في 2019، في غمرة ما لا يسعني أن أصفه إلا بانهيار عصبي، شخّص الأطباء إصابتي بالقلق والاكتئاب، وتوقفت عن العمل، ووصف لي الطبيب دواء مضاداً للاكتئاب يسمى "سيرترالين" sertraline. لما كنت في حالة عقلية ونفسية يائسة، لم تشغلني مسألة الآثار الجانبية المحتملة لهذا العقار ولم أطرح أي أسئلة بشأنها. بل قصدت الصيدلية مباشرة لأبتاع "حبوب السعادة" الجديدة تلك، وشرعت في تناولها في اليوم التالي. وقد أجدت نفعاً من دون شك. فارقني بعض أعراض القلق، من بينها نوبات الهلع، والحالات المزاجية السيئة، وفقدان الطاقة. غير أني لم أكن مستعدة لأحد أكبر الآثار الجانبية: زيادة الوزن.
في أوائل العشرينيات من عمري، علماً أنني أبلغ من العمر الآن 31 سنة، كابدت اضطراب الأكل. بحلول 2019، وصلت أخيراً إلى مرحلة شعرت فيها بالرضا عن جسدي ونعمت بثمار جنيتها من المواظبة على نظام غذائي متوازن. مارست تمارين رفع الأثقال. استمتعت في صالة الألعاب الرياضية. لم أعد أشعر بالحاجة إلى الحد من الطعام الذي استهلكه. لكن "سيرترالين" قلب ما حققته رأساً على عقب. في غضون ستة أشهر من البدء في تناوله، استعدت الكيلوغرامات التي خسرتها. لم تكن الملابس تناسب جسدي كذلك، على رغم أني لم أدخل أي تغييرات على حميتي الغذائية أو أسلوب حياتي أو حتى نظامي من التمارين الرياضية. الآن، بعد ثلاث سنوات على العلاج بالـ"سيرترالين"، زاد وزني 12.7 كيلو أكثر مما كان في السابق. أنزل بي هذا التحول انتكاسة كبيرة.
في الحقيقة، تغير مضادات الاكتئاب حياة المرء. بالنسبة إلى كثيرين، تنتشلهم هذه العقاقير من الموت والضياع. ولا ينبغي أن تكون زيادة الوزن المحتملة نتيجة تناول أدوية ضرورية أمراً منفراً أو عاملاً وازناً في طلب المساعدة والإرشاد من الطبيب. بالنسبة إلي تحديداً، كوني أكبر حجماً ليس المشكلة. وغني عن القول إن وزنك الزائد ليس النقطة الأهم هنا، وقطعاً ليس شيئاً سلبياً. ولكن الإحساس بالانتقال من حالة نفسية غير سليمة إلى أخرى كان قاسياً جداً بالنسبة إلي. العجز عن السيطرة على التغيرات الجسدية كان بمثابة صراع عقلي، وصراحة، كان محبطاً حقاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وجدت دراسة أميركية نهض بها "المستشفى العام للطب النفسي" عام 2015 أنه في غضون فترة زمنية تتراوح بين ستة و36 شهراً، ازداد وزن 55 في المئة من المرضى الذين يتناولون الأدوية المضادة للاكتئاب. لفترة من الوقت تقبلت زيادة الوزن، إذ شعرت أن فوائد مضادات الاكتئاب تستحق ذلك. ولكن مع مرور الوقت، أدى اكتساب الوزن- وحقيقة أنني أجد صعوبة كبيرة الآن في فقدانه- إلى تدهور صحتي العقلية والنفسية.
الان، تدمرت علاقتي بجسدي تماماً. ليست هذه مسألة غرور، ولكنها مفجعة نظراً إلى المعركة التي خضتها للتغلب على اضطراب الأكل. لقد تبدلت حالي من الشعور بالراحة والرضا والثقة إلى الخجل والتوتر بشأن شخصيتي.
الجزء الصعب في هذا السيناريو أن زيادة الوزن تبطل غالباً فوائد تناول مضادات الاكتئاب في المقام الأول. كذلك من الصعب أحياناً أن يؤخذ على محمل الجد إذا تطرقت إليه باعتباره أحد الأعراض الجانبية الخطيرة. عندما تحدثت إلى طبيبي حول الكيلوغرامات الزائدة التي اكتسبتها نتيجة تناول "سيرترالين"، قال لي إن مردّها حتماً إلى تغيير في نمط الحياة، مع العلم أني أشرت إلى أن شيئاً لم يتغير في طريقة عيشي.
