أظهر بحث استقصائي جديد شمل معلمين من مختلف أنحاء إنجلترا، أن عدد الأطفال الذين يصلون جياعاً إلى المدارس، سجل ارتفاعاً كبيراً في الأشهر الستة الأخيرة. وقد أكد ذلك أكثر من 80 في المئة من المدرسين، استناداً إلى ما تمكنوا من رصده في المدارس التي يعملون فيها، مطلقين صرخة تنبيه إلى العواقب الوخيمة المحتملة التي ستترتب عن هذا الواقع. وكشفت الدراسة التي أجرتها وكالة "سورفايشن" Survation لمصلحة جمعية "طهاة في المدارس" Chefs in Schools، أن المعلمين تحدثوا عن أن 88 في المئة من الأطفال الذين يأتون جائعين، يظهرون إرهاقاً مفرطاً في المدارس، وأن 84 في المئة يتشتت انتباههم بسهولة في الفصل الدراسي، فيما يظهر نحو 74 في المئة سلوكاً مشاغباً.
هذه النتائج سلطت الضوء على أهمية الحملة التي كانت قد أطلقتها صحيفة "اندبندنت" لمواجهة الجوع بعنوان Feed the Future، بشراكة مع "مؤسسة الغذاء" Food Foundation ومع مجموعة من المنظمات الأخرى، لمناشدة رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس، أن تمول حكومتها تقديم وجبات مدرسية مجانية لجميع الأطفال الفقراء في إنجلترا. ويوجد في إنجلترا الآن قرابة 800 ألف تلميذ ينتمون إلى أسر مدرجة ضمن برنامج المساعدات الحكومية المعروفة بـ"الدعم الشامل، لكنهم غير مؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية، لأن دخل أسرهم يتجاوز بعد احتساب ضريبة الدخل (باستثناء المنافع)، عتبة الـ7,400 جنيه استرليني (نحو 8,362 دولاراً أميركياً) في السنة.
تأتي الدراسة في الوقت الذي تشير فيه "مؤسسة الغذاء" إلى ارتفاع معدل الانعدام في الأمن الغذائي بنسبة 50 في المئة، ما بين الأسر التي تعيل أطفالاً، وذلك منذ شهر إبريل (نيسان) هذه السنة، ما ينعكس سلباً على نحو أربعة ملايين طفل، ويسلط الضوء على الحاجة الملحة لأن يتلقى هؤلاء الأطفال وجبة غداء مدرسية. ويقول نحو 85 في المئة من المعلمين الذين شاركوا في الاستطلاع، إن الأطفال غير المؤهلين للحصول على وجبات مدرسية مجانية يحتاجون فعلاً لها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت العاملون في المدارس من مدراء ومدرسين وطهاة، إلى أن الوضع الذي يواجهه التلامذة في مختلف أنحاء البلاد هو "مفجع"، بحيث ذكر عدد من المعلمين أيضاً أن بعض الأطفال يلجأون إلى سرقة الطعام "بسبب الجوع والفقر". وفي الأسبوع الماضي، تبين من تحقيق مشترك أجرته صحيفتا "إيفنينغ ستاندارد" و"اندبندنت"، أن بعض الطلاب اليائسين يسرقون الطعام من متاجر السوبر ماركت المحلية، ومن كانتينات المدارس، لسد جوعهم.
وتعليقاً على نتائج البحث، قالت ليزا ويليامز مديرة مدرسة "راشي غرين الابتدائية" Rushey Green Primary في مدينة لويشام، لصحيفة "اندبندنت": "لم أر قط شيئاً من هذا القبيل طيلة حياتي المهنية. الوضع يزداد سوءا. فالأطفال يأتون إلى المدرسة جائعين، ولا يقوون على التركيز. إن رزمة الغداء التي يحملها بعضهم لا تحتوي إلا على شطيرة فارغة، أو على مجرد شريحة من الخبز. ومع اقترابنا من نهاية الشهر ونفاد المال في المنزل، غالباً ما يزداد الأمر سوءاً. إنه وضع مأسوي".
