق البلاد أسقطت ثلاثة جرحى من المدنيين لكن الهجمات الروسية الرئيسية تتركز فيما يبدو إلى الجنوب الشرقي من المدينة وتحديدا في لوجانسك ودونيتسك.
ويشكل الإقليمان اللذان كانا بالفعل تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو قبل الغزو الروسي في فبراير شباط منطقة دونباس الصناعية في شرق أوكرانيا.
وأبلغ مسؤولون أوكرانيون عن وقوع ضربات في كلا الإقليمين اليوم السبت، بينما قالت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة دورية إن موسكو تجمع قوات من الاحتياط من جميع أنحاء البلاد قرب أوكرانيا.
وقال بافلو كيريلينكو حاكم إقليم دونيتسك عبر تطبيق تيليغرام إن صاروخا روسيا أصاب بلدة دروزكيفكا الواقعة خلف خط المواجهة وأشار إلى قصف مراكز سكانية أخرى.
كما قال حاكم منطقة لوجانسك سيرهي جايداي عبر تيليغرام "الروس يطلقون النار على طول خط المواجهة بأكمله"، لكنه ذكر لاحقا أن هجوما مضادا للقوات الأوكرانية أصاب مخازن أسلحة وذخيرة روسية وأجبر موسكو على وقف هجومها.
مزيد من الأسلحة
وحثت أوكرانيا حلفاءها الجمعة على إرسال مزيد من الأسلحة، حيث تكافح قواتها لإبطاء تقدم القوات الروسية في منطقة دونباس الشرقية، في حين وجهت موسكو تحذيراً للدول الغربية من تداعيات العقوبات المفروضة بسبب هجومها.
وفي إشارة إلى أن الكرملين لا يعتزم التفكير في التوصل لحل وسط قريباً، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن استمرار استخدام العقوبات ضد روسيا قد يؤدي لارتفاع "كارثي" في أسعار الطاقة.
كما اشتبك وزير خارجيته سيرغي لافروف مع نظرائه الغربيين في اجتماع مجموعة العشرين والذي حث المشاركون فيه روسيا على السماح لكييف بشحن الحبوب الأوكرانية العالقة إلى عالم يواجه شبح الجوع.
في غضون ذلك، استبعد السفير الروسي لدى لندن احتمال انسحاب بلاده من المناطق الأوكرانية الخاضعة لسيطرة موسكو.
وقال السفير أندريه كيلين لـ"رويترز" إن القوات الروسية ستسيطر على باقي أنحاء دونباس، وإنه من غير المرجح أن تنسحب من أي أراضٍ على طول الساحل الجنوبي.
وأضاف أن أوكرانيا سيتعين عليها عاجلاً أم آجلاً أن تبرم اتفاق سلام مع روسيا أو "ستواصل الانزلاق من على هذا التل" إلى هاوية الدمار.
ميدانياً أيضاً، وعلى خطوط الجبهة في دونباس، قال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية قصفت بلدات وقرى قبل حملة متوقعة للاستيلاء على مزيد من الأراضي، وتحصنت وحدة مشاة أوكرانية على الطريق إلى بلدة سيفرسك عند حافة خندق أرضي عميق تغطيه جذوع الأشجار وأكياس الرمل ونصبوا مدافع رشاشة للدفاع عنه.
أساليب الأرض المحروقة
وكان بوتين قد أشار الخميس إلى ضآلة الاحتمالات الراهنة إزاء إيجاد حل للصراع، قائلاً إن حملة روسيا في أوكرانيا بدأت بالكاد.
وأعطت تصريحات السفير كيلين في المقابلة التي جرت في مقر إقامته بلندن فكرة أوضح عن الهدف النهائي لروسيا من حربها في أوكرانيا، وهو السيطرة على الأراضي بما سيحرم الجمهورية السوفياتية السابقة من أكثر من خمس أراضيها في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي.
وقال كيلين "سنحرر كل منطقة دونباس". وأضاف "بالطبع من الصعب تخيل انسحاب قواتنا من الجزء الجنوبي من أوكرانيا لأنه سبق لنا تجربة هذا الوضع حيث تبدأ الاستفزازات بعد الانسحاب".
وأضاف أن تصعيد الحرب أمر محتمل أيضاً.
وقال مسؤولون أوكرانيون، ومن بينهم نائب قائد وحدة المشاة خارج سيفرسك، إنهم بحاجة إلى مزيد من الأسلحة الغربية الثقيلة لتعزيز دفاعاتهم.
وقال أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني إن أوكرانيا ما زالت لا تملك ما يكفي من الأسلحة الغربية كما أن الجنود بحاجة إلى وقت للتكيف مع استخدامها.
وعزت كييف النجاحات الأخيرة التي حققتها في ساحة المعركة إلى وصول راجمات الصواريخ هيرماس الأميركية الصنع الشهر الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال دانيلوف لـ"رويترز"، "عندما جاءت هذه الأسلحة، شعرت الآلة الحربية الروسية على الفور بتأثيرها". لكنه أضاف أن هناك حاجة ضرورية إلى وصول المزيد من المساعدات العسكرية الغربية.
