أكد رئيس الوزراء الليبي فتحي باشاغا، المعين من البرلمان والذي يتنافس على السلطة مع حكومة طرابلس، أنه سيتولى مهماته في العاصمة "خلال الأيام المقبلة".
حكومتان ومجموعات مسلحة
ويسود ليبيا انقسام كبير مع وجود حكومتين متنافستين: الأولى في طرابلس، وجاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام برئاسة عبد الحميد دبيبة، الرافض تسليم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا، وعيّنها برلمان طبرق (شرق) في فبراير (شباط) الماضي، ومنحها الثقة في مارس (آذار)، وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقراً مؤقتاً لها بعد منعها من الدخول إلى طرابلس.
وأعلن باشاغا، المدعوم من رجل الشرق القوي، المشير خليفة حفتر، في منتصف مايو (أيار) دخول طرابلس مع حكومته، لكنه انسحب بعد ساعات إثر وقوع اشتباكات في العاصمة، وأحبطت محاولته.
وفي هذا السياق، شدد باشاغا على أنه إذا كان قد انسحب، فذلك من أجل تجنب إراقة الدماء من دون أن يتخلى عن مهماته في طرابلس.
وأوضح في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية عبر تطبيق "زوم" من مقره المؤقت في مدينة سرت على بعد 450 كيلومتراً شرق طرابلس، أن "كل الطرق إلى طرابلس مفتوحة"، مضيفاً "تلقّينا دعوات إيجابية عدة لدخول العاصمة".
والدبيبة وباشاغا مدعومان من مجموعات مسلحة مختلفة في العاصمة، لكن الأخير أكد أن "القوى التي كانت معارضة تغيرت مواقفها، وتريدنا أن ندخل إلى العاصمة، وسوف ندخل"، مضيفاً "ليست هناك معارضة شديدة، هناك معارضة من بعض القوى التي دفعت لها الحكومة السابقة أموالاً".
وكلفت حكومة الدبيبة مهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
غير أن الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، أدت إلى إرجائها لأجل غير مسمى، علماً أن المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالاً كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلد.
وأكد باشاغا أن حكومة طرابلس "غير شرعية". وقال "انتهت ولايتها ولم تنجح في تنظيم انتخابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
سيناريو الحرب الأهلية
على الرغم من أنه مدعوم من المعسكر الشرقي، إلا أن باشاغا يتحدر من مصراتة في غرب ليبيا، على غرار منافسه الدبيبة.
وصنع المدرب السابق في ميدان الطيران لنفسه اسماً خلال الفترة التي قضاها على رأس وزارة الداخلية من 2018 إلى أوائل 2021. وهو اليوم في قلب أزمة مؤسسية خطيرة تثير مخاوف من اندلاع حرب أهلية جديدة في ليبيا.
وإذ استبعد سيناريو الحرب الأهلية، فإنه حذر "ربما تعم الفوضى بسبب التظاهرات ومطالبة الناس بأن تكون هناك حكومة واحدة في ليبيا، قادرة على أن تجمع الليبيين وتبدأ عملية الإصلاح".
وخرجت احتجاجات في أوائل يوليو (تموز) في جميع أنحاء البلاد ضد تدهور الظروف المعيشية وانقطاع التيار الكهربائي وللمطالبة بتجديد الطبقة السياسية، ومن ضمنها الدبيبة وباشاغا. وتمكّن المتظاهرون من الدخول إلى برلمان طبرق (شرق)، قبل أن يضرموا فيه النيران.
منذ منتصف أبريل (نيسان)، أنصار المشير خليفة حفتر بإغلاق المنشآت النفطية الرئيسة، كوسيلة للضغط على حكومة طرابلس وإجبارها على التنحي. لكن الإقفال أدى أيضاً إلى انخفاض إنتاج الغاز الذي يُعدّ ضرورياً لتزويد الشبكة الكهربائية، الأمر الذي كانت نتيجته إطالة فترة انقطاع التيار.
وأكد باشاغا أن ليست هناك "أية صلة" بين انقطاع التيار الكهربائي وإغلاق المنشآت النفطية. وقال "بعد أن يطمئن سكان الهلال النفطي إلى أن الأموال لن تذهب إلى الفساد أو السرقات أو غيرها، سيرفعون الحظر على تصدير النفط".
ودعا الأمم المتحدة إلى "تبنّي حلول تعمل لصالح الليبيين، بدلاً من الدول التي تتدخل في ليبيا"، بينما تأجج الصراع إلى حد كبير مع التدخلات الخارجية. وقال "تمكّنا من تجنب أية مواجهة عسكرية، لكن ليبيا لا يمكن أن تبقى على هذه الحال إلى الأبد. نحن بحاجة إلى حل".