لن أترك نفسي تعود إلى تلك الحال مجدداً
في رأي سكوت ماكدوغال، صيدلاني وأحد مؤسسي "اندبندنت فارمسي" Independent Pharmacy، "لا بد من أن يكون الهدف الأساسي من تناول مضادات الاكتئاب تحسين صحتك العقلية والنفسية". ولكن العلاقة بين الوزن والصحة العقلية والنفسية قوية جداً، لذا ينبغي أن تخضع كل وصفة طبية للتقييم. إذا كانت زيادة الوزن أحد الآثار الجانبية غير المرغوب فيها، فقد تبطئ عجلة التحسن لدى بعض المرضى. أو، في الحالات الشديدة، قد تفاقم وضعهم [وتزيده سوءاً]، ذلك أن الصحة العقلية ونظيرتها الجسدية مترابطتان جداً".
هذه الحال تترك بعض مستخدمي "سيرترالين"، من أمثالي، في وضع متناقض تماماً. إذا كان الهدف من مضادات الاكتئاب مكافحة الأمراض العقلية والنفسية، ولكنها في الوقت عينه تثير اختلافات جسدية تضرّ بدورها في حالتك العقلية والنفسية، فما الحل إذاً؟ وفق الدكتور حسين أحمد من صيدلية "كليك 2 فارمسي" Click2Pharmacy التابعة لـ"هيئة الخدمات الصحية الوطنية"، "لعله من الأفضل التحدث إلى طبيبك بشأن اللجوء إلى مضادات اكتئاب مختلفة تكون أكثر نفعاً لك. يمثل "إسيتالوبرام" escitalopram أحد البدائل الشائعة لـ"سيرترالين"، ويبقى احتمال تسببه في زيادة الوزن ضئيلاً. يُباع هذا الدواء عادةً بالاسمين التجاريين "ليكسابرو" Lexapro و"سيبرالكس" Cipralex.
شخصياً، أدين بالكثير لمضادات الاكتئاب. لا ريب أنها ساعدتني في الخروج مما بدا لي نفقاً أسود. بيد أن عدم القدرة على التحكم في وزني صار أكبر من طاقتي على التحمل عقلياً ونفسياً، نظراً إلى تجربتي السابقة مع اضطراب الأكل. وفي وقت سابق من العام الحالي، ساءت الأمور إلى حد أنني كنت على وشك اتباع حمية غذائية مقيدة غير صحية كما أعرف، في محاولة يائسة مني لفقدان الوزن. ببساطة، لن أترك نفسي تعود إلى تلك الحال مجدداً.
مستعينة بأحد الأطباء، أقلع الآن عن تناول حبوب "سيرترالين" وأخضع عوض ذلك لعلاج نفسي. يحدوني أمل في أن يساعدني هذا الاتجاه، بمرور الوقت، في التغلب على قلقي. لا أعرف ما إذا كنت سأخسر الكيلوغرامات التي اكتسبتها بمجرد خروج "السيرترالين" من جسمي، وسألجأ إلى دواء مختلف في المستقبل عند الضرورة، ولكني سأحرص على طرح أسئلة كثيرة حول تأثيراته الجانبية.
لأي شخص يكابد مشكلات تطرقت إليها هذه المقالة، يتلقى خط المساعدة الخاص بالمنظمة الخيرية البريطانية "بيت" Beat المعنية باضطراب الأكل الاتصالات على مدى 365 يوماً في السنة على الرقم 0808 801 0677 في المملكة المتحدة. يقدم المركز الطبي لاضطرابات الأكل المعلومات والموارد والاستشارات لمن يعانون عادات غذائية غير طبيعية، بالإضافة إلى شبكات الدعم الخاصة بهم. للحصول على التفاصيل، تفضل بزيارة "إيتينغ- ديسأوردز دوت أورغ دوت يو كي" eating-disorders.org.uk أو اتصل بالرقم 0845 838 2040 في المملكة المتحدة.
كذلك يسعك الاتصال بالمنظمات التالية للحصول على الدعم "أكشن أون أديكشن دوت أورغ دوت يو كي"actiononaddiction.org.uk ، "مايند دوت أورغ دوت يو كي" mind.org.uk، "أن أتش أس دوت يو كي"/ ليف ويل/منتل هيلث" nhs.uk/livewell/mentalhealth، أو "منتل هيلث دوت أورغ دوت يو كي" mentalhealth.org.uk.
الأجدر بك أن تتواصل مع طبيبك أو الاختصاصي قبل إجراء أي تغيرات على أدويتك.
© The Independent