انطلقت فعاليات قمة طوكيو للتنمية في أفريقيا (تيكاد) في تونس، السبت الـ27 من أغسطس (آب) الحالي، وافتتحها الرئيس التونسي قيس سعيد بحضور 10 رؤساء دول أفريقية، و10 وزراء أول، و20 وزيراً، إضافة إلى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ورئيس البنك الأفريقي للتنمية وبنك غرب أفريقيا للتنمية وممثلين عن البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة.
وشارك رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا عبر تقنية الفيديو بسبب تعذر حضوره لإصابته بفيروس كورونا، وأعلن عن تعهد اليابان تخصيص 30 مليار دولار لمشاريع تنموية في القارة الأفريقية خلال السنوات الثلاث المقبلة، إضافة إلى تقديم 130 مليون دولار لمشاريع الأمن الغذائي ومساعدات غذائية قدرها 300 مليون دولار بالتعاون مع البنك الأفريقي للتنمية.
وتنوي اليابان تقديم قروض بقيمة خمسة مليارات دولار بالشراكة مع البنك الأفريقي للتنمية لتمويل التنمية المستدامة والإصلاح المالي في القارة، بينما تخصص أربعة مليارات دولار لمشاريع النمو والاقتصاد الأخضر والقضاء على التلوث الكربوني وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي والزراعة للتغلب على اضطرابات إمدادات الغذاء التي مست القارة بسبب الحرب الأوكرانية.
الفجوة الاقتصادية
من جانبه، أشار الرئيس التونسي إلى فجوة التفاوت الاقتصادي بين الدول وخلل التوازنات في النظام الاقتصادي العالمي، وتفاقم الفقر ومستوى المديونية والتضخم، الذي كشفت عنه جائحة كورونا، مشيراً إلى أن أفريقيا هي الأكثر تضرراً، وضرورة تبني نهج اقتصادي دولي أكثر قدرة على الصمود إزاء الأزمات وإيجاد حل لمسألة الديون التي تشكل عبئاً على الدول وعلى القطاع العام وتؤثر في نجاعته وقدرته على دعم بقية القطاعات الاقتصادية أو الاستثمار في شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الأكثر ضعفاً.
ودعا سعيد الدول المانحة إلى تنفيذ تعهداتها في شأن استخدام حقوق السحب الخاصة لدعم التنمية المستدامة بأفريقيا، بما من شأنه أن يسهم في رأس مال إضافي وتمويل لمصارف التنمية الأفريقية الإقليمية وكذلك لتقديم قروض ميسرة للبلدان النامية والأقل نمواً لمساعدتها على التعافي من تداعيات كورونا التي فاقمتها الحرب في أوكرانيا، معبراً عن أمله في أن تعديل الشراكة الأفريقية اليابانية بوصلتها نحو وضع استراتيجية للحد من التفاوت بدعم الإصلاحات والتوزيع العادل للثروات والمساندة المالية الموجهة إلى الفئات السكانية الضعيفة والرعاية الصحية والخدمات الرقمية والبنية التحتية وضمان مناخ للتجارة والاستثمار ملائم لاقتصادات الأسواق الناشئة في بلدان أفريقيا النامية.
46 مشروعاً
واقترحت تونس مجموعة من المشاريع والبرامج التي تهدف إلى تكثيف التعاون بين تونس والبلدان الأفريقية واليابان على أن تكون القمة نقطة انطلاق تنفيذ هذه المشاريع التي ترتكز على التكنولوجيا والابتكار، ومن أهمها إحداث خط تمويل تونسي ياباني يخصص لإحداث مشاريع في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بهدف الرفع من مساهمة الاقتصاد الاجتماعي بـ6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في تونس وتوفير 60 ألف وظيفة إضافية سنوية بكلفة 300 مليون دينار (94 مليون دولار) وتعميمه على دول أفريقية، وكذلك إنشاء منطقة صناعية بالنفيضة (الوسط الشرقي التونسي)، واستقطاب خدمات الشحن لفائدة كل من الجزائر وليبيا وبعض الدول الأوروبية وبلدان آسيوية على غرار اليابان عن طريق تدشين ميناء المياه العميقة من الجيل الجديد مطابق للمواصفات الدولية ذات حركة مينائية تقدر بـ4.8 مليون حاوية بهدف استقطاب نشاط الميناء بالبحر المتوسط وربط تونس بمحاور النقل البحرية الرئيسة بين الشرق والغرب، إضافة إلى إنجاز جسر يربط جزيرة جربة (الجنوب الشرقي) باليابسة بكلفة 700 مليون دينار (219.4 مليون دولار)، وكذلك إطلاق قمر اصطناعي تونسي "أفريقية-1" بكلفة 1.8 مليون دينار (564 ألف دولار) بتمويل تونسي – ياباني، وإحداث مركز امتياز أفريقي مندمج في مجال الطاقات المتجددة بتطاوين (الجنوب التونسي) لتحسين التكامل التقني والاقتصادي للطاقة الشمسية وتعزيز استقلال الطاقة والحد من استيراد الوقود الأحفوري بكلفة 1.5 مليار دينار (470 مليون دولار) بالشراكة بين وزارة الصناعة والطاقة وشركاء وممولين يابانيين وأفارقة وإنتاج 1250 ميغاواط من الطاقات المتجددة بكلفة 2.7 مليار دينار (846 مليون دولار)، وإنشاء خط نقل الفوسفات الهيدروليكي عبر الأنابيب بين الحوض المنجمي وميناء الصخيرة (الجنوب الشرقي)، وبناء محطة لتحلية مياه البحر بكلفة 1.5 مليار دينار (470 مليون دولار) بشراكة بين القطاعين العام والخاص، علاوة على مشروع دعم انتقال الطاقة بأفريقيا لتعبئة موارد مالية جديدة في القطاع بأفريقيا بكلفة متوقعة تقدر بـ1.2 مليون دينار (376 ألف دولار)، وبتعاون تونسي - ياباني - أفريقي، وإحداث صندوق "تيكاد" لانتقال الطاقة بأفريقيا للتشجيع على الاستثمار في مجال التحكم فيها لتوفير مصادر التمويل، وكذلك مشروع المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجيستية بمدينة بن قردان الحدودية مع ليبيا بكلفة 850 مليون دينار (266.4 مليون دولار). أما في المجال الفلاحي فقد تم تقديم مقترح مشروع التصرف المندمج في التسربات والحماية من الفيضانات بالشمال الغربي التونسي بكلفة مليار دينار (313 مليون دولار) بتعاون تونسي – ياباني، وإنشاء 3 منصات تكنولوجية للفلاحة الذكية ومحطة لتحلية مياه البحر بمحافظة المهدية (الوسط الشرقي) بكلفة 1.1 مليار دينار (344 مليون دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي شأن المشاريع المتعلقة بالنقل اقترح إنشاء محطة إنتاج وتخزين وتوزيع الهيدروجين الأخضر بميناء جرجيس في الجنوب الشرقي لتمكن من تغطية حاجات المنطقة علاوة على بلدان مغاربية وأفريقية وإنشاء وحدة لصناعة وتركيب السفن ومركب صناعي لتصميم وتصنيع وتسويق السيارات بالمنطقة نفسها.
