أعلن وزير التعليم البريطاني أنّ النقاش الدائر حول وجود فجوة تعليمية بين الشمال والجنوب يزخر بقدر وافر من "التبسيط"، إذ غالباً ما يحرز الأطفال الأكثر فقراً في المدن انجلترا كلها نتائج أفضل من أقرانهم الميسورين في المناطق الريفية.
وقال داميان هيندز إنّ بعض أكثر المدارس "رقيّاً" وأقواها من حيث التحصيل العلمي تتخذ من شمال انجلترا مقراً لها، في حين أنّ المدارس في بعض مناطق الجنوب "ليست بمستوى الجودة التي ينبغي بها أن تبلغه".
في كلمة له حول الحرمان، قال هيندز إنّ لندن ليست المكان الوحيد الذي يتفوّق فيه الأطفال المحرومين إذ أنّ من المرجح أيضاً أن يحرزوا تقدماً ويحصلوا على درجاتٍ أعلى في مدنٍ كبرى بمناطق أخرى.
يُذكر أن تعليقات الوزير جاءت بعدما دعا أعضاء البرلمان الحكومة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بتقليص فجوة التحصيل العلمي "الصارخة" بين الشباب في شمال انجلترا وأولئك الذين يعيشون في مناطقها الأخرى.
وكان تقرير صدر اخيراً عن "شراكة القوى الشمالية"، وهي الهيئة الحكومية المعنية بتطوير الشمال على كافة الاصعدة، قد كشف أنّ الطلاب المراهقين من أبناء عائلات محرومة في الشمال متخلفون عموماً بدرجة واحدة في الشهادة الثانوية العامة عن مجايليهم في أنحاء المملكة المتحدة.
غير أن هيندز الذي كان يتحدث في البرلمان الاسبوع الماضي، قال إنّ فكرة الفجوة بين الشمال والجنوب "ضحلة للغاية" إذ أنّ من المرجح أن يحقّق الشباب في المدن الكبرى نتائج جيدة.
وسلّط الوزير الضوء على معدّل النجاح في أوساط الطلاب الأشدّ فقراً في لندن والعوامل التي ساهمت في نجاحهم، ومنها عدم حاجتهم للسفر الى مسافات بعيدة علاوة على توفّر المزيد من الجامعات واللغات. وأضاف "يبدو أنّ الأثر الذي تُحدثه المدينة لا ينطبق على لندن وحدها. فالمسافة تلعب دوراً أيضاً في أماكن أخرى."
اعتبر هيندز أنّ المزيد من التركيز على مناطق تضمّ أعدداً كبيرة من الأولاد البريطانيين المعوزين من ذوي البشرة البيضاء والأداء الدراسي المتدني، من شأنه أن يساهم في تقليص فجوة التحصيل العلمي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت بيانات جديدة نشرتها وزارة التعليم قد كشفت في وقت سابق على تصريحات هيندز أنّ الطلاب الأشد فقراً ممن يعيشون في المناطق الساحلية يحققون علاماتٍ أقلّ بثلاث درجات في شهادة الثانوية العامة من أقرانهم في المناطق غير الساحلية.
في هذه الأثناء يُحرز الطلاب المعوزين معدلات أعلى بحوالي ستّ علامات بشكل وسطي ويحققون تقدماً أكثر في المدارس التي تقع في المدن من أولئك الذين يتعلّمون في القرى الصغيرة والمناطق المعزولة.
في السياق نفسه، كشفت تقرير حكومي جديد بعنوان "الاطفال المحتاجين" أنّ الأطفال الذين تواصلوا منذ كانوا في سنتهم الابتدائية الخامسة مع أحد موظفي"الخدمة الاجتماعية"، وهي الجهة المسؤولة عن الأخذ بيد السكان وحمايتهم من الاخطار والامراض الاجتماعية، قد حققوا درجتين أقلّ في علامات الثانوية العامة مقارنةً بأقرانهم.
وأعلن هيندز الاسبوع الماضي أنّ قانون القبول في المدارس سيتغير بقصد تسريع الانتقال من مدرسة إلى أخرى بالنسبة للأطفال الذين يحتاجون إلى دعم أخصائي اجتماعي، بمن فيهم أولئك الذين تعرضوا لإساءة المعاملة في منازلهم. وخلُص التقرير الحكومي إلى أن هذه الفئة من الطلاب هي أكثر عرضة بنسبة ثلاثة أضعاف للتغيب باستمرار عن المدرسة، وأشد استعداداً بنسبة أربعة أضعاف للطرد النهائي. كما يحقّقون نتائج تعليمية أدنى في كلّ مرحلة دراسية مقارنةً بأولئك الذين لم يتواصلوا مع أخصائي اجتماعي، حسبما يذكر التقرير.
لكنّ آن لونغفيلد، وهي "مفوضة الأطفال في انجلترا" اعتبرت أنّ "الشلل الذي يصيب حالياً كلّ من الحكومة والبرلمان" يؤدّي إلى اهمال الاطفال المعوزين.
أما راسل هوبي، الرئيس التنفيذي لجمعية "تيتش فيرست" (علِّم أولاً) الخيرية، فقال "من المأساوي أنه لم يتمّ تجاهل الكثير من الشباب المعوزين لوقتٍ طويل فحسب، بل تُركوا بالفعل لمصيرهم في المؤخرة، وكانوا غير قادرين على كسر تلك الحلقة الدائمة من الحرمان.. ولمواجهة ذلك، نحتاج إلى إدراج المزيد من الاستثمار للمدارس والمدرسين في مراجعة الإنفاق المقبلة، فضلاً عن الالتزام المستمر ببرنامج منحة الطلاب ".
تجدر الإشارة إلى أنّ استشارة رسمية ستُجرى في الوقت المناسب بهدف تحديد الحاجات الضرورية التي يتوجّب إدخالها على نظام القبول لكي يتمكّن الأطفال المعوزين من تأمين مكانٍ في مدرسة ما بشكل أسرع.
© The Independent