لوك كيمزلي رئيس الطهاة في المدرسة نفسها قال من جانبه إن "بعض الأطفال ليس لديهم ما يكفي من الطعام في علب الغداء الخاصة بهم، لكنهم يتظاهرون بخلاف ذلك، أو يبتعدون عن قاعة الطعام تفادياً لتعرضهم للإحراج أمام زملائهم".
نتائج الاستطلاع
81 في المئة من المعلمين قالوا إن عدد الأطفال الذين يأتون إلى المدارس جائعين ازداد في الأشهر الـستة الأخيرة.
88 في المئة أكدوا أن التلاميذ الجائعين يظهرون إرهاقاً مفرطاً في المدرسة.
84 في المئة أشاروا إلى أن التلامذة الجياع هم عرضةٌ لتشتت الانتباه بسهولة خلال الفصل الدراسي.
74 في المئة قالوا إن الأطفال الجياع يظهرون سلوكيات مشاغبة.
79 في المئة لفتوا إلى أن الأطفال الذين يحضرون رزمات غداء معهم، لا تكون فيها كميات كافية من الطعام.
85 في المئة أكدوا أن أطفالاً غير مؤهلين للحصول على وجبات مجانية هم في أمس الحاجة لها.
المصدر: استطلاع أجرته مؤسسة "سورفايشن" لحساب جمعية "طهاة في المدارس"، في شهر أغسطس (آب) الفائت، شمل 527 معلماً في إنجلترا
وقال أحد المعلمين لوكالة "سورفايشن" إن "الأطفال أصبحوا يأخذون الأطعمة من رزم غداء أطفال آخرين"، وأوضح معلم ثان أن "الأطفال يسرقون وجبات خفيفة من رفاقهم لأنهم جائعون. وليس من العدل أن يتم نعتهم بأنهم لصوص من جانب رفاقهم، عندما يكونون في صدد تلبية احتياجاتهم الأساسية". وقال معلم ثالث إن "الأطفال يسرقون الطعام من المطابخ والثلاجات في المدرسة، وبعضهم يختلسه من عبوات الغداء الخاصة بآخرين".
وأضاف المدرسون الذين شاركوا في الاستطلاع أن "الأطفال الذين لا يحصل أهاليهم على المساعدة المالية هم الأكثر معاناة".
في المقابل، كشفت دراسة منفصلة نشرت اليوم أيضاً وأجريت لحساب "جمعية لندن" London Assembly Labor، أن 250 ألف طفل في العاصمة البريطانية، باتوا يعيشون الآن في حال من انعدام الأمن الغذائي، بمستويات إما "منخفضة" أو "منخفضة للغاية"، بحيث باتت عائلات عدة "غير قادرة على شراء الضروريات الأساسية". ويدعو التقرير رئيس بلدية العاصمة البريطانية صادق خان إلى إنشاء "لجنة مكافحة جوع الأطفال" Child Hunger Commission في لندن، فيما يناشد الحكومة البريطانية اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة أزمة ارتفاع كلفة المعيشة، من خلال تقديم وجبات مدرسية مجانية تشمل جميع الأولاد في البلاد".
وأفادت آنا تايلور المديرة التنفيذية لـ "مؤسسة الغذاء" أخيراً: "إننا نعتزم مواصلة مسيرتنا لحض الحكومة على وضع هذه القضية في سلم أولوياتها. نريد أن يتحقق هدفنا المتمثل بتوسيع نطاق الوجبات المدرسية المجانية ليشمل أطفال الأسر المدرجة ضمن برنامج مساعدات "الدعم الشامل" الحكومي، وذلك لضمان حصول كل طفل على وجبة صحية ومغذية كل يوم على امتداد سنتهم الدارسية من جهة، وللتخفيف من وطأة بعض الضغوط المالية التي تواجهها موازنات العائلات من جهة أخرى".
© The Independent