أما في مجال الخدمات وبالتحديد القطاع السياحي فقد تم تقديم مشروع إحداث صندوق تأمين الاستثمار السياحي لدفع الاستثمار الخاص ودفع مشاريع التهيئة السياحية بالبلدان الأفريقية بتعاون ثلاثي تونسي - ياباني - أفريقي.
وفي المجال الصحي قدم مشروع بناء القطب البيولوجي الطبي بمستشفى شارل نيكول بتونس العاصمة بكلفة 16.5 مليون دينار (5.17 مليون دولار) بتمويل تعاون تونسي – ياباني، وإنشاء قطب طبي في مجال زرع الأعضاء والأنسجة بتونس ذي إشعاع على أفريقيا بتعاون تونسي - ياباني - أفريقي.
كبرى الشركات اليابانية
كشف الدبلوماسي التونسي المكلف تنسيق قمة طوكيو للتنمية في أفريقيا محمد الطرابلسي لـ"اندبندنت عربية"، عن أن "تونس تسعى من خلال هذه القمة إلى التحول إلى وجهة المستثمرين الأجانب والفاعلين على المستوى المالي، وهي فرصة لترويج صورتها كمنصة قادرة على احتضان الاستثمارات المهمة".
يضيف، "يحضر بالمنتدى الاقتصادي الحالي 100 رجل أعمال ياباني يمثلون 50 أكبر شركة يابانية، ومثلهم من رجال الأعمال التونسيين والأفارقة وحضور مهم على المستوى السياسي. وتم تسجيل إنجاز 42 مشروعاً يمس الاقتصاد الأخضر والأزرق وصناعة الذكاء والرقمنة والمشاريع التكنولوجية، وهي مشاريع عمومية في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص بقيمة ثمانية مليارات دينار (2.5 مليار دولار). وهي بتمويل تفاضلي من اليابان بفضل العلاقات الثنائية المتميزة بين تونس واليابان".
وأوضح الطرابلسي أن "اليابان شريك استراتيجي على المستوى المالي يمول الاقتصاد التونسي منذ سنوات، وقد بلغ المراتب الأولى من بين شركاء تونس في العشرية الأولى من هذا القرن. وستواصل البلاد اعتماده شريكاً استراتيجياً على المستوى المالي باعتبار أنه يوفر قروضاً للدولة بفوائض منخفضة، وبسقف تسديد يفوق 30 سنة".
وأشار إلى أنه "على مستوى القطاع الخاص انعقد لقاء بين رجال أعمال يابانيين وتونسيين وتم توقيع اتفاق للعمل معاً على إنجاز مشاريع مشتركة، ثم بالنسبة إلى الاستثمار مع الدول الأفريقية من شأن تونس أن تلعب دوراً في التعاون الثلاثي بين المؤسسات اليابانية والأفريقية والتونسية باعتبار الميزات التفاضلية لتونس، بخاصة على مستوى الكفاءات والموارد البشرية التونسية، وبخاصة على مستوى المهندسين، وكذلك إنجاز شراكات مع الجانب الياباني للقيام بمشاريع في أفريقيا".
وأوضح أنه "في كل دورة يتم الاختتام بإعلان باسم البلد المنظم، وهي التجربة الثانية للقمة اليابانية في أفريقيا بعد نيروبي سنة 2016. وأثنى وزير الخارجية الياباني على دور تونس في مساهمتها في (إعلان تونس) الذي سيمثل خطة عمل للبلدان الأفريقية واليابان من أجل تفعيل مشاريع التنمية في أفريقيا بتمويل ياباني".
يذكر أن اليابان قدمت تمويلاً بقيمة 100 مليون دولار في إطار برنامج مشروع دعم الاستجابة الطارئة للحماية الاجتماعية للتصدي لجائحة كورونا في تونس، الذي يشرف عليه البنك الدولي، كما أعلنت الحكومة اليابانية سنة 2022 موافقتها المبدئية لمنح قرض لتونس لتمويل السياسات التنموية يقدر بـ100 مليون دولار.