في وقت تتزايد فيه المخاوف من تدهور الأوضاع في محطة زابوريجيا النووي الأوكرانيا، تم إخلاء قريتين روسيتين، الخميس 18 أغسطس (آب)، بسبب حريق اندلع في مستودع للذخائر يقع قرب الحدود مع أوكرانيا، وفق ما أعلنت السلطات المحلية.
ويأتي هذا الحريق بعد بضعة أيام من انفجارات وقعت في قاعدة عسكرية ومستودع ذخائر في شبه جزيرة القرم الأوكرانية التي ضمتها موسكو عام 2014. واعتبرت روسيا ما حصل في مستودع الذخائر في القرم عملاً "تخريبياً" من جانب كييف.
وقال حاكم المنطقة فياتشيسلاف غلادكوف في بيان، إن "مستودعاً للذخائر اشتعل قرب قرية تيمونوفو" الواقعة على بعد أقل من خمسين كلم من الحدود الأوكرانية في إقليم بيلغورود.
وأشار إلى أنه لم يتم تسجيل سقوط أي ضحية لكن سكان تيمونوفو وبلدة سولوتي المجاورة "نُقلوا إلى مسافة آمنة"، مضيفاً أن السلطات تحقق في أسباب هذا الحريق.
وأظهر مقطع فيديو نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي كرة نار عملاقة يتصاعد منها دخان أسود كثيف، وفي مقطع فيديو آخر كان بالإمكان رؤية انفجارات عدة متتالية.
ويأتي الحريق الذي اندلع، الخميس، في خضم سلسلة انفجارات تضرب منشآت عسكرية روسية قريبة من الأراضي الأوكرانية.
مطلع أغسطس، أدى انفجار ذخيرة تابعة للطيران العسكري قرب مطار ساكي العسكري في القرم إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.
بعد بضعة أيام، شهد مستودع ذخائر في القرم انفجارات، واعتبرت موسكو ذلك عملاً "تخريبياً"، في اعتراف روسي نادر.
منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، اتهمت موسكو مرات عدة القوات الأوكرانية بشنّ ضربات على أراضيها، خصوصاً على منطقة بيلغورود.
والشهر الفائت، سقطت صواريخ على مدينة بيلغورود وهي مركز الإقليم الذي يحمل الاسم نفسه، ما أسفر عن أربعة قتلى، بحسب السلطات المحلية.
ومطلع أبريل (نيسان)، اتهم غلادكوف أوكرانيا بشن هجوم على مستودع وقود في بيلغورود بواسطة مروحيتين.
غوتيريش يحذر من أي ضرر بمحطة زابوريجيا النووية
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الخميس، من أن إلحاق أي ضرر بمحطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا سيكون بمثابة "انتحار"، في وقت تتبادل كييف وموسكو الاتهامات بقصف الموقع.
وقال غوتيريش خلال زيارة إلى لفيف في غرب أوكرانيا، "علينا أن نقول الأمور كما هو: أي ضرر محتمل لزابوريجيا سيكون بمثابة انتحار"، داعياً مرة جديدة إلى جعل المحطة التي يسيطر عليها الجيش الروسي منطقة "منزوعة السلاح".
وفي حين أعرب عن "قلقه البالغ" حيال الوضع في أكبر محطة نووية بأوروبا، طالب بعدم استخدامها "في أي عملية عسكرية مهما كانت". وأضاف، "لا بد من اتفاق عاجل لإعادة زابوريجيا منشأة مدنية فقط ولضمان أمن المنطقة".
وتبادلت موسكو وكييف الاتهامات باستهداف المحطة النووية الواقعة جنوب أوكرانيا، التي تسيطر عليها القوات الروسية منذ مارس (آذار)، ما يثير مخاوف من كارثة كبيرة في أوروبا.
وتتهم أوكرانيا روسيا منذ أسابيع بتخزين أسلحة ثقيلة في المحطة واستخدامها كقاعدة لشن قصف على أهداف أوكرانية، لكن موسكو نفت، الخميس، نشرها أسلحة ثقيلة في المحطة مع اتهامها كييف بالتحضير لـ"استفزاز كبير" في الموقع لمناسبة زيارة الأمين العام للأمم المتحدة.
وكانت تحدثت في وقت سابق عن تعرض المحطة لهجمات بواسطة مسيرات أوكرانية تسببت في اندلاع حرائق.
ولضمان سلامة الموقع والسماح بإرسال بعثة تفتيش، دعا غوتيريش والولايات المتحدة، الخميس الماضي، إلى إقامة منطقة منزوعة السلاح حول المحطة، الأمر الذي تطالب به أوكرانيا منذ وقت طويل.