كما حث مدير مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي الغرب على إرسال المزيد من الأسلحة الثقيلة لمواجهة ما سماه "أساليب الأرض المحروقة" الروسية.
وكتب أندريه يرماك على "تويتر"، "مع وجود عدد كافٍ من مدافع الهاوتزر وصواريخ (أس بي جي) وراجمات الصواريخ هيمارس، يستطيع جنودنا إيقاف الغزاة وطردهم من أرضنا".
مساعدة عسكرية جديدة من واشنطن
وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة عن مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا تشمل قاذفات صواريخ وقذائف دقيقة ستحسن قدرات كييف على استهداف مستودعات الأسلحة وسلسلة إمداد الجيش الروسي.
وقال مسؤول كبير في البنتاغون إن المساعدة البالغة قيمتها 400 مليون دولار تشمل أربع راجمات صواريخ من طراز هيمارس وذخيرة، سبق أن مكنت القوات الأوكرانية من مهاجمة أهداف -مثل مستودعات الذخيرة- بصواريخ أطلقت من خارج مدى المدفعية الروسية.
وأوضح المسؤول أن "أوكرانيا نجحت بهذه الأنظمة في ضرب أهداف روسية بعيدة عن خط الجبهة وتعطيل عمليات المدفعية الروسية". وسيحصل الجيش الأوكراني على ما مجموعه 12 راجمة هيمارس.
تتضمن حزمة المساعدات أيضاً ألف قذيفة عيار 155 ملم لقطع مدفعية قدمها حلفاء كييف الغربيون. وقال المسؤول في البنتاغون إن هذه القذائف "أكثر فعالية" لأنها أكثر دقة ومداها أكبر من تلك التي تم تسليمها حتى الآن.
ولم يؤكد ما إذا كانت الذخيرة عبارة عن قذائف موجهة من طراز Excalibur القادرة على التحليق مسافة تزيد على 40 كيلومتراً قبل أن تصيب هدفها بدقة وهي من صنع أميركي وسلمتها كندا لأوكرانيا.
"ليست بلدكم"
في اجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، واجه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعضاً من أشد منتقدي الهجوم الروسي الذي بدأ في 24 فبراير (شباط).
وكان على رأس قائمة مطالبهم إخراج شحنات الحبوب من أوكرانيا عبر الموانئ التي أغلقت بفعل الوجود الروسي في البحر الأسود وانتشار الألغام البحرية. وأوكرانيا مصدر رئيس للحبوب، وحذرت وكالات إغاثة بالفعل من أن العديد من البلدان النامية تواجه نقصاً خطيراً في الغذاء إذا لم تصل الإمدادات إليها قريباً.
وقال مسؤول غربي إن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن حث موسكو على السماح بخروج الحبوب الأوكرانية.
وأضاف المسؤول أن بلينكن وجه حديثه مباشرة لروسيا، قائلاً "نقول لزملائنا الروس إن أوكرانيا ليست بلدكم. حبوبها ليست حبوبكم. لماذا تغلقون الموانئ؟ يجب أن تسمحوا بخروج الحبوب".
وقال مسؤول في وزارة الخارجية لاحقاً إن بلينكن أخبر الوفود المشاركة أنه لكي تظل مجموعة العشرين فاعلة على المستوى الدولي، يجب أن تحاسب روسيا في ما يتعلق بتصرفاتها في أوكرانيا.
وفي وقت سابق، وجه لافروف توبيخاً شديداً لنظرائه الغربيين الذين قال إنهم بدلاً من التركيز على التصدي للمشاكل الاقتصادية العالمية، عكفوا على توجيه "انتقاد مسعور" لروسيا بسبب أوكرانيا.
وقالت وزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي والتي تستضيف بلادها الاجتماع إن تداعيات الحرب ستضر أكثر بالدول الفقيرة، وإن إعادة الحبوب والأسمدة الأوكرانية والروسية إلى سلاسل الإمداد أمر بالغ الأهمية.
الموت في المنازل
تسبب الصراع، وهو الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في مقتل الآلاف وتشريد الملايين كما سوَّى مدناً أوكرانية بالأرض.
وتصف روسيا الهجوم بأنه "عملية عسكرية خاصة" تهدف إلى تقويض قدرات الجيش الأوكراني والقضاء على الأشخاص الذين تعتبرهم قوميين خطرين. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إن الحرب الروسية ما هي إلا عملية استيلاء غير مبررة على الأراضي.
واستولت القوات الروسية على مساحة شاسعة من الأراضي في أنحاء الشطر الجنوبي لأوكرانيا وتشن حالياً حرب استنزاف في دونباس، المنطقة الصناعية الشرقية المكونة من إقليمي لوغانسك ودونيتسك.
وقال حاكم لوغانسك إن القوات الروسية قصفت بشكل عشوائي مناطق مأهولة بالسكان يوم الجمعة. وأضاف الحاكم سيرهي غايداي "لم توقفهم حتى حقيقة أن هناك مدنيين يعيشون هناك ويموتون في المنازل والساحات".