لأكثر من عشر سنوات تشعر النساء الإيرانيات اللواتي يغامرن بالخروج من منازلهن ولو في مهمة بسيطة بالقلق خوفاً من مواجهة شرطة الأخلاق السيئة السمعة.
وتتعرض النساء اللواتي ينتهكن قواعد اللباس الصارمة في إيران لخطر اقتيادهن في واحدة من السيارات البيضاء والخضراء التابعة لهذه الوحدة لتلقي محاضرات حول كيفية ارتداء الحجاب أو حتى يضربن.
وقالت دنيا فرد البالغة 26 سنة التي تلقت إنذاراً فقط لوكالة الصحافة الفرنسية "أمسكوا بي بالقرب من محطة المترو لأنني ثقبت أنفي... لم أكن أرتدي ملابسي بشكل لائق" وفقاً لقواعد الآداب العامة الإيرانية في الأماكن العامة، وتؤكد هذه الناشطة التي تعيش الآن في قبرص "كان الأمر مخيفاً لأنني لم أكن معتادة على مثل هذا الموقف، كنت أبكي" في الشاحنة.
إنشاء شرطة الأخلاق
لكن الحظ لا يحالف عدداً كبيراً من الإيرانيات وواحدة منهن كانت مهسا أميني التي اعتقلتها شرطة الأخلاق في طهران في 16 سبتمبر (أيلول) وتوفيت بعد ثلاثة أيام عن 22 سنة، وأثار موتها موجة من الاحتجاجات أحرقت خلالها نساء النقاب.
ويؤكد ناشطون أن مهسا أميني قتلت بضربة على رأسها في حين ربطت السلطات وفاتها بمشكلات صحية ينفيها والداها.
وأصبح الحجاب إلزامياً في إيران بعد أربعة أعوام من الثورة عام 1979.
وأنشئت شرطة الأخلاق المعروفة باسم "جوريات الإرشاد" (غشتي ارشاد) في عهد الرئيس المحافظ المتشدد محمود أحمدي نجاد من أجل "نشر ثقافة اللياقة والحجاب" وتتألف من رجال يرتدون زياً أخضر ونساء يرتدين الشادور الأسود الذي يغطي الرأس والجزء العلوي من الجسم.
وبدأت هذه الوحدة أولى دورياتها عام 2006 وأصدر أفرادها بعد ذلك تحذيرات قبل أن يبدأوا بجلد واعتقال النساء في العام التالي.
وحدة الإرشاد
وتطور دور شرطة الأخلاق على مر السنين لكنه كان دائماً مثيراً للانقسام حتى بين المرشحين للرئاسة.
وفي عهد الرئيس المعتدل السابق حسن روحاني كان يمكن رؤية نساء يرتدين الجينز الضيق بحجابات ملونة. لكن في يوليو (تموز) الماضي دعا الرئيس المحافظ الذي خلفه إبراهيم رئيسي إلى حشد "جميع المؤسسات لتعزيز قانون الحجاب"، مؤكداً أن "أعداء إيران والإسلام يريدون تقويض القيم الثقافية والدينية للمجتمع عبر نشر الفساد".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى رغم ذلك استمر عدد كبير من النساء في تحدي هذه القواعد فتركن نقابهن ينزلق على أكتافهن أو يرتدين سراويل ضيقة، لا سيما في المدن الكبيرة.
وأنشئ تطبيق للهاتف المحمول يسمى "غيرشاد" عام 2016 للإبلاغ عن مكان وجود وحدة الإرشاد حتى تتمكن النساء من تجنبها.
وهذه الوحدة تهاجم عادة عدداً قليلاً من النساء من أجل "ترهيب وتخويف" الأخريات، كما يحلل الصحافي والناشط المقيم في الولايات المتحدة أوميد ميمريان، موضحاً أن "وفاة مهسا أميني تأتي بعد أشهر من إجبار النساء على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة".
روايات الإيرانيات
وخلال التظاهرات الأخيرة خلع عدد من الشابات الحجاب في الشوارع وهتفن "امرأة ، حياة، حرية" وأحياناً يواجهن قوات الأمن.
وتخشى كثيرات أن تقبض عليهن شرطة الأخلاق وكلهن يتذكرن القصص المروعة التي رواها أفراد العائلة أو الأصدقاء.
وتتذكر سيجل شهبازي (32 سنة)، إيرانية تعيش في قبرص اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق عندما كانت في الثامنة من عمرها وتهديدها بالسجن إذا لم ترتد الحجاب.
وقالت "كان الأمر مرعباً لأنني سمعت عما يمكن أن يحدث للنساء اللواتي يرسلن إلى السجن من تجربة والدتي".
ويمكن إرسال النساء اللواتي يعاقبن من قبل شرطة الأخلاق إلى مراكز إعادة التأهيل أو يتعرضن للضرب أو الجلد أو الاغتصاب أو حتى القتل.
وعلى رغم التقارير التي تفيد بأن شرطة الأخلاق اختفت من الشوارع خلال الاحتجاجات الأخيرة التي قادتها النساء، عززت قوات الأمن قبضتها عبر كاميرات مراقبة ومخبرين مجهولين، وتقول إيرانيات على وسائل التواصل الاجتماعي إنهن تلقين رسائل من الشرطة بعد قيادتهن لسياراتهن من دون حجاب وهي جريمة يعاقب عليها بغرامة أو بمصادرة السيارة.