في عام 2013، نجح للمرة الأولى أمازيغ ليبيا في تشكيل كيان خاص بهم، خوفاً من تعمق سياسة التهميش، التي بدأت مع حقبة معمر القذافي وتواصلت إلى ما بعد ثورة 17 فبراير (شباط) 2011.
ثورة علق عليها الأمازيغ طموحات ثقافية وسياسية تتمحور أساساً حول اعتماد اللغة الأمازيغية في المناهج التربوية، التي كان القذافي يعاقب من يتكلم بها.
ونجح المؤتمر الوطني عام 2013 في إعلان القانون رقم 18، القاضي بتعليم اللغة الأمازيغية في المدارس الليبية، على أن تتحمل الدولة مصاريف تدريسها.
لكن القانون ظل حبراً على ورق، إذ يتكفل إلى حد اليوم المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا بتكلفة طباعة الكتب المدرسية والمنشورات التربوية.
وعلى الرغم من أن نسبة أمازيغ ليبيا، الذين يتوزعون على زوارة وجادو ونالوت ويفرن وغيرها من المدن الأمازيغية، تصل إلى 10 في المئة من مجموع سكان ليبيا، يتركز ثلثها في العاصمة الليبية طرابلس، إلا أن مدارسها لم تحترم القانون رقم 18.
اللغة الأمازيغية
على الرغم من إقرار المادة الأولى من الدستور الليبي أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة مع ضمان الحقوق اللغوية والثقافية للأمازيغ والتبو والطوارق وكل مكونات المجتمع المدني، إلا أن وزارة التربية والتعليم الليبية ضربت بعرض الحائط هذه المادة والقانون 18، ولم تحتسب اللغة الأمازيغية ضمن المنهاج الدراسي.
قرار يراه الأمازيغ عنصرياً ومحاولة لطمس هوية عرق من أقدم الأعراق في ليبيا وشمال أفريقيا.
وفي هذا الإطار، قالت سهام طالب، عضو المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا ورئيسة لجنة التعليم عن مدينة أغرم في جبل نفوسة، "لن نعترف بدستور لا يعترف بنا وسنستمر في تنفيذ تحركات محلية ودولية لحماية حقوقنا".
وأضافت أن الأمازيغ اجتازوا مرحلة دسترة اللغة الخاصة بهم وكل هدفهم الآن هو اعتبار الأمازيغية لغة رسمية ومساواتها باللغة العربية في مختلف المناهج الدراسية، مؤكدة أن السلطات التنفيذية هي من تتعمد عرقلة تنفيذ القانون 18 لعام 2013، بحجة عدم وجود دستور ثابت، إضافة إلى محاولات الدمج القسري الممنهج الذي تمارسه السلطات المتعاقبة، التي تسعى إلى طمس المميزات الحضارية والثقافية للأمازيغ وفق تعبيرها.
ونوهت طالب بأن السلطات المركزية لم توفر مدرسين للغة الأمازيغية بسبب رفض ديوان المحاسبة الليبي تعيين متخصصين لتعليم تمازيغت (الأمازيغية)، ما دفع بهم للتوجه إلى منظمات دولية لمساعدتهم على ضمان حقوقهم اللغوية والثقافية التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الهوية الليبية.
ضرورة الانفصال
بدأت بوادر الانفصال والتلويح بضرورة تكوين دولة أمازيغية تلوح في الأفق منذ عام 2013، إثر انسحاب نواب الأمازيغ من المؤتمر الوطني العام احتجاجاً على عدم احترام العرق الأمازيغي.
ووصلت درجة الاحتقان حد مقاطعة انتخابات لجنة الستين المكلفة بإعداد أول دستور ليبي بعد ثورة فبراير بسبب إعطاء الأفضلية للعرب على حساب الأمازيغ. ما دفع المجلس الأعلى للأمازيغ إلى التهديد بالتوجه إلى المنظمات الدولية.
وفي هذا الصدد، أكدت ناجحة بن حمودة، عضو المجلس البلدي عن مدينة نالوت الأمازيغية، أن رقعة الاحتجاجات ضد التمييز العنصري الذي يتعرضون له اتسعت وعدد الأمازيغ المطالبين بالانفصال عن جميع الحكومات الحالية في ازدياد، خصوصاً أن حكومة طرابلس لم تتخذ الإجراءات الضرورية في حق من همش إدراج اللغة الأمازيغية في المناهج الدراسية، وحكومة الشرق تفننت في إقصائهم عبر تسمية قواتها بالجيش العربي الليبي عوض الجيش الليبي. إضافة إلى تكفير المذهب الإباضي، الذي يعتمده عدد مهم من أمازيغ جبل نفوسة وزوارة.
واستدركت أنهم إلى حد الآن لم يكونوا حزباً سياسياً يكون بمثابة الكتلة الضاغطة داخل مختلف الأجسام التشريعية للدفاع عن حقوقهم، بسبب القوانين الليبية التي تعطي الأولوية للعرب. ما دفعهم إلى استغلال المناسبات الوطنية الخاصة بهم، مثل رأس السنة الأمازيغية التي توافق 12 يناير (كانون الثاني) من كل عام، للتذكير بمطالبهم الأساسية.
وأشارت إلى أن النداءات بشأن الانفصال وتكوين دولة لغتها الأمازيغية وعلمها المكون من اللون الأحمر والأخضر والأصفر ارتفعت في الآونة الماضية، لا سيما إثر تزايد وتيرة الاعتداءات على مقار وممتلكات الأمازيغ.
وأكد المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا أنه ماض في استرداد حقوق الأمازيغ، وفي حال رفضت السلطات الحالية مطالبهم سيلجأون إلى طلب تطبيق إعلان الأمم المتحدة بشأن حق الشعوب في تقرير مصيرها، الذي وقعت عليه ليبيا عام 2007.