في أول مقابلة تلفزيونية مع وسيلة إعلام أجنبية منذ توليها منصبها في عام 2019، أكدت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان، الثلاثاء 25 أكتوبر (تشرين الأول)، أن بلادها تدعم جهود إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لتقييم العلاقة بين الرياض وواشنطن.
وأقرت السفيرة السعودية في مقابلة مع مذيعة "سي أن أن"، بيكي أندرسون، بوجود خلاف بين السعودية والولايات المتحدة، إلا أنها قالت إنه "ليس خلافاً سياسياً، وإنما اقتصادي بحت"، مؤكدة أن العلاقة الممتدة بين الحليفين التاريخيين طوال 80 عاماً "متينة".
وعلى الرغم من أن إدارة بايدن روجت لإعادة تقييم العلاقة مع الرياض كرد للتعبير عن استيائها من قرار "أوبك +" تخفيض حصص إنتاج النفط، فإن الأميرة ريما رحبت بخطوة مراجعة العلاقة، بالنظر إلى التغييرات التي مرت بها السعودية طيلة السنوات الماضية. وقالت "أسمع كثيراً من الناس يتحدثون عن إصلاح أو مراجعة العلاقة مع السعودية، وأعتقد في الواقع أن هذا أمر إيجابي".
"أتواصل بانتظام مع إدارة بايدن"
ورفضت السفيرة السعودية اتهامات البيت الأبيض بأن الرياض تنحاز في صف روسيا، مشيرة إلى أن قرار "أوبك +" الذي أثار عاصفة انتقادات أميركية واسعة ضد السعودية، اتخذ بالإجماع إلى جانب 22 دولة. وشددت على أهمية دور بلادها كوسيط بين طرفي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقالت إن العلاقة مع روسيا ساعدت الرياض على تحرير 10 أسرى حرب من بينهم أميركيان اثنان.
ولفتت الأميرة ريما إلى الدعم الإنساني الذي قدمته السعودية لكييف بقيمة 400 مليون دولار، وتعاونها مع السلطات الأوكرانية والبولندية لتأمين وصول اللاجئين الأوكرانيين إلى بولندا، إضافة إلى تصويتها بالموافقة على قراري الأمم المتحدة اللذين نددا بالغزو والضم غير القانوني للأراضي الأوكرانية.
ورداً على سؤال حول تأثير قرار "أوبك+" والاتهامات الأميركية لقيادة المنظمة بأن قرارها يعود بالنفع على موسكو ويقلل من فعالية العقوبات الغربية عليها، قالت إن الأسواق ما زالت مستقرة، وأضافت "أتواصل بانتظام مع الإدارة الأميركية، وبصراحة، إنها إدارة أحترمها بشدة. ولدينا صلات ونتواصل بشكل مباشر، وهذه هي الطريقة التي يتواصل بها الشركاء مع بعضهم البعض".
ورحب البيت الأبيض، الثلاثاء 25 أكتوبر، بخطوات اتخذتها السعودية لمساعدة أوكرانيا.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيير للصحافيين "لاحظنا منذ قرار أوبك+ خفض الإنتاج" أن السعودية تعهدت بتقديم أربعة ملايين دولار لدعم إعادة الإعمار والاحتياجات الإنسانية لأوكرانيا.
الفصل التالي من الشراكة
السفيرة السعودية التي كتبت قبل أشهر بالتزامن مع زيارة الرئيس بايدن إلى السعودية في يوليو (تموز) الماضي، مقالة أعلنت فيها موت "نموذج النفط مقابل الأمن"، دعت مجدداً إلى عدم حصر أهمية العلاقة بين الرياض وواشنطن في احتياجات الطاقة والأمن، وقالت "علاقتنا أكبر من بيع الأسلحة وتبادل النفط".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأبدت الأميرة ريما تطلعها إلى تعاون أشمل بين السعودية والولايات المتحدة من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مع ضمان رصيد النفط. وقالت "نريد أن نمضي إلى الفصل التالي من الشراكة في مجال الطاقة النظيفة، لأن هذا هو المستقبل. وهذه الحجة حول أوبك اليوم تأتي لأن العالم متوتر، لكنها ليست محادثة المستقبل".
تعاملنا بنضج مع الخلاف
في سياق متصل، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في تعليقه عن توتر العلاقة بين بلاده والولايات المتحدة، إنهم في الرياض قرروا أن يكونوا "ناضجين" في تعاطيهم مع الخلاف. وأجاب على سؤال خلال جلسة في مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، الثلاثاء، عن كيف تتعامل بلاده مع التوتر، قائلاً "لقد قررنا أن نكون ناضجين في العلاقة، وأن نجعل الأمور تسير في سياقها".
وأضاف الوزير السعودي في حديثه عن أزمة الطاقة الحالية "هذه هي الأزمة الأخطر بعد أزمة كورونا"، مؤكداً أن الأزمة بدأت قبل ستة أشهر من بداية الحرب في أوكرانيا. وأن عدم التعامل المبكر في أزمتي 2008 و2010 الاقتصاديتين هو سبب الضرر، لذلك قررت الرياض التعامل بشكل سريع.
وفيما تتهم إدارة بايدن الرياض بدفعها "أوبك+" إلى بناء قرارها على دوافع سياسية تستهدف الولايات المتحدة وتخدم روسيا، رفض المسؤولون السعوديون تلك الاتهامات، وقالت وزارة الخارجية السعودية، الخميس 13 أكتوبر، إن "مخرجات اجتماعات (أوبك+) يتم تبنيها من خلال التوافق الجماعي بين الدول الأعضاء ولا تنفرد فيها دولة من دون بقية الدول الأعضاء".
وذكرت شبكة "أن بي سي" الأسبوع الماضي، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، أن إدارة بايدن بحثت حث الشركات الأميركية على عدم تعزيز علاقاتها التجارية مع السعودية في محاولة لتغيير موقفها من خفض حصص إنتاج النفط، إلا أن تلك الخطوة كانت متأخرة بحسب الشبكة الأميركية، ولم تثنِ قادة الشركات الأميركية عن حضور مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" الذي تنظمه السعودية للإعلان عن مشاريعها الكبرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية.
اجتماع "أوبك" المقبل
ووصف مسؤول أميركي، في وقت سابق، اجتماع "أوبك+" المقبل بأنه سيكون "اختباراً مهماً" أمام العلاقات السعودية- الأميركية، وذكر في حديث لشبكة "أن بي سي" بأن "نتيجة اجتماع ديسمبر (كانون الأول) ستكون محورية لمستقبل العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية".
ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الوزاري الـ34 لمجموعة "أوبك+" في 4 ديسمبر، أي اليوم الذي يسبق دخول حزمة عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا حيز التنفيذ وستشمل الحزمة حظراً جزئياً على النفط الروسي وحظراً على استيراد النفط الخام الروسي من البحر.