تبادل الأسرى
فيما أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم بلاده أوكرانيا مبدياً قلقه من خطر حصول كارثة "تشيرنوبل أخرى"، في إشارة إلى الأخطار التي تدور بمحطة زابوريجيا النووية.
وقال أردوغان، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في لفيف بأوكرانيا، "في وقت نواصل جهودنا من أجل حل، كنا وسنبقى إلى جانب أصدقائنا الأوكرانيين". وأضاف "نحن قلقون، لا نريد أن نعيش تشيرنوبل أخرى" في إشارة إلى المحطة النووية.
وأوضح الرئيس التركي أن القمة الثلاثية تطرقت أيضاً إلى مسألة تبادل الأسرى بين أوكرانيا وروسيا. وقال، "أريد أن أوضح أنه موضوع مهم بالنسبة إلينا، سنواصل إجراء مشاورات في هذا الصدد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين".
وكان أردوغان التقى نظيره الروسي في الخامس من أغسطس في مدينة سوتشي الروسية.
وسارعت تركيا إلى إدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، لكنها حرصت على تبني موقف محايد بين البلدين ولم تنضم إلى العقوبات الغربية على موسكو. كذلك، تزود أنقرة أوكرانيا مسيراتها المقاتلة المعروفة "بيرقدار"، التي أثبتت فاعليتها في مواجهة الدبابات الروسية.
زيلينسكي يرفض أي سلام مع روسيا قبل الانسحاب
من جانبه، رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس إجراء أي مفاوضات سلام مع موسكو قبل الانسحاب المسبق للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية.
وقال زيلينسكي، في المؤتمر الصحافي، إن "أناساً يقتلون وينتهكون ويضربون مدننا المدنية بصواريخ كروز كل يوم، لا يمكن أن يكونوا يريدون السلام. يجب أن يغادروا أولاً أراضينا، وبعدها سنرى"، مؤكداً أنه "لا يثق بروسيا". وأعلن أنه اتفق مع غوتيريش على معايير بعثة قد ترسلها الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة زابوريجيا النووية.
روسيا ترفض نزع السلاح عن المحطة النووية
من جانبها، رفضت وزارة الخارجية الروسية، الخميس الـ18 من أغسطس اقتراحاً من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بنزع السلاح من المنطقة المحيطة بمحطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تسيطر عليها في أوكرانيا قائلة إن ذلك سيجعل المنشأة "أكثر عرضة للخطر".
وسيطرت روسيا على المحطة وهي الأكبر من نوعها في أوروبا في مارس (آذار) بعد إصدار الرئيس فلاديمير بوتين أمراً بدخول عشرات آلاف القوات الروسية إلى أوكرانيا في ما وصفه "بعملية عسكرية خاصة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتزايدت المخاوف خلال الأسابيع القليلة الماضية في شأن سلامة المحطة ومخاطر وقوع حادثة نووية محتملة على غرار فوكوشيما بعد أن تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات بقصفها.
وكان غوتيريش الذي يزور أوكرانيا حالياً، دعا هذا الشهر إلى سحب العسكريين والعتاد من محطة الطاقة النووية وتحديد "محيط آمن لنزع السلاح".
وقال إيفان نتشاييف المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية في إفادة صحافية، الخميس، إن الاقتراح غير مقبول بالنسبة إلى موسكو، واتهم كييف بممارسة ما وصفه باستفزازات وبعدم قدرتها على السيطرة على الجماعات المسلحة القومية، مضيفاً "هذا هو السبب في أن المقترحات بشأن نزع السلاح غير مقبولة، وتنفيذها سيجعل محطة الطاقة (النووية) أكثر عرضة للخطر". وتقول موسكو إنها تبقي على بعض القوات في المحطة لضمان سلامتها وحسن سير العمل بها.
اتهامات متبادلة
وتتهم كييف روسيا باستخدام المحطة منطلقاً لقصف أهداف أوكرانية، وتقول أيضاً إن روسيا تقصف المحطة فيما ترد موسكو أن أوكرانيا هي من تقصفها.
وذكر نتشاييف أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمكن أن تزور المحطة في المستقبل القريب جداً ويمكن أن يحدد الخبراء بأنفسهم من الذي كان يقصفها.
واتهمت روسيا التي تقول إن ليست لديها أسلحة ثقيلة في المحطة في وقت سابق من اليوم الخميس كييف والغرب بالتخطيط لممارسة "استفزاز" هناك غداً الجمعة، لكن كييف نفت هذه الاتهامات ووصفتها بأنها مثيرة للسخرية وغير صحيحة.
وكانت المحطة القريبة من الخطوط الأمامية للقتال تعرضت لإطلاق النار مراراً في الأسابيع الماضية.
