من المنتظر أن تبلغ قوى "إعلان الحرية والتغيير" في السودان خلال الساعات القليلة المقبلة، الوسيط الإثيوبي محمود درير، قرارها قبول المبادرة الإثيوبية الساعية لحل الأزمة السياسية، ما يتيح المضي قدماً في تشكيل حكومة مدنية لإدارة البلاد خلال الفترة الانتقالية، المحددة بثلاث سنوات تتألف من كفاءات وطنية غير سياسية.
وتضمنت المبادرة الإثيوبية التي وجدت القبول من طرفي الأزمة (المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير)، الالتزام بما اتفق عليه سابقاً بشأن المجالس الثلاثة (السيادة والوزراء والتشريعي)، على أن يشكل مجلس السيادة وفق المبادرة من 15 عضواً، مناصفة بين الجانبين (7+7)، على أن يتفق الطرفان على هوية العضو الـ15 والتي حددت بشخصية مدنية مستقلة، وأن تكون الرئاسة دورية بمعدل 18 شهراً لكل طرف، بينما يضم مجلس الوزراء التنفيذي 17 حقيبة وزارية من شخصيات تكنوقراط، تُرشح بمعيار الكفاءة، فضلاً عن المجلس التشريعي المحدد بـ150 عضواً، سيكون نصيب قوى "الحرية والتغيير" 67 في المئة والقوى السياسية الأخرى 33 في المئة.
موافقة مبدئية
القيادي بقوى إعلان "الحرية والتغيير" ورئيس اللجنة القانونية ساطع الحاج قال لـ "اندبندنت عربية"، إن "الاتجاه داخل قوى الحرية والتغيير، هو الموافقة على المبادرة الإثيوبية والمضي نحو التوقيع السياسي للانتقال بالبلاد من حالة الجمود والانسداد إلى مرحلة البناء، والتي تتطلب مراعاة الظروف المحيطة بالوطن، من مهددات وأخطار جمة"، لافتاً إلى "وجود بعض التحفظات على ما جاء في بنود المبادرة الإثيوبية من قبل مكونات داخل قوى الحرية والتغيير"، لكنه أوضح أنها "تحفظات في مسائل إجرائية وليس من حيث المبدأ والمضمون". ولم يستبعد الحاج "قبول المجلس العسكري بهذه المبادرة إلا في حال أراد أن يحكم البلاد بشكل منفرد"، داعياً المجلس لـ "الانحياز لإرادة الشعب السوداني، التي عبرت عنها شعارات الثورة، بنقل السلطة إلى حكومة مدنية خالصة".
وأكد ساطع الحاج أن "عدم قبول المجلس العسكري بهذه المبادرة أو تباطؤه وتلكؤه، سيضعه أمام طائلة العقوبات بحلول 30 يونيو (حزيران) 2019، والتي أعلن عنها الاتحاد الأفريقي، فضلاً عن ملاحقة أعضائه وعدم التعامل معهم، وهو أمر سيجعلهم معزولين عن المجتمع الدولي والدوران في نفس حلقة النظام السابق".
تحقيق مستقل
وبخصوص طرح المبادرة الإثيوبية لمعالجة قضية فض اعتصام القيادة العامة التي كانت سبباً في توقف التفاوض بين الجانبين، قال الحاج "هناك اقتراح إجراء تحقيق مستقل بواسطة كفاءات سودانية في المجالات ذات العلاقة"، مؤكداً أنهم "لا يريدون التعامل بعقلية الإقصاء مع جميع القوى السياسية السودانية، ولكنهم مهتمون وسيسعون إلى تفكيك دولة الحزب الواحد، التي سيطر عليها الإسلام السياسي، وذلك في خطوة تهدف إلى إعادة التوازن للدولة السودانية".
في حين، نفى رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي الدكتور محمد المهدي لـ "اندبندنت عربية"، وجود خلاف داخل تحالف قوى "الحرية والتغيير" وتجمع "المهنيين السودانيين"، بسبب بيان أصدره تجمع "المهنيين السودانيين" انتقد فيه "زيارة وفد من قوى الحرية والتغيير إلى إثيوبيا، التقى خلالها المكتب التنفيذي لوزراء الخارجية الأفارقة ورئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي، لشرح رؤية قوى الحرية والتغيير بشأن الأزمة السياسية"، مؤكداً أن "تجمع المهنيين يريد أن يثبت وجهة نظره ويرسل رسالة لقواعده، بأنه غير مشارك في هذه الاجتماعات"، ما يشير إلى تحفظه في بعض المسارات والإجراءات المتعلقة بمجريات الأزمة السودانية، ويرى أنه "يجب أن يكون حل الأزمة السودانية من داخل السودان وليس من الخارج".
خطورة الوضع الراهن
وبشأن التطورات المتسارعة حالياً لإيجاد اتفاق يسرع من العملية السياسية، قال المهدي إن "طرفي الصراع ممثلين في المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، توصلا إلى قناعة بخطورة الأوضاع، ما قادهما إلى التخلص من المناورة التي كانت سبباً في التأزم السياسي، والتوصل إلى شبه اتفاق عبر الوساطة الإثيوبية، لإيجاد تحقيق محلي مستقل، وهو ما قرب خطوات الاتفاق بين الجانبين".
وكانت قوى "الحرية والتغيير" علقت مفاوضاتها مع المجلس العسكري الانتقالي، في قرار اتخذته بالإجماع، على أن يكون التفاوض فقط عبر الوسيط الأفريقي ممثلاً في الاتحاد الأفريقي أو الوسيط الإثيوبي أو الاثنين معاً، وذلك بسبب الطريقة التي فض بها اعتصام القيادة العامة نهاية رمضان 2019، ما خلف أكثر من 100 قتيل من المعتصمين.