Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إعادة قسرية للاجئين سوريين من تركيا تثير حفيظة منظمات حقوقية

يحظر عودة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطراً حقيقياً بالاضطهاد أو التعذيب

احتجاز تعسفي تعرض له مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين (اندبندنت عربية)

تقرع تركيا "أجراس العودة" في وجه اللاجئين السوريين إيذاناً برحلة العودة إلى بلادهم عقب إقامة ناهزت 11 سنة، ومهما بدا بريق الحديث شبه اليومي عن إعادتهم وربط ذلك ببرامج محفزة لا سيما مساعي حكومة أنقرة بإقامة مدينة كاملة في الشمال السوري لتوطين مليون لاجئ، فهي لا تبدو مشجعة بما فيه الكفاية.

ترحيل قسري لقاصرين

هذا التحفيز لا يجدي نفعاً بالنسبة لمن فر باحثاً عن نعمة الأمان المفقودة في بلد عاش نزاعاً مسلحاً داخلياً، ولعل العودة بالنسبة له ترتبط بتوفير ضمانات آمنة بحسب ما يطرحه المجتمع الدولي، لكن الوقائع على الأرض تتسارع من عودة طوعية إلى قسرية بحكم ارتفاع وتيرة الخطاب العنصري للأحزاب المعارضة التي تطالب بإجلاء اللاجئين.

واللافت ما كشفه تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" عن احتجاز تعسفي تعرض له مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين وإعادتهم إلى سوريا بالفترة الممتدة من فبراير (شباط) إلى يوليو (تموز) 2022.
وقالت الباحثة في حقوق اللاجئين في المنظمة، نادية هاردمان "في انتهاك للقانون الدولي، اعتقلت السلطات التركية مئات اللاجئين السوريين، حتى الأطفال غير المصحوبين بذويهم وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الالتزام بالمواثيق على المحك

وذكر التقرير الصادر، أخيراً، عن منظمة تعنى بحقوق الإنسان، أن هذه العمليات تمثل نقيضاً صارخاً لسجل تركيا السخي كدولة استضافت عدداً من اللاجئين فقد بلغ عددهم 3.6 مليون لاجئ أي أكثر من أي دولة أخرى في العالم بنحو أربعة أضعاف مما استضافته دول الاتحاد الأوروبي بأكملها، التي قدمت في المقابل مليارات الدولارات في هذه القضية.

من المعلوم أن تركيا ملزمة بموجب المعاهدات والمواثيق الدولية احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، ويحظر إعادة أي شخص إلى مكان قد يواجه فيه خطراً حقيقياً بالاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة، بينما يحاول السوريون في الداخل شد رحال النزوح إلى بلاد أوروبية عن طريق تركيا بعد سوء الأوضاع المعيشية والاقتصادية وتدهورها، ويعيش 90 في المئة من السوريين تحت خط الفقر وفق إحصائيات أممية.

في الوقت الذي أفردت المنظمة الحقوقية روايات 37 شخصاً ممن رحلوا إلى شمال سوريا، قال شهود عيان منهم إنهم رأوا مسؤولين أتراكاً يضربون رجالاً رفضوا التوقيع في البداية على استمارة العودة لبلادهم.
ونقل المبعدون إلى الحدود من مراكز الترحيل، أحياناً في رحلات تصل إلى 21 ساعة مكبلي الأيدي طوال الطريق بحسب روايتهم وسطرت المنظمة تصريح رجل من مدينة حلب عمره 26 عاماً قال مسؤول تركي له "سنطلق النار على أي شخص يحاول العودة".
دوائر الهجرة وبطاقة الكمليك
في المقابل، ناشد رئيس رابطة اللاجئين السوريين في تركيا مضر الأسعد دوائر الهجرة بالتريث حول ما يخص إجراءات الترحيل، موضحاً أن "الرابطة تتواصل مع المعنيين لحل ما أمكن أوضاع اللاجئين ولعلنا أسهمنا بحل عدة قضايا بعد تفهم دوائر الهجرة لبعض الحالات وإيقاف ترحيل بعضهم".
 
 
ولا يخفي رئيس الرابطة، جهل بعض المقيمين بالبلد المضيف بحكم اللغة، علاوة على عدم اطلاعهم على قوانين الإقامة والدراسة وأذون العمل، وحيازة بطاقة الكمليك أو ما يعرف بـ"آفاد" وهي بطاقة تمنحها السلطات للسوريين الداخلين على أراضيها كبطاقة تعريف يحصلون على خدمات صحية وعلاجية وتعليمية وغيرها.
وكما يرغب من إدارة الهجرة إعطاء الكمليك لكل سوري بتركيا من أجل معرفة من يقطن فيها من غيرهم ومعرفة اتجاهاتهم المختلفة لا سيما أن الأراضي التركية هي مناطق عبور للهجرة نحو أوروبا.
وأردف "لا بد من الإسراع بإعطاء بطاقة الكمليك للأطفال والنساء ممن لم يحصلن عليها وأبناؤهن لأغراض إنسانية وعاجلة بغية دخول المشافي والمدارس وهو أمر إنساني بحت بل من الضروري كل من يولد في البلد أن يمنح الإقامة".
دولة ثالثة آمنة
في سياق متصل، ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من جانبها في يونيو (حزيران) الماضي، عن عودة طوعية لـ15,149 لاجئاً سورياً، وعلى الرغم من ذلك طالبت الباحثة في منظمة حقوق الإنسان، هاردمان الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء الاعتراف بأن تركيا لا تفي بالمعايير المتعلقة بدولة ثالثة آمنة، وأن يعلق تمويله لاحتجاز المهاجرين، ومراقبة الحدود إلى أن تتوقف عمليات الترحيل القسري".
من جهته رد رئيس دائرة الهجرة في وزارة الداخلية التركية صواش أونلو، برسالة إلى منظمة "هيومن رايتس ووتش" في 21 أكتوبر (تشرين الأول) في شأن نتائج تقريرها رافضاً ما توصلت إليه ووصفها بالمزاعم. وقال إن بلاده "تقوم بإدارة الهجرة بما يتماشى مع القانون المحلي والدولي".

ضغوط سياسية من المعارضة

في سياق متصل، يحزم السوريون أمتعتهم لتوقعهم الرحيل عاجلاً أم آجلاً مع اشتداد وطيس التحضيرات للانتخابات التركية عام 2023 وضغط الشارع المعارض لإبعاد اللاجئين من البلاد، في الوقت الذي أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مايو (أيار) 2022 عما أفادت به دراسات أظهرت عدد اللاجئين المستعدين للعودة الطوعية إلى أكثر من مليون بكثير.

ويرى رئيس رابطة اللاجئين السوريين مضر الأسعد أن الإجراءات التي أقدمت عليها أنقرة انعكست سلباً على بعض اللاجئين وهي إجراءات جعلت كثيراً من اللاجئين يقدمون على مخالفة بعض الأنظمة والقوانين وترحيل أعداد منهم وعملية الترحيل شملت بعض الناس الجيدين والأبرياء والذين أعيدوا مجدداً".
يبدو الترحيل مهما كان نوعه طوعياً أو قسرياً إلا أنه بات أمراً حتمياً لا سيما مساعي أنقرة على إنشاء مشاريع بناء 200 ألف وحدة سكنية في 13 منطقة في الشمال السوري يمكن أن يقطن بها مليون شخص بتمويل من منظمات إغاثية وهذا ما سيسرع العودة إلى الوطن.
اقرأ المزيد

المزيد من متابعات