قبل ساعات من انعقاد المجلس الوزاري الأمني المصغر (كابينت) في الحكومة الإسرائيلية، بعد ظهر الخميس السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، الذي كان من المقرر أن يصادق على اتفاق الحدود البحرية مع لبنان، أبلغ الرئيس يائير لبيد الفريق المفاوض نقل موقف حكومته الرافض للتعديلات التي أدخلها لبنان إلى الوسيط الأميركي آموس هوكشتين.
واعتبر لبيد التعديلات جوهرية وفيها تنازل عن أمن ومصلحة إسرائيل، ليقتصر بحث الكابينت على سبل التعامل مع تداعيات رفض إسرائيل التوقيع على الاتفاق، وعدم إمكان التوصل إليه قبل الانتخابات البرلمانية مطلع الشهر المقبل، في حين قد تبدأ إسرائيل باستخراج الغاز من حقل "كاريش".
وكان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي آيال حولاتا أجرى محادثة مع الوسيط الأميركي في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء، وحصل على التعديلات التي أجراها لبنان على مسودة الاتفاق، وفي ساعات صباح الخميس تم بحثها بمكتب لبيد الذي سرعان ما حسم رفضها.
وطالب لبيد الوسيط الأميركي بالعمل على تراجع لبنان عن تعديلات جوهرية أدخلها المسؤولون اللبنانيون على مسودة الاتفاق، وهدد أنه في حال لم يتم التراجع فإن إسرائيل ستباشر العمل في استخراج الغاز من حقل "كاريش" في اللحظة التي يتم إنجاز التحضيرات لاستخراجه.
وفيما تردد في لبنان إن المحادثات وصلت إلى نقطة حاسمة، قال مسؤول أميركي، الخميس، إن "الفجوات تقلصت" بين لبنان وإسرائيل، مضيفاً "ما زلنا ملتزمين التوصل إلى حل ونعتقد بأنه من الممكن الوصول إلى تسوية دائمة".
تهديد إسرائيلي
وهدد لبيد أنه "في حال تعرض حقل الغاز أو أهداف إسرائيلية لضربات من حزب الله فستتوقف المفاوضات كلياً وسترد إسرائيل بما يضمن أمنها وأمن سكانها".
من جهته استغل وزير الأمن بيني غانتس إحياء ذكرى قتلى حرب أكتوبر (تشرين الأول) ليواصل التهديدات الإسرائيلية، ووجهها مباشرة للبنان وحزب الله، مدعياً أن جيشه على أهبة الاستعداد لكل رد على أي سيناريو قد ينشأ في أعقاب مباشرة العمل في استخراج الغاز من حقل "كاريش".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال غانتس "سواء تم توقيع الاتفاق أم لا، نحن مستعدون للدفاع عن بنيتنا التحتية وعن سيادتنا، وإذا سعى حزب الله إلى استهدافها فإن الثمن العسكري الذي ستدفعه دولة لبنان وحزب الله سيكون باهظاً جداً".
وبعد ساعة من انعقاد المجلس الوزاري الأمني المصغر أعلن غانتس أنه في أعقاب مشاورات أمنية لاستعراض الوضع عند الحدود الشمالية صدرت تعليمات لقيادة الشمال أولاً، وللقادة العسكريين والجيش بالاستعداد لاحتمال تصعيد أمني قريب عند الحدود الشمالية.
خط الحدود والتعويض المالي
اعتبر الإسرائيليون التعديلات التي طلبها لبنان جوهرية وبمثابة خط أحمر ترفضه تل أبيب ولن تقبل حتى الحوار حوله، وإن كان الثمن وقف المفاوضات وإلغاء الاتفاق.
تعديلات لبنان تتعلق بالخط الذي سيتم اعتباره خط حدود (خط العوامات)، ويعتبره الإسرائيليون موضوعاً أمنياً لا يمكن التخلي عنه.
وبحسب مسؤول إسرائيلي ذكر اللبنانيون أنهم لا يعترفون بـ"خط الحماية" وشرعيته، وأرادوا استبدال عبارة "الوضع الراهن" في ما يتعلق بـ"خط الحماية" بعبارة "بحكم الواقع"، وهو مصطلح يعتبر في معناه القانوني أضعف مما قد يترك مجالاً للمطالبات اللبنانية بشأن هذه القضية في المستقبل.
لقد وضعت إسرائيل من جانب واحد "خط العوامة" على شاطئ "رأس الناقورة" بعد الانسحاب من لبنان في عام 2000، ويبدأ الخط من الشاطئ بالمنطقة الحدودية في "رأس الناقورة" ويمتد غرباً بنحو خمسة كيلومترات داخل البحر الأبيض المتوسط.
وبحسب الإسرائيليين في حال تحرك "الخط العائم" جنوباً مما هو عليه اليوم، فإن هذا سيسمح بخط رؤية ومراقبة من الجانب اللبناني باتجاه ساحل شمال إسرائيل.
حق النقض
كما اعترض اللبنانيون أيضاً على بند في الاتفاق يمنح إسرائيل "حق النقض" على بدء التنقيب عن الغاز في المنطقة المتنازع عليها، وكانت هذه أيضاً نقطة حاسمة بالنسبة إلى إسرائيل.
بحسب هذا البند، يضيف المسؤول إسرائيلي، وحتى توقيع اتفاق بين إسرائيل وشركة "توتال" الفرنسية بشأن التعويض المالي الذي ستحصل عليه إسرائيل من أرباح الغاز لن يبدأ الحفر في الجانب اللبناني.
وطالب اللبنانيون ببدء التنقيب عن الغاز بغض النظر عن الاتفاقات المبرمة بين إسرائيل وشركة "توتال"، وأن يكون لهم الحق في معارضة أي اتفاق بين إسرائيل و"توتال"، وهو أمر رفضته إسرائيل.
يشار إلى أن النسبة التي طالبت إسرائيل بالحصول عليها من الغاز الذي سيتم استخراجه تتراوح بين 15 و35 في المئة، إلغاء هذا الطلب وفق التعديلات اللبنانية سيخفض مليارات الدولارات التي تريد إسرائيل الحصول عليها كتعويض، فبحسب تقديرات وزارة المالية الإسرائيلية يوجد في الخزان 120 مليار متر مكعب من الغاز التي يبلغ ثمنها الإجمالي 20 مليار دولار.