مع القيود الصارمة المفروضة على تحويل الأموال إلى داخل فلسطين من الخارج، تلجأ بعض الحركات الفلسطينية إلى "غسل الأموال" لتمويل نشاطاتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، في ظل صعوبة اكتشاف تلك الوسيلة على عكس التحويل المباشر للأموال.
وتعمل سلطة النقد الفلسطينية (البنك المركزي) من خلال وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على التدقيق في التحويلات المالية من الخارج إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويأتي ذلك في ظل ارتباط النظام المصرفي الفلسطيني بالنظام العالمي وخضوعه لقوانين "مكافحة تمويل الإرهاب" التي تعتبر الحركات الفلسطينية ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية".
وتلجأ بعض الفصائل الفلسطينية بالتعاون مع رجال أعمال وتجار فلسطينيين إلى شراء بضائع من الخارج تدفع ثمنها بعض الفصائل ليتم إدخالها وتسويقها في فلسطين، قبل أن يسلم ثمنها إلى عناصرها في داخل الضفة الغربية وقطاع غزة.
وتشكل تلك الآلية صداعاً مزمناً للسلطات الإسرائيلية التي تقف شبه عاجزة أمام اكتشاف تلك الشبكات التي تستخدم التجار كواجهة لها، لكن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) كشف عن عملية معقدة لغسل الأموال لحركة حماس، إذ نجحت في إدخال مئات آلاف الدولارات من الخارج إلى قيادة الحركة في الضفة الغربية.
واعتقل الـ "شاباك" خمسة من أعضاء الحركة في الضفة الغربية على صلة بالعملية، وحدد هوية أحد أعضاء الخلية في غزة وآخر في تركيا.
وبحسب الـ "شاباك" اشترى فلسطينيون سلعاً تجارية في تركيا بعد حصولهم على أموال من حركة "حماس"، قبل أن يشحنوا تلك البضائع إلى مدينة الخليل لبيعها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبعد ذلك تستخدم أموال البضائع بعد اقتطاع حصة الأرباح للتجار لدفع رواتب القيادة العليا لـ "حماس" في الضفة الغربية، وقبل أشهر عدة اتهمت السلطات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين في القدس "بالانتماء إلى حركة حماس وجمع أموال لمصلحتها عبر غسل الأموال وارتكاب مخالفات ضريبية"، فيما رفض مسؤولون في حركة حماس التعليق على تلك الاتهامات.
وفي المقابل اعتبر الباحث الاقتصادي هيثم دراغمه أن "الإجراءات المشددة التي تفرضها السلطات الفلسطينية والإسرائيلية على تحويل الأموال من الخارج تحت ذريعة مكافحة تمويل الحركات الإرهابية تدفع تلك الحركات نحو اللجوء إلى غسل الأموال"، مشيراً إلى أن ذلك بات ظاهرة تتسع في الأراضي الفلسطينية.
وقال دراغمه إن "المؤسستين الأمنيتين الفلسطينية والإسرائيلية تجدان صعوبة في اكتشاف تلك الشبكات التي تستخدم التجار ورجال الأعمال واجهة وأداة لإدخال الأموال من الخارج عبر غسل الأموال".
وأوضح دراغمه أنه "على رغم بيع هؤلاء التجار بضائعهم وسلعهم بأسعار أرخص من المعتاد ولافتة للانتباه، إلا أن السلطات الفلسطينية والإسرائيلية تعجز عن اكتشافهم".
وأشار دراغمه إلى أن "التجار ورجال الأعمال يلجأون إلى ذرائع عدة للتغطية على ذلك، عبر الإدعاء بأنهم يشترون تلك البضائع بصفقات مالية في مقابل الدفع النقدي، ولذلك تكون رخيصة الثمن أو عبر بيعها للمواطنين الفلسطينيين بسعر أقل من السعر المعتاد في حال الدفع نقداً".