تزامناً مع الانتخابات التشريعية قررت نقابة الإعلام، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، الدخول في إضراب عام يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، من أجل مطالب مهنية واجتماعية.
التحرك رآه نقابيون وبعض المراقبين حقاً من أجل تطبيق اتفاق سابق بين الحكومة والنقابة، فيما نظر إليه آخرون على أنه حق أريد به باطل له أهداف سياسية من أجل لي ذراع السلطة في تونس.
يشار إلى أن المكتب التنفيذي الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل أعلن عن تنفيذ إضراب عام مركزي وجهوي في كل المصالح التابعة لمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين يومي السبت والأحد 17 و18 ديسمبر الحالي.
وقال المكتب التنفيذي، إن القرار جاء من أجل إصدار الأمر الخاص بتنقيح النظام الأساسي لمؤسستي الإذاعة والتلفزة التونسيتين، وفق اتفاق 28 يونيو (حزيران) 2021 الذي تم توقيعه بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية.
وأضاف المكتب التنفيذي، في بيان، أنه على الرغم من جلسات الحوار المتعددة والاتفاق مع الطرف الإداري بخصوص تنقيح النظام الأساسي للمؤسستين ووروده لدى مصالح رئاسة الحكومة منذ أكثر من سنة لم تتم الاستجابة إلى المطلب المشروع للأعوان في المؤسستين.
الضغط على الحكومة
الكاتب العام لنقابة الإعلام بالاتحاد العام التونسي للشغل محمد السعيدي قال إنه "على الرغم من كل المحاولات وجلسات التفاوض بين النقابة والحكومة منذ توقيع الاتفاق بين الطرفين قبل سنة ونصف السنة، فإن الحكومة تماطل في إصدار الأمر الخاص بالتنقيح، تهرباً من تنفيذ الاتفاق".
وأضاف السعيدي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "لهذا دعونا كل الزملاء بمؤسستي الإذاعة والتلفزة للاستعداد الجيد لتنفيذ إضراب يومي 17 و18 ديسمبر، دفاعاً عن صدقية التفاوض وتطبيق الاتفاقيات"، بحسب تعبيره.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبخصوص اتهامات البعض بأن تزامن تنفيذ الإضراب مع موعد الانتخابات له أهداف سياسية، أوضح السعيدي "نحن أحرار في اختيار الوقت ما دمنا على حق"، مستدركاً "هذه المواعيد الانتخابية لا نعيشها يومياً، بالتالي يجب استغلالها لمزيد من الضغط على الحكومة من أجل تحقيق مطالبنا الشرعية وتطبيق الاتفاق بيننا".
من جهته، يعتبر الصحافي أيمن الزمالي "القرار صادراً عن المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، وليس عن هياكله المعنية بالشأن الإعلامي، ما يؤكد عودة الأزمة وتنافر تقدير إدارة الشأن الاجتماعي والاقتصادي بين الحكومة والمنظمة الشغيلة".
ويرى الزمالي أن اتخاذ قرار الإضراب ليومي 17 و18 ديسمبر من قبل القيادة النقابية، وهو التاريخ الذي يتزامن مع تنظيم الانتخابات التشريعية بالبلاد، بمثابة رسالة مضمونة الوصول. ويؤكد عدم رضا الاتحاد عن التوجهات العامة التي تنتهجها السلطة، وعلى رأسها رئيس الجمهورية قيس سعيد".
وأشار إلى أن اتخاذ القرار يؤكد أن ملف إصلاح المؤسسات العمومية عامة، الذي يرى اتحاد الشغل أن الحكومة تعمل على الإسراع في اتخاذ تدابير قانونية وأخرى مالية تتعلق به، لا يمكن أن يقتنع الاتحاد بالمضي فيه من دون استشارته كشريك اجتماعي دأب على الحوار في مثل هذه المسائل مع صانعي القرار منذ سنوات".
تحسين ظروف التفاوض
وقال الزمالي إن "هذه الخطوة يراد منها وضع السلطة في مأزق بين أن تستجيب لاتحاد الشغل وتجلس معه على طاولة الحوار، لا بخصوص مؤسستي الإذاعة والتلفزة الوطنية فقط، وبين أن تدخل مؤسستا الإذاعة والتلفزة في حالة شلل وإضراب أيام الذروة الانتخابية وما يمثله ذلك من مس من صورة البلاد ومن إرباك للسلطة الحالية".
وفي انتظار تفاعل الحكومة مع هذه الخطوة، التفاعل المنتظر والقريب، أشار الزمالي إلى أن "رسالة اتحاد الشغل واضحة وشديدة النبرة، تبين أن لهذه المنظمة الشغيلة أسلحة كثيرة يمكن أن تستعملها، وتقاطعات كثيرة مع قطاعات حيوية بالبلاد، كالإعلام ومؤسساته، ما يمكن هذه المنظمة من تحسين شروط التفاوض وضمان إذعان السلطة وذهابها لطاولة الحوار"، لافتاً إلى أن القرار يعكس أيضاً "خبرة وقدرة اتحاد الشغل في العمل النقابي والتفاوضي وقراءة كل السيناريوهات الممكنة لضمان الاستجابة لمطالبة النقابية".
ويعتقد الزمالي أن "سخونة الجو بين اتحاد الشغل واستعراضه لقدراته، وعدم مبالاة الحكومة بوعيد الاتحاد المتصاعد منذ أسابيع، لن يطول كثيراً، وأن المفاوضات تقترب من انطلاقها بخصوص إصلاح المؤسسات العمومية، والبحث عن سبل تقريب وجهات النظر، حتى وإن انطلق ذلك بمناسبة الاستجابة لمطلب تنقيح القوانين الأساسية لمؤسستي الإذاعة والتلفزة الوطنية".
جدير بالذكر أن بعض الصحافيين داخل مؤسستي الإذاعة والتلفزة العموميتين يعتقدون أن النقابة الأساسية للإعلام لها غايات سياسية ومصالح خاصة وراء هذا الإضراب العام، بينما يرى آخرون أن الإضراب غير مهني وغير شرعي، معتبرين أن المعلومة من حق المواطن، خصوصاً إذا تعلقت بحدث بارز على غرار الانتخابات.