أدت موجة البرودة الشديدة وتساقط الثلوج في دول غرب ووسط أوروبا بما فيها بريطانيا إلى اضطراب حركة النقل والمواصلات وتعطل جزئي في المطارات بسبب الثلوج. وتتوقع هيئات الأرصاد الجوية استمرار الموجة الباردة في شمال وغرب ووسط أوروبا حتى نهاية الأسبوع، مع انخفاض درجات الحرارة بأكثر من خمس درجات عن معدلاتها الطبيعية في مثل هذا الوقت من العام.
ومع أن الشتاء يبدأ رسمياً بعد أيام، إلا أن موجة البرد القارس وهطول الثلوج جعلا ملايين في أوروبا وبريطانيا يشعرون أن الشتاء أتى مبكراً عن موعده. وانخفضت درجات الحرارة الأحد بشدة ولم ترتفع في نهار الإثنين فوق درجات التجمد. ووصل الانخفاض إلى 15- درجة مئوية تحت الصفر في اسكتلندا ببريطانيا وإلى نحو 23- درجة مئوية تحت الصفر في الدول الإسكندنافية.
وصباح الإثنين أظهرت شاشات رحلات الطائرات في أغلب مطارات بريطانيا إلغاء رحلات وتأخير لفترات طويلة في الرحلات الأخرى، بخاصة إلى دول أوروبا. ربما ليس فقط بسبب الثلوج والطقس السيئ في بريطانيا فحسب، بل أيضاً في مطارات وجهات الرجلات المنطقة من بريطانيا.
وكان مطارا "غاتويك" و"ستانستيد" قرب العاصمة لندن أغلقا ممرات الطائرات تماماً الأحد، وعادت بعض الرحلات للانطلاق صباح الإثنين لكن مع ساعات تأخير طويلة ولا يعرف بعد إن كانت بعض الرحلات ستغادر أم لا. وألغيت أكثر من 50 رحلة من مطار هيثرو الأحد. وما زالت تبعات ذلك الاضطراب مستمرة الإثنين.
البرد من روسيا
من المفارقات المثيرة أن موجة البرد الشديدة التي تضرب أوروبا منذ يوم الأحد وتستمر لأيام تأتي نتيجة استمرار تجمع الضغط الجوي المنخفض فوق غرب روسيا. وحتى لا يذهب التفسير بعيداً، تشير كل تحليلات الأرصاد الجوية إلى أن موجة الصقيع ناتجة من تجمع الضغط الجوي أساساً فوق غرينلاند نتيجة اختلال طبقة ضعيفة من الغلاف الجوي فوق القطب الشمالي. وتحمل الرياح الشمالية تلك البرودة القطبية جنوباً.
ويتوقع خبراء الأرصاد أن تأخذ تلك الطبقة الجوية في التماسك خلال أيام مما يعني تراجع موجة برد الصقيع مع دفع تيارات الضغط المنخفض إلى غرب بريطانيا، أي فوق المحيط الأطلسي. ويتوقع أن تعود درجات الحرارة في أوروبا الغربية إلى معدلاتها الطبيعية في مثل هذا الوقت من العام مع نهاية هذا الأسبوع. إلا أن موجة البرد القارس ستستمر في وسط وشمال أوروبا أياماً عدة أكثر من ذلك.
وفي بولندا، أدى سقوط الثلوج إلى فوضى في حركة المرور وتعطل المواصلات في أنحاء مختلفة من البلاد. وأصدرت السلطات البولندية تحذيرات من انهيارات ثلجية في المناطق المرتفعة والمكشوفة من البلاد. وفي منطقة كوبا كوندراكا تمكن المتطوعون للإنقاذ في الجبال من انتشال ثلاثة أشخاص دفنوا تحت انهيار ثلجي.
ومع استمرار تحذيرات هيئات الأرصاد الجوية في بريطانيا من استمرار الموجة الباردة لعدة أيام، لم يقتصر الاضطراب والفوضى على المطارات بل طاول شبكة المواصلات بينما تستعد شبكة الكهرباء البريطانية لإجراءات الطوارئ مع زيادة الضغط عليها لارتفاع معدلات استهلاك الطاقة للتدفئة.
وتشهد حركة القطارات في بريطانيا تأخيراً طويلاً نتيجة تعطل بعض الخطوط مع تكرار الحوادث نتيجة تراكم الثلوج على خطوط السكك الحديد. كما ذكرت شركات الانقاذ لليارات أن الابلاغ عن الأعطال على الطرق زاد بنسبة 25 في المئة.
وتعطلت بالفعل نسبة 11 في المئة من الملاحة الجوية في بريطانيا في الساعات الماضية، مع إلغاء 316 رحلة طيران من هيثرو وغاتويكومانشستر وستانستيد وغلاسغو وبلفاست وبريستول. وأدى ذلك إلى تعطل سفر كثيرين في وقت تشهد فيه الطرق في أنحاء البلاد ازدحاماً مرورياً نتيجة الأعطال. واستمع البريطانيون إلى نصائح متكررة بتجنب الانتقال والسفر في تلك الأجواء إلا للضرورة القصوى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الطاقة من فرنسا
وفي فرنسا، أصدرت سلطات الأرصاد الجوية تحذيرات من استمرار الطقس القارس وسقوط الثلوج في وسط وجنوب غربي البلاد والضباب البارد الكثيف شمال شرقي البلاد. وتمكنت شبكة الطاقة الفرنسية من إعادة ثلاث محطات طاقة تعمل بالمفاعلات النووية إلى العمل بعد أعطال أوقفت كثيراً من محطات الطاقة النووية.
لكن شبكة توليد الطاقة من المصادر النووية ما زالت تعاني تعطل عدد من المفاعلات وخضوع أخرى للصيانة. وذكرت شركة "آر اي إي" التي تدير الشبكة الفرنسية الإثنين أن المحطات المعطلة لن تعود للعمل قبل شهر.
ويشكل ذلك ضغطاً هائلاً على إمدادات الطاقة ليس في فرنسا وحدها، بل في دول أوروبية مثل ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا التي تحصل على الطاقة من شركة "آر تي إي" الفرنسية. واقترحت الشركة الفرنسية خفض إمدادات الطاقة إلى بريطانيا عبر الكابلات البحرية للربط التبادلي، وذلك كي تتمكن من الوفاء بالاحتياجات المحلية المتصاعدة نتيجة موجة البرد القارس.
ومع بداية تعاملات الأسبوع صباح الإثنين ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية تحسباً لزيادة الطلب على الطاقة لمواجهة الهبوط الشدديد في درجات الحرارة. وتستعد بريطانيا لتشغيل محطات توليد طاقة تعمل بالفحم لسد النقص في الإمدادات.