واتهمت وزارة الدفاع الروسية أوكرانيا بمحاولة تدبير "حادثة بسيطة" في المحطة الواقعة جنوب البلاد لإلقاء اللوم على موسكو، ولم يتسن لـ"رويترز" التحقق من تأكيدات روسيا.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف للصحافيين إن موسكو تتخذ إجراءات لضمان السلامة في المجمع ونفى أنها نشرت أسلحة ثقيلة داخل المحطة وحولها.
وذكرت الوزارة أن المحطة ربما تغلق إذا واصلت القوات الأوكرانية قصفها في حين أوضح إيغور كيريلوف، قائد القوات الروسية للحماية من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية إن أنظمة الدعم الاحتياطية للمحطة تضررت نتيجة القصف، مضيفاً خلال إفادة أنه في حال وقوع حادثة في المحطة فإن المواد المشعة ستغطي ألمانيا وبولندا وسلوفاكيا.
ودعا غوتيريش إلى وقف جميع المعارك بالقرب من محطة زابوريجيا.
وأشار رئيس الإدارة الروسية في منطقة زابوريجيا يفغيني باليتسكي في وقت سابق إلى أن هناك خطراً من أن يؤدي القصف إلى إتلاف نظام التبريد في مجمع المفاعل.
السلاح النووي في "حالات الطوارئ"
في السياق، قالت وزارة الخارجية الروسية، الخميس، إن موسكو لن تستخدم ترسانتها النووية إلا في "حالات الطوارئ" وإن ليست لديها مصلحة في مواجهة مباشرة مع "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) والولايات المتحدة.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية إيفان نتشاييف في إفادة صحافية أن الأسلحة النووية ستستخدم فقط كإجراء "للرد".
وقال وزير الدفاع الروسي، الثلاثاء، إن موسكو "ليست في حاجة" لاستخدام الأسلحة النووية خلال حملتها العسكرية في أوكرانيا، واصفاً تكهنات وسائل إعلام بأن روسيا ربما تنشر أسلحة نووية أو كيماوية في الصراع بأنها "محض أكاذيب".
وندد زيلينسكي عبر "تيليغرام" بـ"الرعب المتعمد" الذي تسببه روسيا والذي "ربما تكون له تداعيات كارثية كبرى على العالم بأسره"، مضيفاً "ينبغي على الأمم المتحدة إذاً أن تضمن سلامة هذا الموقع الاستراتيجي ونزع السلاح منه وتحريره بالكامل من القوات الروسية".
موسكو تنشر صواريخ فرط صوتية في كالينينغراد
وأعلنت روسيا أنها نشرت، الخميس، طائرات مزودة بصواريخ فرط صوتية في كالينينغراد مع تصاعد التوتر حول هذا الجيب الروسي المحاط بدول أعضاء بـ"ناتو" في ذروة النزاع بأوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان "من ضمن التدابير الاستراتيجية المتخذة للردع الإضافي، أعيد نشر ثلاث طائرات ميغ-31 مزودة بصواريخ فرط صوتية في مطار تشكالوفسك بمنطقة كالينينغراد" مضيفة أن الطائرات الثلاث ستشكل وحدة قتالية "عملياتية طوال 24 ساعة".
والصواريخ الباليستية فرط صوتية "كينجال" وتلك العابرة "زيركون" تندرج في إطار أسلحة جديدة طورتها روسيا ويعتبر بوتين أنها "لا تقهر" لأنها تستطيع الالتفاف على أنظمة دفاع العدو.
وأعلنت موسكو مراراً أنها استخدمت صواريخ فرط صوتية في إطار هجومها الواسع النطاق الذي تشنه منذ فبراير (شباط) في أوكرانيا.
ويأتي نشر هذه الأسلحة في كالينينغراد على خلفية مواجهة بين الاتحاد الأوروبي وموسكو خلال الأسابيع الأخيرة في شأن هذا الجيب الواقع على ساحل البلطيق.
وتطبيقاً للعقوبات الأوروبية التي فرضت رداً على الهجوم الروسي في أوكرانيا، أوقفت ليتوانيا في يونيو (حزيران) السماح بعبور بعض السلع المتجهة إلى كالينينغراد عبر أراضيها.
وبعد احتجاجات وتهديدات من جانب موسكو، طلب الاتحاد الأوروبي من فيلنيوس أن تجيز عبور السلع الروسية عبر السكة الحديد باستثناء المعدات العسكرية.
ويقع جيب كالينينغراد بين بولندا وليتوانيا وتصل إليه الإمدادات عن طريق السكة الحديد انطلاقاً من البر الروسي.